الأحد، 20 أغسطس 2023

الأحمدية والإنڰليز

  شبهة غبية

من سوء حظ من عارض الجماعة الإسلامية الأحمدية بما شاع كذبًا بأن إمام هذه الجماعة حضرة المسيح الموعود الإمام المهدي مرزا غلام أحمد عليه السلام ما هو إلا صنيعة الاستعمار البريطاني في الهند! متغافلين جهلًا أو قصدًا أن الاستعمار البريطاني لو كان صانعًا عميلًا من هذا النوع لكان محرضًا ومؤهلًا له لتكون دعوته مقتصرة على كونه الإمام المهدي وكفى، لا ليكون مسيحًا موعودًا أولًا قبل أن يكون إمامًا مهديًا، فترى الجاهل يروج هذا الأمر ومنتشيًا بجهله!

إن المسيحيين أيضًا ينتظرون قدوم المسيح ولكن بأن يأتي منهم ليقيم الدين المسيحي ويدين الأمم بحسب كتابهم المقدس، فبالله كيف يُقدِم البريطانيين وهم رؤساء وأتباع الكنيسة الأنجليكانية على صناعة شخص والإيعاز إليه لكي يقوم بهدم عقيدتهم من أصولها؟! هل في أدمغة صانعي هذه الشبهة مُخ يصور لهم هذا الكلام؟! أشك..

لقد ادّعى كثيرين على مر الزمان أنهم المهدي المنتظر، وحتى في وقت الاحتلال الإنجليزي لبلادهم هناك من ادعوا بهذا الادعاء، ولكن لم يفكر ولا واحد من هؤلاء أن يذكر بأنه هو المسيح الموعود أيضًا! لم يدّعي هذا الادعاء الثنائي مسيحًا موعودًا وإمامًا مهديًا معًا إلا شخص واحد فقط من بين كل الأدعياء، هو حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام، وما كان ذلك من عند نفسه إنما مصداقًا لقول النبي ﷺ: «وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ».

إذن فالمروج لفكرة صنيعة الاستعمار هذه فضلًا عن أنه غبي لأنه يردد دون وعي، فهو جاهل أيضًا ويفخر بجهله المُخجل لأنه لا يعلم ويردد دون علم، وربما يُصر عليه أيضًا بعد قراءة هذا الكلام! فإذا صوبنا له معلوماته أخذته العزة بالإثم..

طيب لماذا تركه البريطانيين؟!!

لم يكن إعلان حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام بأنه مسيحًا موعودًا ومهديًا معهودًا قائم على شيء من هوى البريطانيين لأنه ببساطة أمر يخالف عقيدتهم بل ويهدمها هدمًا ويقوض من أعمالهم التبشيرية للمسيحية التي هم عليها، غير أن السلطات البريطانية لاعتزازهم واحترامهم لمبدأ إنساني هام بالنسبة لهم وهو حرية الضمير والمعتقد لم يتعرضوا له مباشرة، وقد كان ما يهمهم بشكل أولى المصلحة الاقتصادية والعمل على استتباب الأمن في سبيل تلك المصلحة. إلا أن الأغبياء من المسلمين المعاندين قاوموه وعادوه بغير سبب مقنع، بل اتبعوا اهواءهم واخترعوا ادعاءهم الغبي فوق غباءهم المحض فقالوا بأن البريطان هم من صنعوه!

تعارض التهم

والجدير بالذكر أن الاتهامات الموجهة لحضرة المسيح الموعود بالعمالة لصالح الإنجليز ضد بني وطنه إنما كانت بعد وفاته وبعد استقلال الهند، أما أثناء حياته ووقت وجود الإنجليز فقد كان حضرة المسيح الموعود متهمًا من المشايخ بمعاداة الإنجليز ومحرضًا للناس ضدهم!

فيا أعزائي، نحن نعلم جميعًا بأنه عندما تتعارض التُهم فالمُتهم بريء. فلقد كان المشايخ المعارضين لحضرة المسيح الموعود دائمًا ما يوشون ضده افتراءً عند الحكومة الإنجليزية؛ بأنه كان يعمل ضدها.. وعندما رحل الإنجليز عن الهند تحولت التُهمة إلى أنه كان عميلًا للإنجليز!

ولا شك أن هناك أغبياء يصدقون التهمتين معًا! فقد انتقل الخُبث من الآباء إلى الأحفاد بكل بساطة. والخبيث ليس شريفًا في المعارضة إنما يتلون بحسب ما يملي عليه إلهه "هواه."

إن المسيح الموعود صنعه الله على عينه، إذ هيأ لمبعوثه السُبل الضرورية للانبعاث والانتشار، وترك قليلًا من المعوقات ليميز الخبيث من الطيب ويأبى الله إلا أن يتم أمره ولو استاء المعاندين.

المسلمون والإنجليز في الهند

كان المسلمون في الهند، بين عدوين، سيخًا وثنيين، وإنجليز مسيحيين، وكان السيخ المتطرفين يعتبرون المسلمون أنجاس، يجب محوهم بالإبادة، فذاق المسلمين في الهند في عهد أولئك السيخ مرارة الحياة، وعدم الاطمئنان في الدين، فقد شهدت عصور السيخ مذابح طائفية وتصفيات جسدية ومجاهدات نارية لطمس معالم المسلمين.. حتى جاء الإنجليز البريطانيين في صورة شركة الهند الشرقية البريطانية، وسيطروا على الهند، ففصلوا بين المتنازعين، وأمنوا المرتاعين، وجعلوا لكل طرفٍ الحرية فيما يمارس من الدين ما دام ليس من المعادين.

وبهذا الوضع وإن كانوا لم يقصدوا به مصلحة للناس، بل ليتمكنوا من تنفيذ مصالحهم فقط، غير أنه أعطى المسلمين فرصة الظهور بعد أن كانوا في محل الخائف المغمور.

من لم يشكر الناس...

فإذا كان الحال كذلك، أفلا يكون أولى للمسلمين في الهند (بعد أن كانوا مُقطعي الأوصال) أن يفضّلوا المستعمر البريطاني في الهند، ويشكروا صنيعه على ما قدمه من عدل وأمن بحجز السيخ التطرفين عنهم؟!

فإذا كان المسيحيين الإنجليز أعداء للمسلمين في الهند، فعداوتهم لا تبرز بمظاهر القتل والإبادة، بل هي عداوة عقدية ودينية غايتها تحويل المسلمين إلى متنصرين، أما السيخ المتطرقة فعداوتهم للمسلمين عداوة وجودية تستلزم إبادتهم من أجل إقامة دولتهم.

أفلما يظهر منادٍ في تلك الأجواء يعلن شكر البريطانيين على ما قدموه من خدمات أمنية عامة، وتوفير مساحات فكرية ودعوية لم تكن موجودة، بتأمين مناخ من العدل والاستقرار، ويعلن تقديره صنيعهم هذا يتم تخوينه! فكيف تحكمون؟!

فطرة إنسانية وآية قرآنية

إن حتى الفطرة الإنسانية، التي جبلنا الله عز وجل عليها، لتذهب تلقائيًا إلى هذا المذهب، نعم، أرأيت إن ضربك أباك وحرمك وعذبك وآذاك.. ثم ظهر خصم لأبيك يذود عنك ويعطيك ويحميك من ضرب وتعذيب أبيك، ألست تأوي إليه؟؟ أتكون عاقًا وجاحدًا لوالدك إن فعلت ذلك؟؟ كلا. بل إن غريزة الحرية والبقاء تدفعك إلى ذلك، ولا تكون من الملومين حينذاك إلا إذا صرت على أبيك من المعتدين أو المحرضين.

ثم أليس للمخونين في هذا الشأن معرفة بهذه الآية القرآنية الكريمة التي تقول: «الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» فعلامَ سيفرح المؤمنون حينئذ بحسب الفهم التقليدي لهذه الآية يا تُرى؟!، أليست فرحتهم بغلبة الروم المسيحيين على المجوس الفرس الوثنيين، أيمدح الله الخونة! بل ويسميهم مؤمنين؟ كان النبي ﷺ وأصحابه يفرحون بانتصار الروم والنصارى على المجوس وكلاهما كافر، لكن لأن أحد الصنفين أقرب إلى الإسلام، وأنزل الله في ذلك سورة الروم... وكذلك يوسف الصديق كان نائبًا لفرعون مصر وهو وقومه مشركون وفعل من العدل والخير في كنفهم ما قدر عليه، وأطاعهم وشكرهم ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان..

فما لكم تخالفون الفطرة والقرآن الكريم لنصرة أهوائكم وأفقكم السطحي العقيم.. ما لكم!! كيف تحكمون؟؟!!

هدي نبوي وهدي محمدي

فليس من المستغرب أن يكون هذا هو نهج جميع النبيين، إذا حصل اضطهاد، فهذا عيسى ابن مريم «ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: "يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟" فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: "لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ". فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. فَقَالَ لَهُمْ: "لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟" قَالُوا لَهُ: "لِقَيْصَرَ". فَقَالَ لَهُمْ: "أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ"» فهل كان عيسى المسيح بذلك القول عميلًا للرومان خائنا لقومه ومتواطئًا ضدهم؟! كلا وحاشاه عليه السلام، بل كان معارضيه هم الخبثاء والمنافقين، وأرادوا الإيقاع به لدى الرومان، متواطئين هم ضده عندهم! فهم الخائنون.. فلما تنكرون يا عباد الله سُبل الله وأسبابه للنجاة؟! وما لكم لا تنصفون وعن سُبل الافتراء لا تتقون؟!

وهذا رسول الله ﷺ، يقدم نموذجًا، إذ أرسل المُضطهدين من المسلمين الأولين إلى نجاشي الحبشة المسيحي قائلًا لهم: «إنَّ بأرض الحبشةِ ملِكًا لا يُظلَمُ أحدٌ عنده، فالْحقوا ببلادِه حتى يجعل اللهُ لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتُم فيه» فما أشبه الحال بالحال، وقد قال نبينا ﷺ: «بدأ الإسلامُ غريبًا وسيَعودُ غريبًا فَطوبى للغُرباءِ» وكأن عمل الأمس منه ﷺ مثبِتًا لفعل اليوم عمن تبعوه بإحسان ولم يخونوا

لقد سمع عمرو بن العاص المستوردَ بن شدادَ يحدث عن النبي ﷺ بقوله: «تقومُ الساعةُ والرومُ أكثرُ الناسِ». قال له عمرو: "أبْصِرْ ما تَقُولُ". فقال المستورد: "أقُولُ ما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللهِ ﷺ" فقال عمرو: "لَئِنْ قُلْتَ ذلكَ، إنّ فيهم لَخِصالًا أرْبَعًا: إنّهُمْ لأَحْلَمُ النّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وأَسْرَعُهُمْ إفاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ ويَتِيمٍ وضَعِيفٍ، وخامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وأَمْنَعُهُمْ مِن ظُلْمِ المُلُوكِ" فسؤالي لآن للذين يخونون الشاكرين بعد هذه "الحسنة الجميلة" التي سماها عمرو، أي الفريقين تخونون بعدُ إن كنتم صادقين وغير منافقين؟!

ومن أقوال السلف

فيقول في ذلك المضمار شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: "يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل وإن كان فيه كذب وظلم، فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم، والواجب إنما هو فعل المقدور" إذن فلا شك أن إقامة العدل وأداء الحقوق لأهلها في البلدان من أسباب البقاء ومن دواعي إقبال الناس على أولئك الحكام، وقال أيضًا: "أن الجزاء في الدنيا متفق عليه أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة"، ويُروى: "أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" فلهذا أُسديَ حضرة مرزا غلام أحمد الشُكر لتلك الحكومة البريطانية المُحسنة الكريمة على ما قدمته من إنصافٍ وعدل لعموم أديان الهند ومنها دين الإسلام بعد أن كانت حقوقه في مهب الريح وأهله من المظلومين المنسحقين...

معلومات مبدئية عن الجماعة الإسلامية الأحمدية وشروط البيعة فيها

هي الجماعة التي أسسها حضرة مرزا غلام أحمد القادياني وهو المسيح الموعود والإمام المهدي الذي بشر بظهوره حضرة نبينا محمد رسول الله ﷺ وأوصى باتباعه من خلال بيعته والانضمام إلى جماعته في سبيل مواجهة مخاطر وأزمات هذا الزمان التي يفتعلها الدجال بكلتا ذراعيه الثقافية والعسكرية، والتي لن يكون للناس يدًا أو حيلة لمواجهتهما مهما صنعوا إلا بالاجتماع تحت راية واحدة ضمن جماعة واحدة فقط هي جماعة المسيح الموعود والإمام المهدي المعهود فحسب. فإن لم يكن هو، عليه السلام، فخليفته الذي يمشي على أثره من بعده على منهاج النبوة كما سبق وأخبر نبينا الهادي محمد ﷺ.

فانتبهوا، لقد جاء المسيح، وأسس الجماعة وأقام الخلافة «وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ

  <<<تفاصيل أكثر >>>

★★ في أواخر القرن ١٩ ظهر المسيح الموعود والإمام المهدي طبقًا للعلامات الشهيرة والنبوءات المتواترة والمواعيد المحددة، ودعمته في ذلك كافة الآيات التي أيده الله بها.. فأسس بأمر من الله تعالى الجماعة التي أخبر عنها حضرة رسول الله ﷺ وقال موصيًا: «الزمَ جماعَةَ المسلمينَ وإمامَهم»، فكانت الجماعة الإسلامية الأحمدية، وإمامها حضرة مرزا غلام أحمد، عليه السلام، الذي هو المسيح المهدي، إذ قد أخبر نبينا ﷺ وقال: «ولا المَهْديُّ إلّا عيسى بنُ مَريمَ» وقال: «يُوشِكُ من عاش منكم أن يلقى عيسى بنَ مريمَ إمامًا مهديًّا». وقد مات مسيح بني إسرائيل بسلام، عليه السلام، كما أخبرنا الله عنه قوله: «تَوَفَّیۡتَنِی». فما المسيح الآتِ إلا مثيلًا له في المهام، لكنه من أمة خير الأنام محمد ﷺ لقوله ﷺ: «المَهْدِيُّ مِنّا أهلَ البيتِ

ثم توفي حضر المسيح الموعود لمّا أتى أجله مثل جميع البشر، وتبعته فور وفاته خلافة، هي الخلافة المنتظرة لدى جميع المسلمين، على منهاج النبوة، في العقد الأول من القرن العشرين، فكانت تصديقًا لدعواه وترسيخًا لعمله الذي غرسه بأمر الله، ومصداقًا لقول رسول الله ﷺ: «ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ» وقد كان، وهي مستمرة بفضل الله إلى الآن وإلى ما شاء الله.. ونحن اليوم ننعم في ظل الخليفة الخامس للمسيح الموعود نصره الله.. آمين.. «وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ

☆☆☆ وهذه [شروط البيعة] للجماعة الإسلامية الأحمدية، لمن أراد الانضمام أو الاطلاع.

 


الأربعاء، 16 أغسطس 2023

『ثامار، راحاب، راعوث، بثشبع』

 ✦✦✦

هناك أربعة نساء زانيات في سلسة نسب يسوع الإنجيلي مع أربعة رجال أيضًا موجودين في نفس سلسلة النسب. يقول المسيحيين عن هؤلاء النساء أنهن تمثلن أربع جهات للعالم كرمز لدخول وقبول أمم العالم فيما يسمونه (المملكة المسيانية)

وعلى ذلك فلدينا ملاحظتين إحداهما هامة وهما:

】♦ (1) الاتجاهات غير كاملة، والأمم غير شاملة

فحينما نراجع مواطن هؤلاء النسوة نجدهم كالتالي:

 الشمال، الحثيين، بثشبع زوجة أوريا الحثي، زنا بها داود بحسب الكتاب المقدس وأنجب سليمان.

 الجنوب، الكنعانيين، ثامار، زنا بها يهوذا بن يعقوب.

 الشرق، الموآبيين، راحاب، من أريحا زنا بها سلمون.

وراعوث الموآبية زنا بها بوعز وأنجب منها عوبيد جد الملك داود.

 الغرب ؟؟؟ ×××

فأولًا، هذه الجهات ليست أربعة، كما أن هذه الأقوام لا تعبر عن كل الأمم الموجودة وقتها. وحتى لو كانت الجهات أربعة، فالجهات الأربعة الأصلية لا تعبر عن شمول كل العالم، بل هناك جهات فرعية كذلك لتغطية كافة العالم.

وثانيًا، إذا قبلنا بأن هذه الأقوام داخلة في (المملكة المسيانية) فلا بد أن نعترف أنها مقتصرة عليها ولا تتعداها لأمم أخرى. فلم نجد فرصة لأقوام كثيرة أخرى، كانت موجودة، ليكون لها مكان في هذا النسب الملوث!

(2) ♦الملاحظة الهامة

نحن نستغرب، لماذا لا تكون الرمزية الإلهية لإدخال الأمم إلى (المملكة الميسانية) بالأساليب المطهرة كالمصاهرة مثلًا، يعني بالزواج والزيجات! فلما الإصرار على تلويث كل سبل الله واعتبار أن السبيل القذر والخاطئ هو السبيل الوحيد للخلاص؟! هل هذا هو اختيار وتدبير الله؟! كلا وحاشا.. بل هو سبيل الشيطان الذي ذكر الله قسمه ضد عباده: «لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَاطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِیم».

إن الملوك الدنيويين بذلك ليكونون أشرف وأطهر من هذا السلوك القذر، إذ يطلبون زواج المصاهرة لتوطيد العلاقات بين الأمم والشعوب وبهدف اتحاد الممالك والتغلب على الأشرار.

】♦إخضاع الأمم للخلاص†【

فإذا قيل أن هذا الأسلوب (الزنا) كان بهدف "إخضاع" هذه الأقوام الأممية لسلطان (المملكة المسيانية) بغرض الخلاص، فالحق أن ذلك هو عين "الإخضاع ذلًا". وإنما الخضوع بالرضا فيكون بالطبيعة من الزوجة لزوجها أليس كذلك؟!

وإذا كان كل هذا المسلسل الترقيعي الترميزي بهدف الإخضاع، فلماذا لم تعم كفارة الخطية الأصلية أيضًا على جميع الأقوام لخلاصهم بناء على هذا الخضوع السالف للكل؟؟ أليس كما تظنون أن كل العالم قد خضع بناء على هذا النسب، فلماذا صار الخلاص مشروطًا؟! وما فائدة الإخضاع إذن!

ثم كيف يكون هذا كله وقد سبق وقيل: «لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ» تيجي ازاي؟! أم أنهم حال وقت الزنا لم يقصدوا الإنجاب؟؟؟!!!

】♦قبول الخطاة†【

وإذا قيل –كما يقال– إن هذا الترميز ليكون رجاء لكل مخطئ أنه له مكان في جماعة الرب فلا يأس، فكيف وقد قال الرب لكم في شريعته "لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ"؟! أم أن الرب الذي أقر هذا القرار كان غاضبًا حينها فأقر بالخطأ ثم لما هدأ تراجع وأقر بالصواب؟!

وكيف تساوون بين الخطايا وقد عين ربكم منها ما يمنع لدخول جماعته؟!

ألا ترون أن مثل هذا التبرير قد يزيد عند الخطاة استساغة ارتكاب الخطايا، إذ يعتقدون أن لهم مكان مضمون في جماعة الرب مهما أحدثوا؟!

】♦إقامة نسل†【

ثم يأتي التبرير الأخير لهذا النسب الملوث بالزنا، فيقولون بأنه كان بهدف إقامة نسل وليس بغرض المتعة والشهوة!! وهذا تلقائيًا يرجعنا لموضوع الزواج، ونسأل على أساسه.. هي العلاقات الطاهرة مزعلاكم في حاجة يا اخوانا؟؟ اومال فيه إيه بس!! ما لكم واخدين السكة شِمال على الطوالي كده ليه؟؟

〗□سؤال الخلاصة

لماذا يمرر الإله خطة خلاصه في أنبوب قذر ويسلك مشيئته في مسالك ملتوية؟


لا تزن، هنري دي تريكيتي، 1837. لوحة نقش من البرونز على باب مادلين، باريس

 

آيات الدم في الإنجيل "العهد الجديد" السيف والذبح والتنكيل بالمرتد حتى الموت

نشرت موضوع "آية السيف" الواردة على لسان يسوع الإنجيلي بالعهد الجديد في مجموعة نقاش مسيحية وذكرت قول يسوع الإنجيلي في آية السيف: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا» بينما قال الله سبحانه وتعالى: «وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، فكان رد أحد مسؤليها أن هذه الكلمات التي قيلت على لسان يسوع الإنجيلي إنما هي من قبيل المجاز ولا تؤخذ بحرفيتها، فقال مما قال:

"من المناسب أن نقرأ الأعداد الثلاثة التي تلي الآية التي نحن بصددها، لأن ذلك يساعدنا على فهم قصد المسيح بطريقة أفضل. فهو يقول في إنجيل متى الإصحاح العاشر: «لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً، فإني جئت لأفرّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنه ضد حماتها». ثم يقول: «من أحب أباً أو أماً أكثر مني لا يستحقني«

بعد قراءة هذه الكلمات ربما يتوهّم البعض أن السيد المسيح داعية المحبة ورئيس السلام، أراد أن ينشر تعاليمه بالسيف. ولكن من يطالع الكتاب المقدس بإمعان يلاحظ، أن السيد المسيح لم يستعمل العنف مطلقاً، بل دعا إلى المحبة والإخاء والمسامحة والغفران ونبذ الأحقاد والعنف والقتال. كما أن أتباع يسوع والمؤمنين به اتّبعوا أسلوب معلمهم نفسه في كرازتهم. كما أن تعاليم الإنجيل المقدس بكاملها تحثّ على المحبة والمسالمة. وإن قول المسيح هذا لا يناقض قوله: "طوبى لصانعي السلام". فكلمة سيف الوارد ذكرها في قوله هي كلمة مجازية ذكرها المسيح في معرض حديثه عن الصعوبات التي تلاقيها رسالة الإنجيل في طريقها إلى قلوب الناس، وليس المقصود هنا بكلمة "سلاماً" السلام السياسي، ولا بكلمة "سيف" السيف الذي يُستعمل في الحرب. فإشارة المسيح إلى السلام والسيف تشير بلغة مجازية إلى المعاناة النفسية التي يمرّ بها الإنسان المؤمن والصعوبات التي تواجهه في حياة الإيمان..."

