الأربعاء، 27 يوليو 2016

الدلائل من السنة النبوية والحديث الشريف والصحابة والتابعين وتابعي التابعين وكبار المفسرين على موت عيسى عليه السلام. أي [إجماع الأمة]



نقدم اليوم بعون الله موضوعًا مُجَمّعًا حول هذه القضية التي يتمسك بها المعارضين (حياة المسيح ابن مريم القديمة)! وفي الحقيقة نود القول بأن من جمّع هذه الأطراف حول هذه القضية وركزها بحيث لم يدع مجالًا لاعتراض مقبول بعد، هو حضرة سيدنا مرزا غلام أحمد المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام، في كتابه الرائع «حمامة البشرى» حيث قال حضرته:


والآن وقد وجدنا في أنفسنا أثناء قراءة كتاب حمامة البشرى لحضرة المسيح الموعود روح نشاطٍ وجدّ.. رأينا أن في توثيق وتحقيق هذا الكلام لحضرته خدمة نقدمها للناس أجمعين الضالين منهم والمهتدين، وتوفيرًا على الباحثين المُخلصين الصادقين، وإسكاتًا للمعارضين المعاندين. فأقدم الآن نص كل نقطة ودليل أشار إليها حضرته عليه السلام في مكتوبه هذا.

أولًا، ما ورد في البخاري، وتعليقنا عليه:

فهذا إقرار نبوي تفسيري عملي صريح وواضح حول معنى كلمة «توفيتني» ومعناها الإماتة، وإلا لَما استعملها نبينا العظيم ﷺ في مقامه هذا وقد مات ﷺ وما في ذلك خلاف. فمطابقة الأمرين على لسان رسول الله يقتضي مطابقة النتيجة أي أن المفارقة = الموت وهي المشار إليها في الآية بقوله «توفيتني».
والجدير ذكره أن البخاري أورد الحديث في موضعين آخرين من صحيحه الجامع، إضافة إلى "كتاب التفسير" كما هو مُشار إليه، والموضعين في كتاب "أحاديث الانبياء"، وكما أورده الإمام مسلم في صحيحه أيضًا في "كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها" وكذا الترمذي والنسائي وأحمد. فها هو إجماع المُحدثين على معنى التوفي أنه = الموت.
وكما قال حضرة المسيح الموعود في المنشور أعلاه: «والبخاري أشار إلى مذهبه المختار بهذا الاجتهاد» فأي مذهب تريدون من دون ما ذهب إليه البخاري أيها المعترضون؟!
لكم أن تقولوا أخطأ البخاري! ثم تواصلون في اعتراضاتكم مخالفين، فهل تجرؤون؟
كما للمعارض أن يتأمل كمّ الصحابة والتابعين الذين روى عنهم البخاري وغيره هذا الحديث وفيهم ابن عباس. وزيادة على من ورد ذكرهم في الرواية أعلاه فهناك جمع آخر حدثوا وأخبروا بهذا الحديث منهم (محمد بن كثير، سفيان، محمد بن يوسف، أبو بكر بن أبي شيبة، وكيع، عبيد الله بن معاذ، أبو البخاري، محمد بن المثنى، محمد بن بشار، محمد بن جعفر، محمود بن غيلان، وهب بن جرير، أبو داود وعفان). فهاهنا مُقدمٌ لكم ثلاث طبقات رفيعة الدرجات من الإثباتات الإجماعية، أولها نص كلام النبي ومعناه، ثم تصديق الصحابة له وإشاعتهم إياه، ثم اتخاذ البخاري وغيره من أئمة الحديث بهذا المذهب دون سواه. فأي مذهب تختارون أنتم بعد هؤلاء النبيين والصديقين والصالحين؟!

ثانيًا، ما أورده إمام المُحَدثين ابن القيم الجوزية:
ففي كتابه العظيم "مدراج السالكين" كتب واستشهد الإمام ابن القيم بالحديث "لو كان موسى وعيسى حيين لكانا من أتباعي" وذلك في إطار عرضه لمسألة تبعية العبد الصالح (الخضر) لمن؟

فإن العبد الصالح (الخضر) كان متبوعًا، وتابعه كان نبي الله في زمنه موسى عليه السلام، ومن هنا يجيء المعنى الذي أشار إليه حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد رضي الله عنه الخليفة الثاني لحضرة المسيح الموعود في التفسير الكبير حول أن ما الخضر إلا محمد ﷺ وما كان ما رآه وعاينه نبي الله موسى عليه السلام إلا كشفًا كشفه الله له حول مصير أمته ومستقبل أمة نبي آخر الزمان.
وابن القيم الجوزية هو من هو، ويمكن مطالعة ترجمة شخصيته وحياته في المرجع المُرفق والوقوف على أعماله ومواقفه في مواجهة أنواع البدع وانتشار الأخطار الكثيرة التي نُشبت على العالم الإسلامي حينذاك سواء كانت أخطار سياسية أو عسكرية نتج عنهما تدهور ديني واجتماعي.
فعلى الرغم من كل تلك الحوادث، والحالة التي طرأت على العالم الإسلامي في وقتها، ذكر الإمام ابن القيم هذا الحديث، ولم ينكر عليه أحد ذكره إياه.

فقط نجد من  الذين أنكروا الاستشهاد بهذا الحديث هم بعض المتأخرين جدًا كالألباني (1914 - 1999) وغيره من أساتذته وتلاميذه، لا لشيء إلا عنادًا وإباة ورفضًا لوعد قد حققه الله وفَرضَ تفصيله، فأنكروا الوعد وتنكروا لتفاصيله!

ثالثًا، ما أقرّه مُحدّث وقته، المجدد شاه ولي الله الدهلوي:
    ففي كتابه القيّم "الفوزالكبير في أصول التفسير" قال حضرة شاه ولي الله الدهلوي: «أما بعد: فيقول الفقير ولي الله بن عبدالرحيم ─عاملهما الله تعالى بلطفه العظيم─: لما فتح الله تعالى عليَّ بابًا من فهم كتابه المجيد، خطر ببالي أن أجمع وأقيد بعض النكات النافعة التي تنفع الأصحاب في رسالة مختصرة. والمرجو من لطف الله ─الذي لا انتهاء له─ أن يفتح لطلبة العلم ─بمجرد فهم هذه القواعد─ شارعًا واسعًا في فهم معاني كتاب الله، بحيث لو صرفوا عمرهم في مطالعة التفاسير، والقراءة على المفسرين ─على أنهم أقل قليل في هذا الزمان─ لم تتحصل لهم هذه الفوائد بهذا الضبط والربط». [مقدمة الفوز الكبير ط دار الغوثاني للدراسات القرآنية ص 15، 16]

ولكن وبكل أسى وأسف، لم نجد في هذه النسخة ─أو النُسخ المطبوعة حديثًا─ ما أورده حضرة سيدنا أحمد المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام في حاشيته في كلامه أعلاه (المنشور الأول)↑ الواردة بكتاب حمامة البشرى. فقد أُسقطت عمدًا من الطبعات الحديثة. وإن كان الكتاب (أي الفوز الكبير) قد تُرجم عن لغته الأصلية مرتين، فعلى الرغم من وجود القسم المحتوي على جزء التفسير الذي أشار إليه كاتب الكتاب ولي الله الدهلوي محررًا من قِبَلِهِ باللغة العربية، إلا أن أحدًا لم يُلحقه بأساس متن الفوز الكبير. وإن كان قد بقي هذا الجزء التفسيري متداولًا بشكل مستقل تحت عنوان "فتح الخبير بما لا بد من حفظه في علم التفسير".
وبفضل الله ومنته وحده وبالتوجه إلى حضرة عزته وسلطانه بالدعاء حصلنا على مخطوطٍ لهذا الجزء التفسيري من هذا الكتاب، تحت العنوان الأخير سالف الذكر، إضافة إلى طبعة قديمة جدًا لهذا الجزء.
وهذه صورة لغلاف هذه الطبعة نشرناها أدناه، فالحمد لله الذي هدانا ودلنا.
أما الموضع الذي ذكر فيه الإمام الدهلوي وما أشار إليه وقصده إمام الزمان حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام من أن معنى "متوفيك" = مميتك فقد أورده حضرة شاه ولي الله الدهلوي في الصفحة رقم 5 من هذا الكتاب في تفسير كلمات سورة آل عمران.

والملاحظ في تاريخ هذه الطبعة كما هو موضح على غلافها، أنها كانت متداولة في زمان بعثة سيدنا أحمد عليه السلام 1314 هـ فلم تكن مُستغربة إذن عقيدة موت المسيح عيسى ابن مريم، إلا أنها قوبلت بالرفض واستعملت كحائط صد وهمي مُخترع لا أساس حقيقي أو معتبر له أمام دعوة المسيح الموعود الجديدة والقوية مصداقًا لمواعيد الله القطعية المتحققة!
:
هذا ما استشهد به سيدنا أحمد المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام فضلًا عما أشار إليه من الدلائل القرآنية العديدة، فالقرآن هو أول موضح ومفسر مسألة موت عيسى فهو يقضي بذلك قضاءً مبرمًا لا احتمال فيه بخلافه، ولقد وفقنا الله تعالى لعرض جزء من ذلك في عشر حلقات أشرنا إليها سابقًا. ثم إن المفسر الثاني لكلمات «متوفيك» و «توفيتني» هو رسول الله في أحاديث التفسير التي أوردها ورواها أئمة الحديث المتقدمين العظام وهي أحاديث كلها صحيحة. وكان قبلهم المفسر الثالث هو الخليفة الأول لرسول الله ﷺ الصديق أبا بكر في ظرف وفاة النبي وفي حضور جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وقد فصلنا ذلك في موضوع مستقل في هذه المدونة، وكان المفسر الرابع ابن عباس رضي الله عنه والذي قال عنه وعن تفسيره شاه ولي الله الدهلوي:
    وأحسن الطرق في شرح الغريب ما صح عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن طريق ابن أبي طلحة، واعتمد عليها البخاري في صحيحه غالبًا.
أما المفسر الخامس فجماعة من التابعين، ولعلنا ذكرنا طيف غير قليل منهم في كلامنا هذا هنا، وسنزيد الطالبين. وكان المُفسر السادس الإمام البخاري وقوَّمَ صحيحه على ذلك، ثم كان المُفسر السابع الإمام ابن القيم في كتابه سالف الذكر "مدارج السالكين"، ثم كان المُفسر الثامن حضرة شاه ولي الله الدهلوي في ملحق كتابه "الفوز الكبير" أو بالأحرى الباب الخامس منه الذي اسمه "فتح الخبير". أفلما يأتيكم قائل بمثل ما قال الأولون تنكرون قوله! إنه إذن لظلم عظيم وازدواجية.
..
أما في الزيادة التي أشرنا إليها↑ فنقدم للطلاب هنا بعض من كلام كبار مفسرين آخرين.
فهذا كلام واحد من كبار المفسرين، الحافظ ابن كثير، فهو فضلًا عن أنه يورد الحديث سالف الذكر، فإنه فوق ذلك يورد أدلة قرآنية على فناء الجميع قبل النبي محمد ﷺ فلم يُكتب حتى لأحد من أيهم قبله أو بعده الخلد البتة، حيث أورد «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُون» [الأنبياء].

وإذا أردنا التعليق على الحديث الآخر الشهير بإيراد اسم موسى وحده في مثل هذا الحديث أي "لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي" فالمقصود هنا بإفراد موسى وحده هو قصد الشريعة لا قصد الشخص، إذ لو كان موسى حيًا فلزمه اتباع النبي محمد على الرغم من وجود شريعته معه، فلا معنى لوجود نبي مُشرع بدون شريعته معه؛ إلا أن توجد شريعة أخرى أشمل وأعم من شريعة هذا النبي المُشرع، فيلزمه اتباعها حتمًا.
ويمكن استيضاح ذلك الأمر أكثر بمطالعة كلام نجاشي الحبشة محاورًا كفار مكة الذين تبعوا المسلمين الفارين بدينهم من بطش أهليهم في مكة.


فمع أن النجاشي كان مسيحيًا غير أنه لم يورد اسم المسيح في كلامه هذا، بل قال: "إن هذا والذي جاء  به موسى عليه السلام ليخرج من مشكاة واحدة" يقصد الشريعة، وكذلك ورقة بن نوفل فقد تكلم عن موسى وناموسه أي الشريعة. فلا خلاف أو تعارض يمكن أن ينشأ بين حديث "لو كان موسى حيًا..." وحديث "لو كان موسى وعيسى حيين.." فالأول يقصد احتواء شريعة موسى في شريعة محمد ﷺ والثاني يقصد لزوم اتباع كل بشر حي مُكلف للنبي محمد ﷺ.
ونزيد في قائمة المفسرين زيادة أخرى؛ فقد ذكر أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط للقرآن الكريم ذات الحديث "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي".
فضلًا عن أنه نقلًا عن آخر وافقه أبي حيان هو شرف الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المُرسي وهو أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن السابع الهجري، كان عالمًا بالأدب والنحو والتفسير والحديث، قال عنه الذهبي: «الإمام العلامة البار القدوة ذو الفنون، كان الإمام متضلعًا في العلم، جيد الفهم، متين الديانة، و كان من أعيان العلماء، ذا معارف متعددة، وله مصنفات مفيدة».
إذن فكما هو واضح، وبعد كل هذا السرد غير المنقطع بل والمتجدد بإذن الله فبالله عليكم أي كلام آخر يمكن أن يُقال بعد ما أوردناه وذكرناه ودللنا عليه ووثقناه تحقيقًا؟! فهذا الكلام يعبر عن كيف أجمعت الأمة على "موت" المسيح ابن مريم عليه السلام؟ فأين المخالفين؟! هم المخالفون وإن على المخالفين أن يثبتوا عقلًا قبل أن يثبتوا نقلاً كيف يمكن أن يعيش بشر طبيعي لمدة 2000 سنة وتزيد؟؟ 
أما نحن أفنترك كلام الله وكلام رسوله وسنته ومن سار على منهجه من قوم صالحين لسواه من كلام قوم معاندين ضالين؟!
فالحمد لله رب العالمين.

:.

ليست هناك تعليقات: