السبت، 29 يوليو 2023

مقارنة بين يسوع الإنجيلي ومحمد ﷺ من حيث المغفرة والعفو عند المقدرة


  لو فكرنا نحن المسلمين بنفس منطق أخوتنا المسيحيين في تأليه نبيهم لأنه "غفر الخطايا"، فإذا عرفنا أن المغفرة لوحدها لا تمحو الخطايا، بل فقط تستر آثار الآثام والذنوب الناتجة عنها.

أما الذي يمحو الذنوب فعلًا فهو العفو، ولا يكون العفو إلا عند المقدرة. يعني يجب أن يكون الشخص قادرًا على العقاب حتى يمكننا تسميته عفُو.. أما إذا سامح الشخص أناسًا وهو غير قادر على عقابهم فذلك إنما يكون عن ضعف في الغالب، لأنه في الحقيقة لا يقدر على أكثر من ذلك.

وكما نعلم جميعًا لم يكن يسوع الإنجيلي قادرًا على عقوبة أحد أصلًا، فأنَّا له أن يعفو.. إنما مجرد مغفرته لخطايا البعض كان من منطلق ودي بحت كما يسامح الأخ أخيه.. بينما هو نفسه –فمن فرط قلة حيلته– لما تخيل حاله وقت مقدرته فإنه توعد أعدائه قائلا (هاتوهم أمامي واذبحوهم قدامي).. تخيلوا، فإن حتى العفو الذي كان "يمكن" أن يؤهله ليكون معبودًا قد ضيعه بجملة!

أما النبي محمد ﷺ، فهو على المقاييس السابقة، فقد استعلى على يسوع الإنجيلي بدرجات فلكية كبرى، ففي حين غفر يسوع للضعفاء والفقراء والمساكين فحسب نرى النبي محمد ﷺ يغفر للصناديد والمُعادين والمعاندين إذا لمس فيهم خيرًا إذ قال (اغفر لهم فإنهم لا يعلمون)، كما غفر للمساكين من أتباعه أيضًا فقال (اغفر لهم وارحمهم) وخص بالمغفرة في كثير من الأحيان أسماء ذكرها فقال (اغفر لفلان وفلان وفلان)..

ولكن كما قلنا فالمغفرة وحدها لا تجعل الشخص إلهًا لأنها لا تمحو الخطايا، بل فقط تستر آثار الآثام والذنوب الناتجة عنها.

وإن الذي يمحو الذنوب فعلًا هو العفو، ولا يكون العفو عفوًا –كما نعلم– إلا عند تمام المقدرة. وها هو النبي محمد ﷺ جالسًا في المقدمةِ قائدًا ملكًا في قمة المجد والقوة والسؤدد، وقدامه أعداءه فسألهم وهم الذين أذاقوه مرارة العيش والاضطهاد والعداوة طوال عشرين سنة فقال مانحًا إليهم العفو المُطلق وهو القادر على سحقهم حينئذ: «اذهبوا فأنتم الطُّلَقاءُ«.

فيا إخوتنا المسيحيين، إذا كنتم بالضرورة عابدين لشخص مخلوق فبالحري اعبدوا العفُو الذي يعفو عن الذنوب، أي يمحوها ويجعلها كأن لم تكن... لأن المغفرة ليس من خصايصها محو الذنب، إنما فقط تستره وتحجب أثره.

اعبدوا الذي يعفو حين يقدر. لا الذي لا يعفو ولا يقدر، ثم أعلن أنه حين يقدر سوف يفجُر