ولكني وبعد أن جهزت ردي على تعليقه هذا فوجئت بإيقاف إمكانية التعليق. فرأيت أن أسجل ردي هنا للتوضيح الضروري ولعموم الفائدة.

الرد التفصيلي 

من الممكن بالفعل يا عزيزي اعتبار أن كلمة السيف هنا ليست إلا مجازا واستعارة، ولكن تعال يا صديقي نفحص كلمات الآيات نقطة نقطة، مع ذكر شواهدها المناسبة لها، لنرى هل بالفعل كان هذا التعليم مجازًا أم إنجازًا لم يُتح ليسوع الإنجيلي تحقيقه فخُوِل به أتباعه..

 أولًا الشهادات الذاتية

الفقرة نفسها ”آية السيف“ رؤية مقارنة

قال يسوع الإنجيلي: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً» فطُلب منا إكمال الآيات التي تليها لنفهم الدواعي، فأكملنا لنجد أنفسنا أمام تعليم تفكيكي للأسرة والبيت الواحد والمجتمع، فبدلًا من أن يحض المؤمنين تجاه آبائهم على أن يصاحبوهم في الدنيا بالمعروف، ألقى بين الجميع سيفًا (يعني فرقة وقطيعة) من البداية!!

س فهل كان الموقف التجديدي المسيحي الخارج عن اليهودية يستدعي ذلك الانقسام؟؟!!

ج أقول لكم بكل قوة، كلا. فإن المسيحية زمن يسوع كفرع من اليهودية كانت ملتزمة بكل آيات الكتاب، الشريعة والأنبياء، كما أقر يسوع بمراعاة الكتاب (ما جئت لأنقض بل لأكمل) والتزم بكل طقوس وعادات الآباء والأنبياء والشيوخ الأولين من صلوات وعبادات وأعياد وعادات أيضًا.. فلم يختلف عن اليهود في ذلك شيئا، ومع ذلك الانسجام البادي فكيف لنا أن نتقبل حتى المجاز في قوله «بَلْ سَيْفاً» بمعنى شقاقا وفرقة بين الولد ووالديه لمجرد أفكار يمكن أن تتلاقى!؟

 بينما لما ننظر لحالة انقلاب جذري في العقيدة، بحيث يترك الشخص جميع عاداته وعباداته وآلهته القديمة، ويكسّرها ويمزقها ويدفنها، ويؤمن بما هو ضدها تمامًا بحيث لا يتصور نصف عاقل أن يتلاقى القديم مع الجديد، ولكن رغم ذلك التنافر العقيدي البارز بأشد صورة من صور الاستقطاب والتعادي كان التعليم الواضح تجاه الأسرة والبيت والمجتمع غير، إذ حث على ضرورة التزام بر الوالدين ووضعهما في أعلى قمة الهرم التعاملي، رغم شركهما. ومطاوعتهما في كل شيء والخضوع التام لهما عدا في الأمر المتعلق بالعقيدة.

فنحن هنا يا عزيزي حيال آية السيف المسيحية هذه أمام أمر من اثنين لا ثالث لهما، [الأمر الأول] هو إما أن تكون هذه الكلمات قيلت على حقيقتها، بلا استعارة أو مجاز.

[والأمر الثاني] أن تكون عبارة عن تعليم فاسد إذا اعتبرناها مجازًا. إذ لم يتحرى هذا التعليم مجاهدة المؤمن في أن يرضي عنه والديه في كل الأمور بغض النظر عن اختلاف العقيدة، والتي لم تمثل في البداية اختلافًا جوهريًا بين اليهود وأتباع المسيح.

آية الذبح رؤية تحليلية

وتأكيدًا على كون هذه التعبيرات في آية السيف المتطرفة ليست مجازًا أو استعارات، بل هي عين الغايات التي نطق بها يسوع الإنجيلي، تأتي آية الذبح لتفصل في الأمر حيث قال: «أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي«

وبالطبع فأنا أعلم كيف يهرع المسيحيون حيال هذه الآية إلى عزوها لعالم المثال نفضًا عنهم صراحة بشاعتها، قائلين أن ليس لها علاقة بعالم الواقع...

ولكن تعال يا صديقي نحللها لندرك واقعيتها وأنها قُصدت بحرفيتها وبعينها كسبيل للتملك.

فالرد الفصل على هذا الادعاء قاصر الفهم هو أن المثال إنما هو وسيلة بسيطة لفهم غاية أكبر أو أعقد، وليس العكس، فلا يصح أن أتخذ من نعيم الجنة (وهو غاية) مثالًا لتقريب طريقة الفوز بجائزة أعطيها لابني، بل العكس هو الصحيح، فيكون استعمال مثال الجائزة (كوسيلة) لتقريب كيفية نوال نعيم الجنة.

 وإذا تعودت أن أحكي لابني حكاية قبل النوم مستعملًا عبارة ذبح أعدائي مرارًا، فإنني وقولا واحدا أريد منه أن يذبح كل من يرفضه حين يكبر. هذا رغم أن القول الأول كان عبارة عن حكاية قبل النوم (هل تلاحظ؟!)، فالحق أن المقولة قيلت بهدف أن تكون غاية حَرفية متحققة.

فإذا استُعمل اللفظ الأقصى في الحديث فهو المقصود منه حتمًا. ولا يكون أبدًا مثالًا على ما هو أدنى منه، بل يكون هو الواقع الذي يختلج في النفس يتحين الخروج.

إذن فيسوع الإنجيلي توعد بالذبح بوضوح لا لبس فيه ولم يكن ضاربًا مجرد مثال يا عزيزي.

 ثانيا الشهادات التابعة

  التنكيل بالمرتد رؤية تفسيرية

وإمعانا في صيرورة تعاليم يسوع الإنجيلي الدموية سالفة الذكر ”في آيتي السيف والذبح“ أعلاه في أتباعه من بعده يقول كاتب رسالة العبرانيين في تقرير الحكم الواجب إيقاعه على من يرفض يسوع بالمقارنة مع من يخالف الناموس، قال: «فَكَمْ عِقَاباً أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقّاً مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِساً، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ» وللعلم فإن الحكم المقرر على مخالف الناموس هو القتل المباشر.

فما هو الفعل (الأشر) من القتل كي يكون عقابًا مناسبًا يستحقه من رفض يسوع!! إنه التنكيل بالرافض حتى الموت، وليس مجرد القتل السريع المباشر.

ويمكننا تصور عقيدة التنكيل بالرافض حتى الموت من خلال الاطلاع على سجلات وصور الممارسات الدينية الممثلة في محاكم التفتيش المرعبة التي كانت تتم بمباركة وإشراف الباباوية المسيحية وبحضور ممثلين رسميين لهم من الأساقفة.

وحتى لا يقال [أيضًا] أن هذا الفعل العقابي الأشر الذي يجب ممارسته على رافضي يسوع هو قول مجازي وأن هذا العقاب الذي هو أشر من القتل إنما هو منوط بيد الله فحسب... فنلجأ إلى التفسير المسيحي للفصل في الأمر، حيث قال مفسر العهد الجديد الدكتور وليم آدي حول هذه الآية بخلاصة قول مفادها: [أولًا]، إن هذا الادعاء الذي يدّعيه العوام لا يوجد في الأصل، ولا يُفهم من النص. و[ثانيًا]، إن هذا الوعيد (أي التهديد النافذ) بالعقاب الذي يناله مخالفي الدين المسيحي وإن كان منسوبًا إلى الله، فهو يتم بيد المؤمنين به، فهم من ينفذون مشيئته. و[ثالثًا] أن جميع القرائن في النص تدل على مسؤولية المؤمنين بتنفيذ ذلك بأيديهم من أجل تطهير المخالف.