الاثنين، 19 فبراير 2018

جمع الإنجيل (العهد الجديد)

[مدخل]

• العهد الجديد عبارة عن 27 سفر مختلفة الاحجام كُتبت باليونانية.
• لم يُطلق على تلك المجموعة من الأسفار مسمى "العهد الجديد" إلا في أواخر القرن الثاني الميلادي.
• قبل الاستقرار على مجموعة 27 سفر ككتاب واحد كان المسيحيون يعدون الكتاب المقدس الأوحد هو كتابات ما قد أصبح فيما بعد مسماه "العهد القديم" وكان يُطلق عليه قبلًا "الشريعة والأنبياء" من قِبَل المسيحيين كما عند اليهود.

[سبب إيجاد مجموعة أسفار العهد الجديد]

• في البدء كانت السلطة العليا في أمور الدين عند مسيحييّ الجيل الأول تعود وتخضع لمرجعين هما:▬
1. "العهد القديم" والذي كان يُسمى "الشريعة والأنبياء".
2. التعليم الشفهي الذي ألقاه يسوع. وقد أجمعوا على تسمية هذا التعليم باسم "الرب" (تعليم الرب).
• كان لهذين المرجعين قيمة القياس في أمور الدين، وكان العهد القديم وحده يتألف من نصوص مكتوبة.
• استمر تداول التعليم الشفهي لمدة طويلة قاربت 150 عامًا لم يشعر المسيحيون خلالها بأي حاجة لتدوينها إلا بعد وفاة آخر الرسل من منطلق الاهتمام بحفظ أعمالهم وكتاباتهم أيضًا بجوار التعليم الشفهي الأصلي الذي ظل حائزًا على مكانة أكبر من الوثائق المكتوبة حديثًا.
• بُدء في أول الأمر بجمع رسائل القديس بولس، ولم تكن الغاية المسيحية أبدًا أن يؤَلف أي شيء مُلحق بالكتاب المقدس ─الشريعة والأنبياء─ آنذاك.
← كانت رسائل القديس بولس تتداول كنسيًا، إلا أن التقليد الإنجيلي الشفهي كان أعلى وأفضل من كل ما هو مكتوب من دون الشريعة والأنبياء.
• ظل الأمر كذلك حتى أوصى القديس بولس بنفسه في رسائله بضرورة تلاوة رسائله في الكنائس باستمرار.

■■ [بداية القرن الثاني]

• رغم انتشار رسائل القديس بولس انتشارًا واسعًا ─نظرًا لشهرة بولس الواسعة─ إلا أن رسائله ─رغم ما كان لها من شأن─ فلم ترد تجاهها أي شهادة قبل بداية القرن الثاني تُثبت أن هذه النصوص تُعد أسفار مُقدسة لها شأن الكتاب المقدس ─الشريعة والأنبياء─ والتعاليم الشفهية المندثرة سالفة الذكر.
• لم يكن طوال هذه المدة شان يُذكر للأناجيل المعروفة ─كما كان لرسائل بولس─ فلم تكن هناك قبل سنة 140م أي دلائل تذكر معرفة الناس لأي نصوص إنجيلية مكتوبة وأن لها صفة الإلزام.
▬ في النصف الثاني من القرن الثاني ظهرت شهادات تدريجية على مر الزمن بأن هناك مجموعة أناجيل لها صفة الإلزام، جرى الاعتراف بها على نحو تدريجي.

■■■ [الحسم]

• ظهر أول ذكر على أن ما يتم تداوله من وثائق حديثًا بين الكنائس على أنه له منزلة تضاهي منزلة "الكتاب المقدس" أي الشريعة والأنبياء، وذلك في سنة 150م وكان ذلك على لسان الشهيد "يوستينوس" حيث ذكر أن المسيحيين يقرأون الأناجيل في الاجتماعات وأنهم يعدونها مؤلفات لرسل! ─رغم أن الواقع أنها منسوبة لأناس اتصلوا بالرسل فحسب─.
• كانت المنزلة الرفيعة التي نالتها الكتابات الحديثة التي أصبحت تتداول في الكنائس بداية من سنة 150م كانت قد حصلت عليها لسبب كونها تروي خبر الرب، وفقًا لما كان معهود منذ التعليم الشفهي. فلم يكن سبب قدسيتها أنها منسوبة لرسل، أو أصحاب رسل..
• سرعان ما تم التشديد على أن تُنسب هذه المؤلفات إلى الرسل لحمايتها من مؤلفات أخرى شبيهة في الظاهر.
• فيما بعد سنة 150م بفترة وجيزة ارتأت الكنيسة حاجة ماسة لاعتماد نقطة انطلاق لكل ما يُمكن اعتماده فيما بعد على أنه مُلزم.

[طور التكوين الأول (النواة)]

• اتجهت الأنظار إلى مجموعة الأناجيل الأربعة المعروفة لِما قد حظيت به من حب لسلاستها وِما رُئيَ من صحة شهادتها التي تؤديها للرب. وقد حظيت تلك الأناجيل في سنة 170م مقام الأدب القانوني في الوعي المسيحي.

• أما رسائل بولس فقد دخلت إلى القانون الكنسي جملة واحدة حين رؤي أنه لا بد من اعتماد قانون واحد للعهد الجديد. وقد حازت رسائل بولس بالصفة الرسولية لهذا السبب ─أي لأنها كانت من ضمن ما قد اعتُمد كقاعدة أولى لتكوين العهد الجديد─.
• ورويدًا رويدًا أخذت هذه الرسائل صفة الإلزامية في كنائس القرن الثاني. ولسبب أن أحد الهراطقة (مرقيون) الذين زعموا وجوب إعدام سلطة العهد القديم على المسيحيين تمامًا نشأت الحاجة الماسة لترسيخ مبدأ القانون الجديد ليكون مؤلف من قسمين؛ الإنجيل والرسل. مثل القانون القديم "الشريعة والأنبياء"، وكان ذلك في أواخر القرن الثاني.
• بذلك بقيَ تحديد محتويات ذلك القانون المُستجد للمسيحيين، فلم يكن هناك تحديد آني لمحتويات هذا القانون إلا على فترات كما أن الاعتراف بها أيضًا بعد تحديدها تم بشكل تدريجي.
• كانت البداية كما ذكرنا في أن الأناجيل حظيت باتفاق ليس فيه خلاف، ثم لحقها على نحو تدريجي في سنة 200م سفر أعمال الرسل وقد اعتُبر كمؤلف قانوني؛ وفي أواخر القرن الثاني عُدَّ كسفر مُقدس. وقد أخذ مكانته من علاقته الوسطى بين الأناجيل والرسل وعلاقته بكل منهما. فهو علاقته واضحة بالإنجيل الثالث "لوقا" ووثيقة بأغلب الرسل من بعده.
• أصبح بذلك الإنجيل يحتوي على ما يلي: «الأناجيل الأربعة، سفر أعمال الرسل، رسائل بولس الثلاثة عشر. ثم لحقت بتلك الأسفار رسالة بطرس الأولى» وذلك مع الكتاب المقدس ─الشريعة والأنبياء─ أي العهد القديم كشيء لا بد منه بالطبع. ثم حصل شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى.

■■ [الإضافات المفيدة والتنقية (الإضافة والفرز في المؤلفات الحائرة)]

• استبْقت الكنيسة لفترة بعض من الأسفار لا لشيء إلا للمطالعة المفيدة، فقد مسها شيء من الحيرة وعدم الثبات في أمرها وهي مثل رسالة العبرانيين وبطرس الثانية وكل من رسالتي يعقوب ويهوذا.
• في المقابل كانت هناك نصوص ضمن القانونونة منها (أي المعترف بها) إلا أنها أُخرجت آخر الأمر منه وهي مثل رسالة الراعي والديداكي ورسالة أكليمندس الأولى ورسالة برنابا ورؤيا بطرس التي أصبحت تسمى منحولة (يعني غير قانونية) ولم يخلُ ذلك الاعتراف أو النبذ من صفة التحيز!.

■■■ [القرن الثالث]

• بدأ بشكل تدريجي يفقد كل مؤلف من المؤلفات حظوته إن لم تثبت نسبته إلى رسول من الرسل، وقد كانت رسالة العبرانيين وسفر الرؤيا من الأسفار التي حازت على النزاعات الكبرى في أمر نسبتها وثبوتها. وقد حازت على إنكار شديد لمدة طويلة.
• بشكل تدريجي بطيء قُبلت رسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالة بطرس الثانية ثم رسالة يهوذا.

■■■■ [القرن الرابع]

• في هذا الوقت استقر الأمر على ما هو معروف بين أيدينا الآن باسم "العهد الجديد" بأسفاره 27 إلا أنه بقي التردد في ترتيب تلك الأسفار كما هو على نحوها التالي...
:.

غلاف المصدر

الأربعاء، 14 فبراير 2018

جمع القرآن



الجمع الأول في عهد النبي ﷺ
 :
🔺 توفي النبي ﷺ والقرآن مجموع ومُرتب بترتيبه الحالي، نعم، فإن ترتيب السور الحالي توقيفي بناء على وحي موحى به من الله عز وجل مصداقًا لقوله: «إنّا علينا جمعه وقرآنه..» والأحاديث النبوية ذكرت ذلك بوضوح فقد قال ﷺ أن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة مرة وأنه عارضه العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. فإن لم يكن الأمر كذلك لكان الصحابة اكتفوا بوضع كل آية بحسب ترتيب نزولها، لكن ذلك لم يحدث بدليل أن آية الربا وهي من آخر ما نزل من القرآن لم توضع في آخر المُصحف، كما لم توضع سورة العلق في أوله!
وخلاصة هذا الموضوع ─في أن الرسول أول من جمع القرآن بحسب إمكانيات زمنه─ يقول أنس رضي الله عنه وهو مِن أوثق مَن روى عن رسول الله ﷺ: «جَمَعَ القرآن على عهد النبي ﷺ أربعة، كلهم من الأنصار..» وذكر أسمائهم، وهم:ـ
[1] أُبي بن كعب [2] معاذ بن جبل [3] زيد بن ثابت [4] ورجل من الأنصار يُكنى بأبي زيد
ويُجدرُ أن يُقال بأن هذا الجمع هو "جمع الترتيب" والذي سيترتب عليه أي جمع أو تنسيق فيما بعد.
~
في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق
:
🔻🔺 ثم كان جمعٌ ثاني بعد وفاة الرسول في عهد أبي بكر الصديق ─بناء على الجمع الأول─ كان غايته استبدال ما يُفقد ما في صدور الرجال ─جراء استشهاد كثير منهم في الحروب والغزوات─ بالتوثيق المكتوب.
انتقل هذا المجموع الموثق بعد أن كان مسجلًا على العُسب والرقاع واللخاف وفي صدور الرجال مُرتبًا، ليُسجل في صحف مجموعة بحسب الترتيب التوقيفي↑ انتقل من عند أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاته إلى عُمر رضي الله عنه ومن بعد عمر بعد وفاته صار عند حفصة بنت عمر.

في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان ابن عفان
:
🔻🔺🔻 ثم جاء عصر عثمان رضي الله عنه؛ وكانت الغزوات والفتوحات قد تخطت الجزيرة العربية إلى خارجها حيث اللسان الأعجمي، فجاء أحد الصحابة هو حذيفة بن اليمان وقال لعثمان ─بعد أن رأى اختلاف الألسن في قراءة القرآن اختلافًا شنيعًا─: «أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى». فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب الصحف المحفوظة عندها لينسخها، وقام بالنسخ أربعة من الصحابة واحد منهم كان من الحاضرين في الجمع الأول↑↑ الذي قام به رسول الله ﷺ هو زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ فجمعت الصُحف في مصاحف موحدة وأرسلت إلى البلدان وأُمر بما سوى ذلك ليُحرق.
🔼🔽🔼🔽🔼🔽🔼 

دحض شبهة تغيّر المعاني بإضافة النقاط للحروف
:

يعلم الجميع أن القرآن نزل باللغة العربية، ولمن لا يعلم فإن الحروف الهجائية لهذه اللغة كانت خالية تقريبًا من النقاط، وكان العرب جديرين بفهم كلماتها تمامًا فهي لغتهم القومية والشعبية أيضًا.

وبخصوص التنقيط والتشكيل المُضاف فإنه كان كتحصيل حاصل، إذ قد حُفظ القرآن سلفًا بالتواتر التام منذ صدر الإسلام وقد جاء التنقيط سريعًا بعد وفاة الرسول فلم ينتصف القرن الأول لظهور الإسلام حتى أصبحت الهجائية مميزة بنقاط تُيسر على غير العرب معرفة الحروف والتمييز بين متشابهاتها، فما كانت النقاط إلا لزوم تبيان الحرف للأعاجم. أما العرب فيستطيعون بسهولة فتح المصحف وإدراك الكلمات حتى بدون نقاط وسيفهمون المكتوب رغم ذلك. حيث كانت اللغة العربية تقرأ بالسليقة وتكتب بدون تنقيط.

فإن التنقيط والتشكيل ─أي إضافة الحركات─  فيما بعد (أي بعد اعتماد النص كما تنزل) كانتا إعانة لآخرين من غير العرب، وكانت كتطور ضروري لمواكبة حالة دخول العجم في دائرة الاسلام.

ويستطيع أي عربي إدراك معنى نص كامل بدون نقاط بل وحتى بدون حركات وذلك بربط السياق هذه الصورة بالأسفل هي تطبيق عملي على سهولة قراءة العرب للحروف بدون نقط ورغم ذلك يحصل الفهم للكلمات والجمل حسب السياق للعاقلين. وبالإمكان تطبيق ذلك على أي آيات او سور قرآنية.

🔼🔽🔼🔽🔼🔽🔼

الشعر ديوان العرب

:

وللذين يقولون أن التنقيط  قد غيّر من معنى القرآن فنقول: لقد وصل كل الشعر العربي الجاهلي ومنه شعر المعلقات العظيمة الشهيرة وقد كانت من قبل القرآن ومنه ما عاصره ولم تكن كل هذه القصائد وأبياتها المعدودة بالألوف لم تكن منقوطة ولا مشكولة أيضًا ولكنها وصلت إلينا بانضباط كبير وتام كما نرى.. أفلا يكون ذلك الحفظ والاعتناء بالدنيويات أولى أن يوجّه لكتاب يستحوذ على المكانة العليا عند أهله فضلًا عن وعد الله الحفظ بخصوصة؟!

فإن كان المشككين لا يتدبرون ذلك فليتدبروا الواقع على الأقل.
:.