السبت، 4 ديسمبر 2021

الإعجاز العلمي في الكتاب المقدس (نظرية التطور)

لو تأملنا بنظرة سريعة في هذه الآيات من سفر التكوين، للمسنا تلقائيا مراحل زمنية قضتها البشرية حتى نشأة الإنسان، ويبدو أن أصول هذه النشأة التطورية خرجت من الماء.

النشأة الأولى (أصل الإنسان) «تكوين 1/ 21»

فيُذكر في الآية الأولى بين أيدينا، أن الله خلق كل نفس حية تدب، يعني جميع الحيوانات بما في ذلك البشر، خلقهم من الماء. أي أننا كنا مخلوقات مائية، ثم خرجنا منها (أو أن الماء انحسر عن هذه المخلوقات) لنواجه مرحلة تطورية جديدة.

★★ بداية الوجود البشري «تكوين 1/ 26-30»

ثم دخل ذلك الخلق الأول في مرحلة عليا أكثر تطورًا (وقد شبهه الله به «كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ» أي من حيث قدرته على التسلط والتحكم بتسخير كل ما دونه)، فاستطاع –كما تذكر الآيات الثانية بين أيدينا– أن يسخّر كل المخلوقات دونه. وأخذ يتغذى على سمك البحر، والطير، وكل الحيوانات الأرضية العاشبة. حتى وصل الكائن البشري في رحلة تطوره بنوعيه (ذكور وإناث) إلى صورته التي هو عليها الآن.

وكان البشر في هذه الفترة همج عدوانيين متفرقين، يسكنون الكهوف ويطاردون بعضهم بعضًا، وقد يقضي بعضهم على بعض لا لشيء سوى للغُربة بينهم.

★★★ ظهور الإنسان «تكوين 2/ 7»

وظلت هذه الحالة الهمجية البشرية حتى وجد الغرباء في انضمامهم بعضهم إلى بعض شيئًا من الألفة والأمن المرغوب، والتآنس بالتجمع، فكان عنصر الإنسان، الذي اختار منه الرب الإله آدم واصطفاه كنبي.

هذا ما نراه بالنظرة السريعة على الآيات.

أما بالنظرة التحليلية والتأملية الفاحصة، فبها نتأكد مِن هذا الذي ذكرناه، إذ نجد التمايز النوعي والمرحلي البادي من كلمات [خلقَ] و[عملَ] و[جَبل] في كل آية من الآيات موضوع الفحص.

فالخلق في فقرة "تكوين 1/ 21" هو الإنشاء من عدم، ومعنى الخلق هو إبداع الأشياء التي لم يكن لها وجود[1]. والفاعل في الفعل [خلق] هو الله دائمًا.

★★ أما العمل في الفقرات "تكوين 1/ 26-30" فهو صنع في الشيء، وإحداث أمر في هيئته، وحين ينسب الفعل [عمل] إلى الخالق فيفهم بإنه ما قد سبق الله وأعده لنا لنجتاز فيه[2].

★★★ أما الجبْلُ في "تكوين 2/ 7" فهو الطبع على الشيء[3]؛ بمعنى إيجاد الطبع الإنساني يكون في الخلق الذي تم إيجاده من عدم، ثم إعداده بالعمل فيه سلفًا ليكون بشرًا. ولا يتأتى هذا الأمر إلا من الله حصرًا رعاية لهذا الخلق.

فلذلك نقول إن نظرية التطور في نشأة الإنسان يدعمها الكتاب المقدس بوضوح وقوة، لذا فهي من مظاهر الإعجاز العلمي فيه.

هذا ولا يخفى على القارئ الواعي المسافة ما بين أماكن ذكر هذه الآيات في متن السفر [تكوين 1/ 21][تكوين 1/ 26-30][تكوين 2/ 7] ما يعبر عن الفترات الزمنية المنقضية والمعبرة عن مراحل التطور.

ولمن قام ليعترض من الأخوة المسيحيين بالقول: "أيام الخلق هي أيام الأسبوع وليست حقب زمنية" فأواجهه بقول المفسرين المسيحيين الذي يجهله، حيث قيل: "ويعتقد بعض المفسرين أن لفظة [يوم] لا تعتبر بالضرورة مدة أربع وعشرين ساعة، ويقولون أنها بالأرجح تشير إلى مدة جيولوجية طويلة الأمد. ولتأييد رأيهم يقولون أنه كثيرًا ما استعملت لفظة [يوم] في الكتاب المقدس للدلالة على مدة أكثر من يوم شمسي، كيوم الأشرار، ويوم النقمة، ويوم الدينونة، ويوم الخلاص، وألف سنة في عيني الرب كيوم واحد؛ مزامير 90/ 4 ورسالة بطرس الثانية 3/ 8"[4].  

باختصار لمن لم يفهم الموضوع:

القصة كلها تقع في هذه الفترة الزمنية [تكوين 1/ 21][تكوين 1/ 26-30][تكوين 2/ 7]

أولا: خلق الله جميع الأحياء من الماء، وقد ذكرت في "تكوين 1/ 21" وقد خرجت كل نفس حية تدب من الماء تتلمس طريقها على الأرض ومنها الكائنات التي ستصبح بشر بعد ذلك. وقد استُعمل فيها كلمة "الخلق" يعني البدء من لا شيء.

ثانيا: المرحلة البشرية، وقد ذُكرت في هذه الآيات "تكوين 1/ 26-30" ووصف فيها المخلوق البشري بأنه الكائن الأعلى في المملكة الحيوانية، ووصف فيها أنوع غذائه. وقد استعمل في حالة ظهوره كلمة "العمل" يعني إحداث شيء فيما هو موجود.

ثالثا: ظهور آدم، الإنسان الاجتماعي العاقل المتآنس، وقد ورد ذكره في "تكوين 2/ 7" وكان استعمال معه كلمة "جبلَ" يعني طبعه بصفات فريدة ومغايرة عما كانت موجودة فيما تم عمله في السلف السابق الموجود منذ بدء خلق الكائنات.

 

المراجع



[2] قاموس الكتاب المقدس تحت كلمة [عمل، أعمال]

[3] معجم أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد، تأليف سعيد الخوري الشرتوني اللبناني، تحت كلمة [جَبَلهُ]

[4] قاموس الكتاب المقدس تحت توضيح كلمة [خلق، خليقة]

الأحد، 28 نوفمبر 2021

حقيقة الإجماع في الإسلام

حقيقة الإجماع

ليس هناك في الحقيقة ما يسمى بــ "إجماع العلماء"؛ فهذه من الكذبات الكبرى في تاريخ الإسلام، والتي أساءت لتعاليم الدين أكثر مما أفادت... كل ما هنالك هو «إجماع الصحابة»، وكان لفترة محدودة بعد وفاة الرسول ﷺ وليس طوال الوقت.

قال الإمام ابن حنبل: «من ادعى الإجماع فقد كذب؛ وما يدريك لعلهم اختلفوا»[1]

أما القاعدة الفقهية التي تقول: [لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المجمع عليه]

ومعناها؛ إذا اختلف الفقهاء في حكم معين ليس فيه نص فلا يجوز لأحد أن ينكِر على أحد أخذه برأي أي فقيه منهم، ولا حتى الاعتراض عليه. ولكن إذا كان الإجماع على أمر ثم خالف فيه أحد، فإنه يُنكر عليه ذلك.

والتوفيق بين القولين، قول ابن حنبل والقاعدة الفقهية، هو أنه لا إنكار على من التزم مذهب مما ذهب إليه الفقهاء (ما لم يكن إثمًا طبعًا)، ولكن الإنكار يقع على من خالف ما أجمع عليه الصحابة (وهو الإجماع الوحيد المعقود)، لأن الصحابة مذهبهم واحد، وهو ما كان عليه رسول الله ﷺ وعلى ذلك أجمعوا، فمن خالف هذا الإجماع يقع عليه الإنكار، أما من بعد وفاة الرسول وصحابته، رضوان الله عليهم، فلا إجماع فعلي انعقد، لذا فلا إنكار يقع على من اختلف فيما قيل إنه إجماعًا بعد الصحابة أيضًا هنا.

وهنا يثبت صحة قول ابن حنبل: «من ادعى الإجماع فقد كذب؛ وما يدريك لعلهم اختلفوا» لأنه لا إجماع بعد إجماع الصحابة رضي الله عنهم.

إجماع المجمعون

لم يتفق من قالوا بـما يُسمى (إجماع العلماء) على من هم هؤلاء العلماء، في ماهية خصائصهم[2]، وما هو نصابهم[3]، وهل يعد حُكمهم حجة أم لا[4]، وهل الساكتين ضمنهم أم لا[5]، وكذلك اختلفوا في شرط التواتر في تحقيق الإجماع[6]... فبالله، عن أي إجماع يتحدثون!؟ لقد اختلفوا في أن يجتمعوا ثم قالوا بوجود إجماع!!

الإجماع والمجامع المسيحية

قلنا إنه ليس في الإسلام ما يسمى بالإجماع أصلا، وما حدث من إجماع بعد رسول الله ﷺ وقت الصحابة إنما هو التقاء عفوي على أمر بديهي، فسمي التقائهم هذا بالاتفاق على أمر طرأ (دون ترتيب لبحثه) سمي إجماع مجازا، أو توصيفًا لحقيقة ما حدث.

أما ما حدث بعد ذلك من ابتداع سنة الإجماع للعلماء، وأن شروطه كذا وكذا.. وشروط من يؤخذ بقوله فيه من العلماء يجب أن تكون كذا وكذا.. فهو أشبه بعقد المجامع المسكونية المسيحية التي ابتدأت بعد انقضاء القرون الثلاثة الأولى بعد المسيح الناصري عليه السلام، فكان أول مجمع[7] سنة 325م

والحق أن سنة المجامع هذه ما ابتُدعت إلا لتمرير ما هو مخالف لأصل الدين (بمعنى أنه طريق خلفي للحصول على شرعية ضرورية لكن مزيفة) أو إصدار أحكاما متعالية على أحكام رب العالمين، فكذلك كانت بدعة الإجماع في أوساط المسلمين. فلو حصل واجمع المختلفون[8] فإن إجماعهم لم يسفر يومًا على الإطلاق إلى أي أمر إصلاحي يذكر، وذلك طيلة التاريخ الإسلامي كله. وذلك تمامًا كما حدث في الأمم من قبل أمة الإسلام، إذ اتخذت من ذريعة الإجماع سبيلًا لتكفير كل مخالف كما حدث في المجامع التي عُقدت على يد اليهود لإدانة المسيح الناصري عليه السلام[9] وجماعته من بعده[10]

فإذا كانت للمجامع المسكونية المسيحية اليد الطولى في تدمير العقيدة المسيحية[11] فإن دعاوى الإجماع في تاريخ الإسلام كان لها كذلك يد طولى في الإفساد البالغ في معظم الأحيان.

 وكذلك حصل في الإسلام

فلم تكن وظيفة الإجماع في الحقيقة إلا لتكفير وإقصاء من خالف.. وكانت هذه المنكرات التي نهى عنها الرسول ﷺ نهيًا واضحًا[12] هي الغاية التي كثيرًا ما يسعى إليه مُدَّعي الإجماع حتى وإن لم ينعقد الإجماع في الحقيقة، في حين لم يكن للإصلاح المُعتبر في غرض الإجماع ذكرًا، وبقيَ الإجماع عبئًا على الدين فوق ما مثله فقه الفقهاء من عبء، فكان النداء إلى الإجماع، إن لم يكن بغية التكفير، حصرًا إلى توافه الأمور[13] ومفاسدها[14] بل وذهبوا إلى طرح المسائل التي قضى فيها الله جل جلاله والرسول ﷺ أمرًا على مائدة إجماعهم![15] وكأنهم يراجعون الله عز وجل والرسول ﷺ فيما قضيا! فمثل هذه الأمور وهي كثيرة جدًا، التي اخترعوا لها الإجماع قد وردت فيها أدلة مستقلة سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية المتواترة، فهي ليست بحاجة إلى انعقاد إجماع ولا مجمعين؛ فهل يعترف هؤلاء الفقهاء أنهم دعوا إلى طلب الإجماع ولم يكونوا على علم بوجود دليل؟! فهذه هي ذريعتهم الوحيدة للدعوة إلى الإجماع؛ أما إن كانوا على علم بوجود أدلة فإثمهم واقع لنيتهم مراجعة الله ورسول الله ﷺ وذلك في دعواهم للإجماع فيما قد قُضي فيه سلفًا. فلا غرابة فيما يجمعون من مختلف هذه الإجماعات بخلاف ما أقره الله ورسوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فتلك الإجماعات إذن هي التي جعلت تاريخ تراث الإسلام كالمستنقع لا تهزه إلا حطات البعوض في هذا المرتع.

وهن الأدلة وسفه الأحكام

قال غلاة المسلمين، وهم الأكثرية، أن مخالف الإجماع (يقصدون إجماعهم الذي يسمونه إجماع العلماء) فهو كافر أو ضال أو مبتدع..[16] ذلك لأن أكثرهم (وليس الكل) قالوا بأن الإجماع يعطي دلالة قطعية.

الغريب أن كثير من الأئمة والعلماء والفقهاء قد خالفوا في أوقات كثيرة الادعاء بالإجماع[17] فكان هذا مبدأ تفريق الأمة بأيدي المدعين بإجماع العلماء أنفسهم، لأن هؤلاء الأئمة المخالفين لادعاء الإجماع ليسوا بطبيعة الحال وحدهم، بل يتبع كل واحد منهم طيف كبير من المسلمين، فبذلك تقع وصمة الكفر عليهم (بناء على حكم مخالفة الإجماع) فمن هنا تتجلى سفاهة إجماع العلماء في حال اعتباره مصدرًا للتشريع يكفر من يخالفه.

أما عن وهن أدلة حجية الإجماع، فسأكتفي بعرض الدليل الأقوى (بحسبهم)[18] وقد اختلف فيه أيضًا كبار العلماء والفقهاء والأئمة[19]

قال أدعياء حجية إجماع العلماء بأن هذه الآية {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[20] فقال صاحب المنار[21]: «علمت أن الإجماع الذي يعنونه هو اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد وفاة نبيها ﷺ في أي عصر على أي أمر. والآية إنما نزلت في سبيل المؤمنين في عصره ﷺ لا بعد عصره»[22] وبهذا ينهدم دليلهم الأقوى؛ وأي دليل من بعده يكون أضعف من أن يُلتفت إليه.

ولمن يصرخ دائمًا بحديث «لّا تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلى ضلالَةٍ»[23] على حجية الإجماع وصلاح جميع الأمة على خلاف واقعها المزري، فقد تغافل عن ثلاثة تأكيدات هامة وقوية في هذا الحديث، أولها: أن صيغة الإجماع الكلي الشامل لأفراد الأمة غير متصورة أصلًا، فقوله "لا" وهي النافية للجنس، أي لن يحدث إجماعًا شاملًا كاملًا كليًا أبدًا، وإلا لقال (لن تفترق أمتي) ولكنه ﷺ قال: «تفترق»[24]، ثانيًا: قوله "على ضلالة" إثبات وجود الضلالة والضلال والمُضلين، ولكن كل ما في الأمر أن الأمة لن تنحاز كليًا لهذا الضلال، بل بالأحرى أكثرها سينزلق ويضل.. ثالثًا: قوله: "لا تجتمع" أي لا تكون كل الأمة مجموعة في كفة الضلال منزلقة فيه، فإن كان أكثرها قد ضل لإنباء رسول الله ﷺ: «بل أنتم يومئذ كثير، لكن كغثاء السيل»[25] إذن فالقليل المتبقي، والمخالف لما اجتمع عليه الأكثرية الضالة، هم ضمانة صحة هذا الحديث، رحمة الله بهذه الأمة، فقد قال عز وجل {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[26].

 

الهوامش والمراجع


[1] مسائل الإمام أحمد بن حنبل (رواية ابنه عبد الله - كتاب الشهادات، باب ما نهى عنه من وضع الكتب والفتيا وغيره)

[2] فأكثر الأصوليين قالوا بأنه لا يُعتد بقول العالم في الإجماع إذا توافرت فيه شروط الاجتهاد دون العدالة، واختلفوا في السبب. فمنهم من قال بالأخذ بقوله، ومنهم من قال لا يؤخذ [فصل في حكم قول العالم إذا اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غير العدالة، كتاب القواعد لتقي الدين الحصني ج2، ص352- 353]

[3] ومع أن هذا الأمر لا يجب أن يكون واردًا في شأن الإجماع فمذهب جمهور العلماء يختلف عن قول جماهير العلماء، وكليهما ليسا إجماعًا. ففي ذلك اختلف الفقهاء فيما إذا ندر واحد أو اثنان في مخالفة بقية الأمة، فهل يكون قول الجمهور إجماعًا؟ قال القلة نعم، وقال الأكثرون لا، فالجمهور ليسوا كل الأمة [المصدر السابق ص361-362]

[4] قلة مختلف فيها قالوا يكون حجة [المصدر السابق ص363 تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان]

[5] لم يوافق الشافعي بالإجماع السكوتي، ومن العلماء من اعتبر السكوت إجماعًا في حالات [المصدر السابق 370-373]

[6] فمنهم ذهب إلى حجية الدليل السمعي بشرط العدد، واختلفوا في العدد، ومنهم من ذهب إلى حجية الطريق العقلي [المصدر السابق ص 375-376-378]

[7] يشاع أن أول مجمع مسيحي قد تم سنة 50م في حياة التلاميذ، لبحث أمر ختان المهتدين من الأمم. (أعمال الرسل 15) وهذا خطأ، فالأمر لم يكن مجمعا بقدر ما كان مشورة في أمر هؤلاء؛ حتى صدر الرأي فيهم بأن ليس ضروريا أن يختتنوا، فقط عليهم تجنب أعمال الفواحش والممارسات الوثنية، يعني كان أمرًا مؤقتا وليس بهدف تشريعي عام، فلم يكن اجتماعا تشريعيا كما ابتدأ وحدث منذ نيقية وما بعده، بل بالأحرى كان تشاوريا مؤقتا

[8] لم يتفق من قالوا بـما يُسمى (إجماع العلماء) على من هم هؤلاء العلماء، في ماهية خصائصهم، وما هو نصابهم، وهل يعد حُكمهم حجة أم لا، وهل الساكتين ضمنهم أم لا، وكذلك اختلفوا في شرط التواتر في تحقيق الإجماع... فبالله، عن أي إجماع يتحدثون!؟ لقد اختلفوا في أن يجتمعوا ثم قالوا بوجود إجماع!! " كتاب القواعد لتقي الدين الحصني ج2" ص352: 378) [حقيقة الإجماع ح2]

[9] (إِنْجِيلُ مَتَّى 26/ 3-5) «حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَشُيُوخُ الشَّعْب إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الَّذِي يُدْعَى قَيَافَا، وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يُمْسِكُوا يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ. وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ»، (إِنْجِيلُ مَرْقُسَ 15/ 2) «وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ»

[10] (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 5/ 27-42) «فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ قِائِلاً: «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا، الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ» فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ. فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ، مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلاً. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. لأَنَّهُ قَبْلَ هذِهِ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ. بَعْدَ هذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضًا». فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعُوا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.»

[11] مجمع نيقية المسكوني الأول 325م نتج عنه إقرار طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر، وحرمان أريوس القائل بعدم أزلية يسوع، وان الروح القدس من صنع الله مجمع القسطنطينية الأول381م وفيه أٌقر بأن الروح القدس هو الله مثل الآب والابن مجمع أفسس 431م لمواجهة أفكار نسطور أسقف القسطنطينية المناهضة لمسمى "والدة الإله" وللفصل بين كنيسة أنطاكيا القائلة بطبيعتين للمسيح وكنيسة الإسكندرية القائلة بطبيعة واحدة للمسيح مجمع خلقيدونية 451م الذي أسس لانقسام الكنيسة، والذي عُقد بناء على رفض قرارات المجمع السابق مجمع القسطنطينية الثاني 553م كان بدافع سياسي بغية فرض الإمبراطور سياسته على الأسقفيات مجمع القسطنطينية الثالث 680: 681م وناقش الموضوع الأبرز والمُنغص "المشيئة الواحدة والمشيئتان الالهية والإنسانية ليسوع" مجمع نيقية الثاني 787م وفيه تم استعادة استخدام وتبجيل الأيقونات (الصور المقدسة)، والتي كان تحريمها في مجمع فرعي سابق.

[12] نهى رسول الله ﷺ عن التكفير فقال: "إذا قال الرجلُ لأخيه أنتَ كافرٌ أو يا كافرُ فقد باء بها أحدُهما" مسند أحمد ٧‏/١٠٩

[13] مثال: “أجمعوا على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب" الإجماع – ابن المنذر – كتاب الصلاة "أجمعوا أن نكاح الأب ابنته الصغيرة البكر جائز إذا زوجها من كُفء، وأجمعوا أن نكاح الأب ابنه الصغير جائز" الإجماع – ابن المنذر – كتاب النكاح.

[14] مثال: قال ابن المنذر: "وأجمع كل من أحفظ عنه، على إن عتق الصبي لا يجوز" الإجماع لابن المنذر – كتاب العتق. "واجمعوا على أن العجمي والمولى إذا تزوج أمة قوم فأولدها، أن الأولاد رقيق" الإجماع – كتاب النكاح.

[15] مثال: “أجمعوا أن نكاح الأب ابنته الثيب بغير رضاها لا يجوز" رغم أن الرسول قضى في ذلك سلفًا قائلًا: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بنَفْسِها مِن وَلِيِّها، والْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وإذْنُها سُكُوتُها» صحيح مسلم ١٤٢١.

[16] قوادح الاستدلال بالإجماع، سعد بن ناصر الشتري، حكم مخالفة الإجماع ص42

[17] أمثلة: ذكر ابن المنذر في كتابه: إجماع الأكثرية على أن دم الحيض ينقض الطهارة، بينما خالفهم ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ مفتي المدينة وشيخ الإمام مالك. وأجمع الأكثرية على أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائمًا، وخالفهم أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي (تلميذ الشافعي) وقال يجوز أن يؤذن جالسًا من غير علة ص42، وأجمع الأكثرية على أن إمامة الأعمى كإمامة الصحيح بينما خالفهم أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ وابن عباس عم رسول الله ﷺ ص44، 45 – وأجمعوا على ان لا زكاة على الجنين في بطن أمة، بينما خالفهم أحمد بن حنبل إمام أئمة الحديث وأحد الأئمة الأربعة المتبوعين ص56- وأجمع الأكثرية على أن من جامع عامدًا في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حج قابل، والهدي. في حين اختلف مع المجمعون عطاء وقتادة بن عامة السدوسي البصري وهو من التابعين الثقات ص63.

[18] "وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً تَحْرُم مُخَالَفَتُهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، بَعْدَ التَّرَوِّي وَالْفِكْرِ الطَّوِيلِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِنْبَاطَاتِ وَأَقْوَاهَا" انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 413).

[19] وكذلك رده الأستاذ الإمام محمد عبده، والإمام الشوكاني في إرشاد الفحول" تفسير القرآن الحكيم، تحت تفسير الآية 115 سورة النساء، ج5 ص417، طبعة المنار.

[20] (سورة النساء: 116)

[21] (محمد رشيد رضا 1865-1935)

[22] وعلق محمد رشيد رضا على هذه الآية قائلًا: "أتذكر أنني بينت عدم اتجاه الاستدلال بهذه الآية على حجية الإجماع في المنار.

[23] أخرجه أحمد (٢٧٢٦٧)، والطبراني (٢/٢٨٠) (٢١٧١)

[24] [الحديث] قال رسول الله ﷺ: «تفترقُ أمتي على بضعٍ وسبعين فرقةً، أعظمُها فتنةً على أمتي قومٌ يقيسون الأمورَ برأيهم، فيُحلُّونَ الحرامَ، ويحرِّمون الحلالَ» [أخرجه البزار (٢٧٥٥) باختلاف يسير، والطبراني (١٨/٥٠) (٩٠)، والحاكم (٦٣٢٥) وابن القيم في أعلام الموقعين ١‏/٢٢١].

[25] [الحديث] قال رسول الله ﷺ: «يُوشِكُ الأُمَمُ أن تداعى عليكم كما تَداعى الأكَلَةُ إلى قَصعتِها، فقال قائل: ومِن قِلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكِنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ، ولينزِعَنَّ اللهُ مِن صُدورِ عَدُوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهْنَ، فقال قائِلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما الوَهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا، وكراهيةُ الموتِ» [سنن أبي داود ٤٢٩٧]

[26] (سورة الواقعة: 15)