أقدم اليوم عرضًا بانوراميًا سريعًا حول أقوال علماء هذا العصر الذي نعيشه
عن حياة «العبد الصالح» أو الذي نسميه نحن المسلمين بـ (الخضر) ومدى اتفاقهم وإجماعهم على
وفاته أي موته، فقط لكونه بشرًا لا يجب أن يتخطى العمر الطبيعي الذي لعموم البشر.
وبالإضافة لأسباب شرعية أخرى توجب عليه الموت حتف أنفه ليثبت صدق الإسلام.
ولكن لا ندري بخصوص من قضى من أولئك العلماء ماذا كان رأيهم عن عقيدة موت المسيح الناصري أيضًا؟ أما الأحياء منهم فيرفضونها تمامًا بل ويُكفّرون من يقول بها! وهنا تظهر منهم ازدواجية غريبة وتناقض؛ فإما أنهم لا يعدون المسيح الناصري بشرًا، أو أنهم يحقرون من أمر الخضر أو أنهم يحفظون ولا يفهمون..
تعالوا لنرى:ولكن لا ندري بخصوص من قضى من أولئك العلماء ماذا كان رأيهم عن عقيدة موت المسيح الناصري أيضًا؟ أما الأحياء منهم فيرفضونها تمامًا بل ويُكفّرون من يقول بها! وهنا تظهر منهم ازدواجية غريبة وتناقض؛ فإما أنهم لا يعدون المسيح الناصري بشرًا، أو أنهم يحقرون من أمر الخضر أو أنهم يحفظون ولا يفهمون..
الشيخ أبو إسحق الحويني |
هذا مما قاله حضرة الشيخ أبو إسحق الحويني في الرد على من قالوا أن الخضر لا يزال حيًا.
إنما نجد من العادي عندهم بل فرضًا أن يجمُل بعيسى ابن مريم وهو نبي أن يبقى حيًا في السماوات ولا ينزل حتى يتّبع النبي محمد ﷺ ويُقدم له فرائض الاتباع والطاعة.. يبدو أن قانون العلم قد تبخر في حالته!
إنما نجد من العادي عندهم بل فرضًا أن يجمُل بعيسى ابن مريم وهو نبي أن يبقى حيًا في السماوات ولا ينزل حتى يتّبع النبي محمد ﷺ ويُقدم له فرائض الاتباع والطاعة.. يبدو أن قانون العلم قد تبخر في حالته!
:
▬ «الخضر، كغيره من البشر مات في وقته»
الشيخ محمد بن صالح العثيمين |
إنما لما نأتي على سيرة المسيح عيسى ابن مريم، فلعله يُصرّح كمسلم بأنه ليس كغيره
من البشر، فلا يموت في وقته، وهو كالآلهة أقرب. نستغفر الله.
:
▬ في أثناء نقاشٍ ما، اعترض أحد الأفاضل على كلام
نقلته عن حضرة الشيخ أبو إسحق الحويني بخصوص وفاة الخضر في وقته كغيره من البشر، وربطه بحتمية موت المسيح الناصري عليه السلام
في وقته كغيره من البشر كذلك. وكانت حيثيات اعتراضه كالتالي:
1/ يُفترض عليَّ بصفة عامة حين أنقل عن أحد أن آتي برابط موقع مُحترم أو فيديو.
← ورد هذا الاعتراض هو أنني ذكرت الكلام السابق لحضرة الشيخ الحويني داخل قوسي تنصيص «...»
ما يعني أنني نقلته حرفيًا ونصًا. وعليه هو بعد ذلك أن يستوثق من تحقيق كلام الشيخ
تصديقًا أو تكذيبًا وأدعوه ليفضحني بأني مُدلس لو وجد أن ما نقلته ينقص حرفًا أو يزيد
أو مُقتطع من سياقه بحيث يتحول معناه لعكسه.
2/ وكان اعتراضه الثاني؛ إذا كان هذا رأي الحويني، فهل من وجهة نظري يكون هو
كالقرآن ومُلزم وقاعدة أقيس عليها مذهبي؟ [يقصد بمذهبي أي #الجماعة_الإسلامية_الأحمدية
جماعة المسيح الموعود عليه السلام].
← ولرد ذلك الاعتراض أقدمت على كتابة هذا الكلام: فأما عن شخص الحويني فلا يعنيني
كثيرًا، وما نقلي عنه إلا من باب إقامة الحجة على المشايخ وأتباعهم بما تنطق به أفواههم،
وما قوله بملزم ولا قاعدة يقاس عليها شيء ناهيك عن مذهبي، أما إذا نطق هو بقرآن بل
وقاعدة مُحكمة من القرآن فلا بد أن نقف هنا ونتأمل فيما قال.
الحويني |
3/ الاعتراض الثالث؛ ويقضي عليه ما قاله فضيلة الشيخ الحويني فيما قال: «إن
أهل التحقيق من العلماء يقولون أنه مات (أي الخضر) كما قال تعالى: {وما جعلنا لبشرٍ
من قبلك الخُلد، أفإن متَّ فهم الخالدون}» إذ يقول المُعترض: هل ما حدث مع نبى أو أحد
الصالحين قاعدة ونموذج للكل أم لكل موقف ونبي وصالح رسالته وظروفه وأتباعه وأنصاره
وأعداؤه ومهمته المختلفه عن غيره؟ فما وجه الاستدلال بكلمة الحوينى؟
فها هو الله جل شأنه ─إن كنت تخضع لقوله وقرآنه─ قد قدّم الاستدلال القطعي بهذه
الآية، وقد استدل بها الحويني واستدل بها العلماء الثقات المُحققين من السلف والخلف
واستدل به حضرة المسيح الموعود ومن بعده استدلت به جماعته لإفاقة المسلمين من غفوتهم
الطويلة حول الاعتقاد بخرافة حياة المسيح الناصري منذ ما يزيد على 2000 سنة.
فهذا الاستدلال القرآني القطعي هو مُلزم، لأنه مُحكم، وهو قاعدة ونموذج يقع وقوعًا
على كل بشر ليس على الخضر وحده ولا على المسيح وحده بل على كل بشر في هذا الكون. فهل
تصدق؟ أشك في ذلك.
:
الشيخ مقبل بن هادي الودعي |
هذا مما قاله فضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا يزال
حيًا.
وإن المرء ليعجب من هؤلاء المشايخ الذين أجمعوا على موت الخضر مكتفين فقط على
سبب أنه بشر وراحوا يسوقون الأدلة والبراهين القرآنية والحديثية التعزيزية فوق كونه
بشر، والنموذجية أي التي يُعنَي بها كل البشر.
غير أنهم حين يأتون على سيرة عيسى ابن مريم فإنم ينكصون على أعقابهم، أي يرجَعون
عمَّا كانوا عليه من خَير؛ خوفًا وجُبنًا وكأنه عليه السلام ليس بشرًا. فلو قلنا لهم
ولأتباعهم بأن النبي عيسى ابن مريم يقع عليه ما وقع على الخضر ─أي الموت─ كونه بشر
ولأنه لم يظهر وقت بدر لاستشاطوا غضبًا ولكفَّروا المؤمنين، على الرغم مما أتوا به
هم من البراهين. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
:
الشيخ محمد أمان بن علي الجامي |
هذا مما قاله فضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا
يزال حيًا.
السؤال الآن للقائلين بحياة النبي عيسى ابن مريم الخرافية [فوق ما يزيد على
2000 سنة من قبل رسول الله بستمائة سنة وحتى الآن]، هل هذا الإقرار غير المُستثني لأحد
يشمل المسيح الناصري عيسى ابن مريم؟
وبالطبع نقول أن كلام حضرة فضيلة الشيخ الجامي ليس قرآنا ولا مُلزمًا لأحد،
ولكننا نراه فحسب مُترجمًا للحديث القائل «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي».
:
الشيخ صالح بن سعد السحيمي |
السؤال الآن لفضيلة الشيخ، أليس النبي عيسى ابن مريم عليه السلام المسيح الناصري،
هو أيَضًا نفس منفوسة؟! أم أنه عليه السلام خارج عن دائرة السنن الإلهية في البشر وعن
كافة القواعد القرآنية والحديثية الجازمة بموته مثل هذا الحديث الشريف الصحيح الذي
أورده فضيلته عن صحيح مسلم؟
:
▬ «أما قوله حي فلا؛ ليس بحي.
لأنه لو كان حيًا لوجب عليه أن يؤمن بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن يجاهد معه. ولم يكن شيئًا من ذلك»
هذا مما قاله فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا
يزال حيًا.
والسؤال المُحير هو: أفليس هذا الكلام يعني فيما يعني الحديث القائل: «لو كان
موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي»؟ ولكن كما نرى المشايخ ومن وراءهم أتباعهم
يقولون الكلام الذي يُصادق على الحديث لكنهم في نفس الوقت ولو كررت على مسامعهم الحديث
فإنهم ينكرونه إنكارًا لتصريحه بوفاة عيسى ابن مريم..
العثيمين |
← الطريف أنهم يُصدقون فقط الحديث القائل: «لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي»
وبذلك يثبتون ─في ظنهم─ حياة عيسى، وعليه فيلصقون به تهمة التقصير والخيانة لتخلفه
عن الجهاد مع خاتم النبيين محمد ﷺ.
:
▬ قال حضرة الشيخ أبو إسحق الحويني: «هل
يُعقل أن يُبعث النبي ﷺ فيظل الخضر في الخلوات والفلوات
مع الوحوش ولا يأتي النبي مُسلمًا؟ هذه مسألة ممكن تبقى معقولة يعني؟»
ولو أننا سألنا فضيلته على معقولية ذلك بخصوص النبي الكريم عيسى ابن مريم فإني
أظنه سيقولن "آه ونص" أو لعل حضرته لا يؤمن بهذه العقيدة الخرافية بخصوص
حياة عيسى ابن مريم القديمة.
إذ كيف يكون النبي عيسى ابن مريم حيًا ومع ذلك لا يأتي النبي ﷺ مسلمًا؟؟! كيف
يُعقل هذا؟!
:
:
▬ «وليس هناك إلياس حي ولا خضر حي إنما هذا من
الخرافات. ولو كان إلياس أو الخضر حيًا لما وسعهم إلا أن يكونوا من أمة محمد ﷺ واتباع الرسول ﷺ وأن بعثته عامة للثقلين الجن والإنس، "وما أرسلناك إلا كافة للناس
بشيرًا ونذيرًا" وما ذُكر أن إلياس أو الخضر جاءا إلى النبي ﷺ فدل على أنهما غير موجودين»
الشيخ صالح الفوزان بن عبدالله الفوزان |
هذا مما قاله حضرة الشيخ صالح الفوزان بن عبدالله الفوزان في الرد على من قالوا أن الخضر وإلياس لا يزالا على قيد الحياة.
العجيب في قول هؤلاء المشايخ وأتباعهم من
ورائهم، أنهم لا يرون غضاضة في بعثة النبي محمد ﷺ في وسط حياة النبي عيسى ابن مريم التي يزعمونها، إذ كان
حيًا عليه السلام قبله ﷺ وظل كذلك في أثناء وطول مدة بعثه ﷺ ─ولم يأته مسلمًا─ وبقيَّ عليه السلام حتى بعد وفاة النبي ﷺ. وكأن نبوة محمد ﷺ تم تصغيرها واحتواءها في نبوة عيسى عليه السلام‼
:
:
▬ «هل يُعقل أن يُفضّل الخلوات والجلوس
مع الوحوش على الجهاد بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام
أو حضور الجماعة أو حضور حجة الوداع، "يفْضل مستخبي كده وداخل ف الجحر كده"
لا يأتي النبي عليه الصلاة والسلام ولا يفعل أي شيء من شعائر الإسلام؟»
هذا مما قاله حضرة الشيخ أبو إسحق الحويني في الرد على من قالوا أن الخضر لا يزال حيًا.
الحويني |
تقولون أن عيسى ابن مريم في السماء‼ فنردكم قائلين: وهل السماء تقلل من مهمة
النبي العظم محمد ﷺ ووجوب دعوته
التكليفية على عموم البشر الأحياء وإحاطتها بالثقلين؟ أم أن السماء تجعل لأحدٍ ما شرفًا
يعلو عليه ﷺ فلا يعيره هذا الشخص انتباها
أو اهتمامًا يُذكر، فيُصبح في ظل وجود النبي الكريم من المتعالين أو من المُقصرين والمتخلفين
المتخاذلين.
يا عباد الله فكروا..
:
:
▬ «أتعرض لهذه المسألة بمناسبة قول الله: {ولقد أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم
من كتابِ وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدقٌ لما معكم لَتُؤمنن به ولتنصرنه} فهل الخضر حي أم ميت؟
الجواب؛ الخضر نبي، عبدٌ صالح، نبيٌ؛ عاصر موسى صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أمر
موسى أن يذهب إلى الخضر كما ذكر الله تعالى لنا ذلك في سورة الكهف. والآيات التي أنزلها
الله تبارك وتعالى في شأن الخضر تدل على أنه نبي؛ لأن الخضر عليه السلام لمّا جرى ما
جرى له مع موسى صلى الله عليه وسلم قال لموسى أنا على علمِ علمنيه الله، وأنت على علم
علمك الله إياه. إذن الخضر نبي. فإذا كان نبيًا وقد بُعث هذا النبي (يقصد محمد ﷺ) والله تعالى
أخذ العهد والميثاق على الأنبياء أنهم متى ما بُعث النبي محمد عليهم أن يؤمنوا به ويتبعوه.
إذن على الخضر عندما يسمع أن النبي محمدًا قد بُعث، أن يأتي إلى رسول الله إما في مكة
أو في المدينة ويعيش مع رسول الله، ويؤمن برسول الله، ويتبع رسول الله، ويغزو مع رسول
الله، في بدر وأحد والخندق وحنين والطائف وتبوك وغيرها من الغزوات. هذا ما يقتضيه أمر
الله تعالى وعهد الله تعالى الذي أخذه على الأنبياء والرسل. أليس كذلك؟ بلى. {ولقد
أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتابِ وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدقٌ لما معكم لَتُؤمنن
به ولتنصرنه} إذن يجب على الخضر أن ينصر النبي محمد».
هذا من كلام فضيلة الشيخ عُمر بن محمد فلاتة رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا يزال حيًا.
الشيخ عمر بن محمد فلاتة |
هذا من كلام فضيلة الشيخ عُمر بن محمد فلاتة رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا يزال حيًا.
ولا ندري ماذا كان سيكون موقف وجواب فضيلته إذ بدلنا مكان اسم الخضر في هذا
الكلام لحضرته باسم عيسى ابن مريم كونه نبيٌ أيضًا ويقع عليه ما يقع على جميع الانبياء
أي «ميثاق النبيين» أفسيكون ميتًا على أساس هذا الميثاق الإلهي بما أنه عليه السلام
لم يحضر بين يدي النبي الأمي ﷺ ويُثبت نقسه مُتبعًا ومؤمنًا وناصرًا.. أم أن فضيلته سيستثنيه من هذا الميثاق
أيضًا الذي لم يستثن أحدًا من الأنبياء؟!
:
:
▬ «لو كان الخضر حيًا لأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه جاءه فآمن به واتبعه.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "لو كان أخي موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي" الله
أخذ العهد والميثاق على جميع الأنبياء وأتباعهم أن يؤمنوا بهذا النبي الكريم ويتّبعوه؛
ولما لم نعلم أن الخضر جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وآمن به علمنا تمامًا أنه
مات قبل ذلك. والله أعلم».
هذا مما قاله فضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله في الرد على من قالوا أن الخضر لا
يزال حيًا.
الجامي |
فلما لم نعلم أن عيسى ابن مريم عليه السلام جاء إلى النبي ﷺ وآمن به ─ذلك الإيمان الذي
يقر في القلب ويُصدقه العمل─ علمنا تمامًا أنه مات قبل ذلك. والله أعلم.
وكان ذكر فضيلة الشيخ الجامي للحديث "لو كان أخي موسى حيًا لما وسعه إلا
اتباعي" في هذا المقام لدليلًا على موت عيسى ابن مريم كذلك. فكما أن عدم حياة
موسى كانت عائقةً له كي يأتي ويتبع محمد ﷺ، كان عدم مجيء عيسى ابن مريم ليتبع محمد ﷺ إشارة واضحة على موته عليه السلام.
ففكروا..
■■■
إن الإشكالية الكبرى هي أن المسلمين الأحمديين أتباع المسيح الموعود عليه السلام حين يجهرون بذات هذه الأدلة القرآنية والشرعية والمنطقية والعقلية و.. إلخ لإثبات موت بشر أيضًا يتم اتهامهم من نفس هؤلاء المشايخ ─الحي منهم─ بالكفر والفسوق والمروق والضلال.. ناهيك عن أتباعهم طبعًا فهم خطر موذن له بالقتل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
:.
:.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق