ففي عبارات صريحة وواضحة لا يخالطها شك، قال المسيح لأناس في أكثر من موقف: «مَغْفُورَةٌ لَك خَطَايَاك» فما معنى ذلك إلا ما هو واضح منه؟!
☐ تمهيـــــــد
قبل أن ندخل في غمار موضوع الإثبات هذا
(إثبات أن حضرة المسيح يغفر الخطايا)، نسأل ثلاثة أسئلة :–
❶ هل بغفران يسوع خطايا أولئك الأشخاص
الذين غفر لهم خطاياهم، يصبحون مطهرين حتى من الخطية الأولى؟!
❷ إذا كان باستطاعة يسوع (كإله) أن يغفر الخطايا كلها،
فما فائدة التجسد والفداء والكفارة؟!! (ما فائدة خطة الخلاص هذه برمتها؟!)
❸ إذا كان غفرانه للذين غفر لهم شمل خطيتهم الأصلية،
وهذا هو المتوقع، فهل عدم اعتراف هؤلاء برواية المسيحيين لأحداث الصليب يجعلهم خطاة
من جديد؟!!!
▢ حقًا إنه يغفر
وكذلك جميعُنا؛ يمكن أن نغفر لجميعِنا…
✓ فإذا كانت مغفرة
يسوع لا تشمل الخطية الأولى أيضًا، فما المزية في مغفرته عن مغفرتنا نحن لخطايا
الآخرين؟! الحق أقول لكم، إنه لا يكون له مزية أبدًا عن بشر في ذلك.
✓✓ وإذا كانت
مغفرته تلك تشمل الخطية الأولى، فحتى غيره من الأنبياء يقومون بذلك تمامًا، بل إن
ذلك من واجباتهم المكلفين بها أصلًا.
ولكن
كيف هذا، هل نحن نمزح؟!! كلا
والله، لكن تعالوا لنرى: -
❏ أصل الحكاية
— لقد
عصف بذهني هذا الموضوع بعد أن رأيت جواب أحد الأخوة المسيحيين يرد فيه على قول أحد
المسلمين القول: بأن الله تاب على آدم في زمنه وانتهى أمر الخطية.
—
فرد الشخص
المسيحي ردًا غريبًا حيرني، إذ قال: ☚ "هل قال الله لآدم (غفرت لك) ؟ لا،
لأن هناك فرق شاسع بين المغفرة ومجرد التوبة" ☛هذا كلام الشخص
المسيحي.
— وبعدها
بيومين حصل لي هذا العصف الذهني حول هذا الموضوع، ماهية المغفرة.
❐ ما الغفران؟!
في الواقع إن هذه الكلمات "مغفرة" و"غفران" بحد ذاتها تعبر بدلالة واقعية وقوية على بشرية يسوع الخالصة؛ فلو انتبه المسيحيون بوعي لمعنى المغفرة والاستغفار والغفران، لما اعتبروا المسيح إلهًا أصلا، لأن الألوهية (في هذا الإطار) تستلزم أكثر من مجرد المغفرة ومنح الغفران وطلب الاستغفار...
❐ فما العفو؟!!
والعفو هو الصفح
وترك العقوبة، (والصفح أي الإعراض عن الذنب وعدم الإلتفات إليه ثانية)، والعفو هو
المحو، وهو المعروف والعطاء من غير مسألة.
فهل
عفا المسيح عن أي إنسان، أي محا له ذنبًا؟ كلا.
فكما
نرى، المغفرة وحدها لا تمحو الخطايا، بل فقط تستر الذنوب الناتجة عنها، (فمغفرتي
لك ذنبك يعني مداراتي على مساوئك وأخطائك فقط، وليس محوها أبدًا). أما الله عز وجل فهو
وحده الذي يمحو الذنوب والآثام والخطايا… وهذا ما لم يفعله يسوع.
كما
أن العفو يقتضي المقدرة، ولم يكن يسوع قادرًا على عقوبة أحد أصلًا، فأنَّا له أن
يعفو؟!
❐ التوبة
أما التوبة فهي الرجوع، فتوبتي إلى الله
تعني رجوعي إليه بندم، وتوبته عز وجل عليَّ يعني أنه تعالى عاد عليَّ بفضله. وحتى
هذه لم يفعلها يسوع؛ لأن الذي يتوب على الخلق هو خالقهم، الله وحده.
فمن
كل ذلك، ندرك أن المغفرة هي أقل شيء يمكن إسداءه أمام الخطية والذنب، بينما العفو
فهو أعلى وأعلى وأجدر بالمقتدر، في حين أن التوبة فكأنها اللباس الجديد الذي يعطيه
الله تفضلًا بعد حرق لباس الخطية ومحوه...
وهذا
ما حدث لآدم بعدما أذنب، فإن الله تاب عليه، يعني أفاض عليه بفضله. لأن آدم ما كان
قاصدًا أن يذنب، ولا الله كان قاعدًا مترصدًا لتصيد الزلات، بل يغفر (أي
يستر ويتجاوز) وليس ذلك فحسب، بل ويعفو (أي يمحو ويصفح)، بل
ويعطي أكثر فيتوب (أي يفيض
بالفضل العميم) فهذا هو الرحمن الرحيم.
إذن،
فليست المغفرة شيئ أمام العفو، وتوبة الله أكثر فضلًا.
فأي
إله أحق بالعبادة إن كنتم صادقين؟■
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق