السبت، 2 نوفمبر 2019

إرهاب مسيحي مُعاصر خلافًا للمسيحية السمحة!


في هذا المقال نُسلط الضوء على واحدة من الحركات الإرهابية المسيحية المُعاصرة، والتي تستخدم قوة السلاح باسم الدين لفرض معتقداتها من منطلق نصوص دينية حثتها على ذلك بحسب زعمها.. ولكن تسليطنا الضوء على هذه النوعيات من الحركات الإرهابية المسيحية ليس بغرض الهجوم أو المعايرة أو التشفي كما يفعل الأغيار من غير المنصفين لا سمح الله، فذلك ليس سبيلًا للتقوى، بل إننا لا نهاجم أيًا من الأديان مهما كانت معتقداتها، وإنما نعرض مثل هذه الأمور لنبين أن التطرف هو خلل طارئ تعاني منه جميع الأديان على اختلافها. وهو يقع حين تنحرف طوائف هذه الأديان عن جادة الصواب. ليكون القول الشهير بأن "الإرهاب لا دين له" هو في محله تمامًا في هذه الحال، وليعلم الذين يصِمون دينًا بعينه أنه هو بالذات منبع الإفساد والإرهاب.. أن هذه النظرة إنما هي نظرة الأعور الذي يُدجّل، فيشوه الحق ويداري على الباطل، ليفعل من خلاله الأفاعيل..

جيش الرب "أبطال جرائم القتل المُقدس"

الاسم الرسمي والنطاق الجغرافي
علم التنظيم
«جيش الرب للمقاومة [Lord Resistance Army [LRA» في البداية لم يكن هذا الاسم «جيش الرب للمقاومة» هو الاسم الأول للتنظيم؛ بل اختار زعيمه الحالي جوزيف كوني لتنظيمه أسماء أخرى قبل هذا الاسم، كلها تتسم بالسمة الدينية ومنها «جيش الرب للخلاص»، ثم غيّره إلى «القوات الديمقراطية المسيحية الموحدة»، ثم استقر بعد ذلك على اسمه الحالى المتداول وهو «جيش الرب للمقاومة» ويعرف أيضًا بين أعضائه باسم «جيش الإنقاذ المقدس المتحد»، ومحليًا باسم «الجيش أو الحركة المسيحية الأوغندية». ويُلاحظ أنه في كل الأحوال لم يخلو الاسم من السمة الدينية المسيحية.
وينتشر تنظيم جيش الرب في دول أوغندا، جنوب السودان، الكونغو، وأفريقيا الوسطى» وهناك تخوف دائم من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أن يصل نطاق عمليات جيش الرب إلى دولة جمهورية تشاد أيضًا لذا يتم إطلاق تحذيرات دائمة من إمكانية لجوء جيش الرب إليها "مكتب الأمم المتحدة الإقليمي لوسط أفريقيا" في بيان صادر في 2012 "إن الضغط الذي نمارسه الآن على جيش الرب يمكن أن يؤدي إلى توغله في بلدان أخرى"

تاريخ النشأة والتأسيس
ظهر تنظيم جيش الرب في ثمانينيات القرن العشرين وتحديدًا في سنة 1987م ويعود تاريخ أول وجود له في السودان في سنة 1991 إذ تُعد من طليعة الدول التي وطئتها أقدام جيش الرب بعد أوغندا بولاية شرق الاستوائية السودانية (جنوب السودان حاليًا)، لكن التنظيم لم ينشئ قاعدة عمليات له هناك إلا في العام 1994، إذ بدأ الأهالي حينها يشعرون بوجوده، متذكرين أول حالات قتل المدنيين التي وقعت في السنة نفسها وكذلك أول حالات الاختطاف. يتذكر زعيم محلي بأن الناس في الأيام الأولى لم يربطوا بين المقاتلين المسلحين الذين بدؤوا بالظهور والتنظيم الإرهابي [جيش الرب للمقاومة في السودان تاريخ ولمحات "ماركيه شوميروس" المعهد العالي للدراسات الدولية، جنيف 2007 – الطبعة الأولى]  إذن فمنذ سنة 1994 اتخذ زعيم التنظيم "كوني" من السودان قاعدة لانطلاق عملياته، وذلك بعد التضييق عليه من قِبل الحكومة الأوغندية.

+ الزعامة الروحية وشُبهة المنهج
أليس أوما - لاكوينا
تعتبر (أليس أوما 1956 - 2007) الشهيرة بـ"لاكوينا" أي المتنبئة بلغة قبائل الأشولي، وهي كاهنة أوغندية وزعيمة المتمردين في البلاد، هي المؤسس الروحي لتنظيم جيش الرب المسيحي للمقاومة، ولقد بدأت تحركها أولًا باسم «حركة الروح القدس» المنبثقة من جماعة "أتشولي" الإثنية عِرق الأتشولي هم أولئك الذين يعتبرون أنفسهم امتدادًا لأول إنسان مُنتصب القامة (صاحب الحضارة الأشولية) ويرجع منشأ هذا الاسم "أشولي" إلى حي القديس أشول بمدينة أميان شمال فرنسا على ضفاف نهر سوم حيث عُثر للمرة الأولى على حفريات تعود إلى هذا العصر في سنة 1859. والتي ترى أن لها الحق الحصري في الحكم دون سواها من المجموعات القبلية أو العرقية الأخرى في المنطقة. والغريب أن هذا التوجه العرقي العنصري لدى لاكوينا يخالف صراحة ما ذكره بولس حين أراد أن يضع تعليم الأخوُّة بين من أراد أن يتبع المسيح فقال: «لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح؛ ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع. فإن كنتم للمسيح، فأنتم إذًا نسل إبراهيم، وحسب الموعد ورثة» (رسالة غلاطية 3/ 26، 29) يقصد نسل إبراهيم روحيًا، وهي صلة أقوى من الصلة الجسدية.
ولكن تعتقد "لاكوينا" أنها موكلة من الروح القدس أيضًا، للإطاحة بالحكومة الأوغندية، فقالت أن تلك الروح خاطبتها وأمرتها أن تناضل هذا النظام الظالم. فبعد الإطاحة بالرئيس السابق لأوغندا الجنرال "تيتو أوكيلو" والمنتمي إلى مجموعة أشولي العرقية في شمال البلاد قام الرئيس "يوري موسيفيني" المنتمي إلى مجموعة عرقية أخرى واسمها "بايانكولي" بمواجهة هذه الحركة المتمردة التي تتزعمها "لاكوينا" فتم القضاء على حركتها هذه «حركة الروح القدس» في تلك المواجهة مع النظام الحكومي القائم أثناء تقدمها نحو العاصمة كمبالا 1987، وفرت لاكوينا إلى كينيا كلاجئة. فهل يكمن في معتقد لاكوينا أن الوحي المزعوم لها من الله جاء مخالفًا لما قد دُوِّن في العهد الجديد من حب ورضا وتسامح ولا عنصرية.. أم أنها اختارت تماثلًا فيما تلقت مع نصوص العهد القديم الحاثة على عنصرية واضحة وأن السيد المسيح نفسه صرّح قائلًا: «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل» (إنجيل متى 5/ 17) والحق أن كثير من المسيحيين لديهم هذه النظرة والانتظار، ولكن لا ننكر أن العض الآخر كذلك ينفر منها ويلتصق بتعليم الحب الذي أرساه المسيح مُصححًا لما  أفسده القوم بفهم مغلوط.

الزعامة الفعلية لتنظيم جيش الرب المسيحي
جوزيف كوني
انضم معظم أتباع "لاكوينا" إلى جيش الرب للمقاومة المنبثق عن حركتها، وهو تحت قيادة جوزيف كوني حاليًا، والذي قيل أنه ابن أخيها أو ابن عمها في بعض الروايات.
لقد خلَف "لاكوينا" في الزعامة قريبها (جوزيف كوني من مواليد قرية أوديك شمال أوغندا سنة 1961) وقد ادعى في عام 1987 بأنه نبي شعب الأشولي فقاد حركة الروح القدس، ومن ثم قام بإنشاء حركة جيش الرب المستمرة في عملياتها إلى الآن. وقد بدأ جوزيف كوني حياته العملية في شبابه دينيًا كشمّاس (أي خادم) في الكنيسة الكاثوليكية، إلا أنه ترك ذلك التعليم الديني لاحقًا واشتغل في أعمال التداوي الشعبي.

أهداف التنظيم هل هي مسيحية؟!
يسعى جيش الرب إلى هدف رئيسي معلن وهو الإطاحة بنظام الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، من أجل هدف أساسي هو إقامة نظام حكم ديني يتأسس على الكتاب المقدس/ العهد الجديد والوصايا العشر كما يزعم. وعلى الرغم من كون تعاليم الإنجيل –العهد الجديد من الكتاب المقدس– جاءت لتصلح المفاسد التي طغت روحًا ونصًا على معظم نصوص العهد القديم وشعبه إلا أن ذلك وللأسف لم يلق صدى في خاطر زعيم وقادة هذا التنطيم المسيحي المسلح. بل نراهم نُكصوا على أعقابهم ورأوا أن سماحة الإنجيل لا تنفصل عن عنف العهد القديم بحال!
يقول زعيم تنظيم جيش الرب جوزيف كوني: "أنه على الرغم من أن العديد من أعضاء جيش الرب للمقاومة مسيحيون متدينون، إلا أنهم لا ينتوون أن يكونوا أصوليين مسيحيين" بيان موقَّع عن جوزيف كوني صدر في 1999 وذلك في محاولة منه للرد على الرأي القائل بأن جيش الرب للمقاومة هو حركة إرهابية ذات دوافع دينية فحسب. وكأني هنا أرى أن زعيم هذا التنظيم يذم في فحوى الرسالة المسيحية، يريد بذلك القول للناس والإعلام أننا إذا تغلبنا لن نحكم بتعليم المسيح، بل نرهب ونخوف به فقط حتى نصل إلى غايتنا وهي الحكم ثم سنكون غير ذلك حينئذ! فكأنه ينبذ حين يصل لمبتغاه حتى تلك هذه الأسس التي نادى بها لإنشاء تنظيمه (الوصايا العشر) والتي منها «لا تقتل... لا تزن... لا تسرق... لا تشتهي مما لقريبك» ولكننا وللعجب نرى كل تلك الموبقات المنهي عنها مُرتكبة بكل تبجح ووقاحة على أيد هذ التظيم زعيمًا وقوادًا وجنود!
هذا وقد أفاد كوني بنفسه قائلًا أنه "لا يمكنني القول بأننا نخوض حرباً نظيفة أو أن موسيفيني يخوض حرباً قذرة، هذا يصعب قوله. لأن الحرب النظيفة يعلم بها الله وحده"! مقابلة أجرتها الباحثة "ماركيه شوميروس" مع جوزيف كوني، ري – كوانغبا، 12 يونيو 2006 وقد تبنى كونى تفسيرًا معينًا للنصوص الدينية، وهو بذلك يكون كغيره من المتطرفين يرفض أى شرح آخر يخالف فكره ومسعاه، بل إنه لجأ إلى تفسير هذه النصوص بشكل يمكِّنه من قتل أفراد من جماعته بعد أن رأى أنهم تعاونوا مع الحكومة ضده، كما يُشاع عن مقتل فنسنت أوتي الرجل الثاني في التنظيم تقرير عن هيئة الإذاعة البريطانية بتاريخ 27 ديسمبر 2007 عن اختفاء أوتي
وخلافًا لما قدمه السيد المسيح من تعاليم قال فيها: «سمعتم أنه قيل: عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا. ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين. من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده. سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين. لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك؟ وإن سلمتم على إخوتكم فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا؟ فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل» (إنجيل متى 5/ 38: 48) 
فنسنت أوتي
إلا أنه قد اشتهر عن كوني أنه يؤمن بمنطق "إذا فعل لك شخص شيئًا سيئًا فلتقم بقتله"، ولم يقتصر على اعتبار نفسه بأنه كليم الله أو المتحدث الوحيد باسم الرب، وإنما أيضًا اعتبر نفسه الوسيط بين القوى الروحية والناس، والحق أن ما أو من يتصل به هي قوى الشيطان المُحرضة على سفك الدماء بلا حق والمؤججة لأسباب النزاعات سعيًا لجني مكاسب مادية ودنيوية بدلًا من السعي للارتقاء بشعوب العالم بما يفيد ويبني فقد كان مواطنو شمال أوغندا يؤمنون بقوى الأرواح والسحر، وهذا ما استغله جوزيف كوني ومن وراءه؛ حيث تؤمن جماعة الأشولى فى معتقداتها التقليدية بتداخل عالم الأرواح مع البشر.
قال فنسنت أوتي الرجل الثانى فى تنظيم جيش الرب –الذي أشيع أنه قُتل- فى مقابلة معه حينما سئل عن سبب اختيار اسم جيش الرب فجاء رده: «أطلقنا هذا الاسم على الحركة؛ لأننا نقاتل فى سبيل الله، فالله هو الذى يساعدنا فى الأدغال، وفى معاركنا.. نحن نقاتل من أجل الكتاب المقدس وتطبيق الوصايا العشر... وذلك كما أسلفنا هو إما إيمان جزافي بفقه الإبادة العنصرية المُستقاة من نصوص العهد القديم بغض النظر عن كل فساد نهى عن ارتكابه، وإما بالتحايل على تعاليم حضرة المسيح الناصري السمحة والداعية للسلام ونزعها عن روحها.

بعض جرائم هذا التنظيم المُسجلة
وبخلاف ما ورد من تعاليم نصية مقدسة نادى بها زعماء وقادة هذا التنظيم في تأسيسه، فقد ارتُكبت جرائم وحشية يندى لها الجبين، فقط إذا سُمع خبرها، ناهيك عن الحال إذا رُئيت.. فعداد قتلاهم على مدى السنين لا يحصره مقال
قام التنظيم بقتل أكثر من 100 ألف شخص في وسط إفريقيا خلال الأعوام الـ25 الأخيرة. هذا الإحصاء عن الأمم المتحدة في عام 2013، وعداد المخطوفين على أيديهم لا يجيب عنه سؤال قام أعضاء التنظيم بخطف ما بين 60 ألف و100 ألف طفل هذا غير التهجير الجماعي والتشريد والتدريب على القتل الممنهج وممارسة العبودية والاستغلال الجنسي والتشويه آن فينمان، المديرة التنفيذية لليونيسف، في تصريح لها بتاريخ 13 أغسطس 2009  ناهيك أيضًا عن النهب والتخريب والاغتصاب والتجنيد القسري للأطفال والغارات المتزامنة على المدنيين العزل وفوق كل هذا إبراز وحشيتهم المتعمدة والبشعة باستخدام الفؤوس والسكاكين والمعاول والعصي والرماح في القتل تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الخاص بالسودان 2009
وكمن يحتمى من الرمضاء بالنار فقد فرَّ أكثر من 15000 لاجئ من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جنوب السودان هربًا من هجمات جيش الرب الذي شن هجوما على شرق الكونغو تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين 2009، فأين يذهبون!

هل من أمل لمواجهة ذلك الخطر؟!
البابا شنودة الثالث
هناك مبدأ قرآني حكيم يقول: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات: 10) أي إذا قامت مجموعتان من الناس بالمواجهة بالحرب وكلهم يدّعون حمل اسم الله، فلا بد لسعي طرف ثالث لا يميل إلى أي من الطرفين لإقامة الصلح بينهما، ولكن إذا تمادت إحدى المجموعتين المتقاتلة في العدوان فلا بد من مواجهتها بحسم، فإن رجعت عما طغت فيه فلا بد حين الحكم عليها أن نتوخى سُبل العدل والإنصاف ولا  يكون الحكم بناءًا على الانتقام إعلانًا للكبرياء الذي هو مبدء كل الشرور. وقد قال حضرة البابا شنودة الثالث بطريرك الإسكندرية السابق: إن الله الذي أعطى هذه الوصية قائلًا «لا تقتل»، قد صرح بنفسه بالقتل في حالات معينة. بل نقول أكثر من هذا، لإنه لم يصرح فقط بل قد أمر أمرًا... وكسّر الوصية السادسة كانت عقوبته القتل أيضًا، سواء كان قتلًا بغدر، أو ضربًا أفضى لموت أو قتلًا غير مباشر؛ كأن يترك إنسان ثوره النطاح طليقًا فيقتل إنسانًا...(البابا شنودة الثالث البطريرك 117 لكنيسة الإسكندرية، كتاب "الوصايا العشر في المفهوم المسيحي" ج3 لا تقتل، الفصل الأول، ط13 ص7 تحت عنوان "القتل المباح")
لذا فإن المواجهة الحكومية الواقعة ضد هذا التنظيم وما شابهه هي حق، حفظًا لأمن البلاد والعباد، غير أنه يجب في كل الأحوال أن يتحلى آخذ الحق بالعدل والحكمة في التصرف إذا ما وضع يده على عدوه ليقتص منه، ولا يترُك المجال للثوائر النفسانية والانتقامية لديه لتحل محل الحكمة والفطنة في استقراء المستقبل وما يمكن أن يكون في حال انتهاج أي من الطريقين؛ الانتقام طلبًا للثأر أو الحكمة سعيًا إلى السلام.


الأحد، 1 سبتمبر 2019

المجيء الثاني للمسيح بالتزامن مع الشركة التي غيرت العالم


العقائد الدينية والعقل المعاصر
شكل متصور المسيح الناصري عليه السلام
طَرحت إحدى صفحات التبشير بالمسيحية عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي سؤالًا تبشيريًا بعودة السيد المسيح إلى الدنيا ثانية وصاغته هكذا: «هل تعلم أن يسوع المسيح سيأتي ثانيةً؟» وكان ذلك ربما لتكون الإجابة تقريرية بـ"نعم" بناء على الإيمان المتوارث فينتشر التقرير بالإيجاب بحسب المعتقد المسيحي ويسود على ما سواه؛ أو لتكون الإجابة استفهامية ومتعجبة بـ"كيف؟!" ذلك لغرابة الموضوع وعدم منطقيته في عصرٍ أصبح كل ما هو ديني مُقدس إلا أنه يخالف العقل صراحةً وليس له سبيل للتبرير المنطقي صار لا يعول عليه. «ومن الخطأ الفادح الأمل في نهضة دينية في العصر الراهن الذي تسوده الأفكار الفلسفية والعقل والرصانة والذكاء مع مثل هذه المعتقدات» (إزالة الأوهام ـ مرزا غلام أحمد) لذا، يقع البعض جراء عدم استيعاب هذا المعتقد من الخرافة المشتركة (يعتقد المسيحيون ومعظم المسلمون من غير الأحمديين بهذه الخرافة أي استمرار حياة المسيح الناصري منذ ألآف السنين ثم عودته بشخصه في آخر الزمان) بسبب الوقوف جمودًا على فهوم السلف في فخ الإلحاد بدلًا من أن تهديهم إلى سبيل الرشاد، ويظل الآخرين مصرين على ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا مخطئين، أو كانوا مؤمنين بالنبوءات إجمالًا دون تفصيلها، فلما أتى تفصيلها أصبح معاينوا تلك التفاصيل بلا عذر، فبينما يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء، وهؤلاء لن يلتفت إليهم الكثير مهما قالوا إلا من يمشي وراء أهواءه وشهواته، ولن يتأثر بهم إلا قليل الوعي سخيف العقل إذ أنه «لو أراد أحد نشر هذه الأفكار الواهية والسخيفة في صحارى أفريقيا أو بين البدو والأميين من سكان براري العرب أو في المتوحشين في الجزر المنعزلة، فقد تنتشر بسهولة نسبيًا، ولكننا لا نستطيع أن ننشر بين المثقفين قط مثل هذه التعاليم التي تتعارض كليًا مع العقل والمنطق والعلوم الطبيعية والفلسفية..» (المرجع السابق)

الفهم العقلاني لبشرى عودة المسيح بحسب العهد الجديد
وعليه فقد أقدمتُ بدوري لأجيب على هذا السؤال، وذلك من منطلق كوني مسلمًا أحمديًا وجوابي حينئذ موجّه لمسيحيين بالدرجة الأولى؛ فلا بد إذن والحال كذلك أن يكون الجواب مُتحيليًا بسمات عقيدتي الإسلامية السوية غير المشوبة بدعمٍ للخرافة؛ إنما يتميز بالتخلص منها، كما يكون مُتقيدًا مع ذلك بنصوص كتاب المسيحيين المقدس. فكان على هذا المنوال: نعم سيأتي المسيح ثانيةً؛ ولكن مجيئه هذا سيكون مُمثلًا في شخص آخر غير ذلك المسيح الناصري المعروف الذي أُرسل في بيت إسرائيل. ولقد بيّنَتْ نصوص الكتاب المقدس بالأدلة الواضحة المباشرة والمُركبة على ذلك، بما لا يدع مجالًا للشك حوله.
فإذا كان الله جل شأنه قد تجسد في المسيح (بمصطلح المسيحيين) أي تجلى على شخص يسوع المسيح، الذي كان قد مات في الجسد ولكنه حي بالروح، كما صرّح بذلك القديس بطرس في إحدى رسائله، وهو أهم تلامذة السيد المسيح حيث قال: «فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمةِ، لكي يقربنا إلى الله، مُماتًا في الجسد ولكن مُحيًى في الروح» (رسالة القديس بطرس الأولى 3/ 18-19) فهذا يعني أن الله عز وجل حين يأتي في الزمن الأخير ليدين العالم فسوف يصطفي ويختار جسدًا مُقدسًا آخر غير جسد السيد المسيح يسوع الناصري الذي قد مات سلفًا؛ لأنه ─بحسب بولس في رسالته إلى العبرانيين─ كان على الناس أن يموتوا مرة واحدة فحسب! حيث قال: «وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة (أي القيامة بمصطلح المسلمين)، هكذا المسيح أيضًا، بعدما قُدِّم لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانية (يعني في شخص آخر) بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه» (الرسالة إلى العبرانيين 9/ 27-28)
إضاءات حول النبوءة السابقة
ومن هذا الكلام السابق والواضح والمباشر فإذا أردنا أن نستخلص أمورًا أخرى مُركبة حول مسائل التجسد لله سبحانه وتعالى عن ذلك، والتأله للمسيح حاشاه كذلك، لوجدنا المبتغى. فعلى سبيل الذكر فإن الجسد المُمات الذي لن يعود ثانية ولا يحق له أن يعود (بحسب نصوص العهد الجديد سالفة الذكر) فبالتأكيد لا يمكن تسميته جسدًا ألوهيًا، فإذا كان المسيحيون يتغنون دائمًا بضرورة موت ابن الله المتجسد لتتحقق بناء عليه الكفارة ويتم الفداء، فإن استحالة العودة المشار إليها هنا لهذا الجسد المُمات تنفي عنه الألوهة تمامًا وتضعه في مصاف المُصطفين الأخيار الذين تجلت في صفاتهم المُطهرة وانعكست عليهم صفات الله خالقهم كما تتجلى على آخرين.
وأنه بناء على ذلك الموت البشري والمحال العودة لأحدٍ بعده، فكان على الله الصادق والموفِ بوعده أن يُتِم ما بَشّر به من خلال الأنبياء، أي عودة المسيح، ولكن هذا لا يحدث بالمخالفة مع ما أقره الله جل شأنه منذ قليل، وإلا لأصبح سبحانه وتعالى متناقضًا متضارب الأقوال والأفعال.. إنما يحدث بحسب سنة الله القديمة والسارية في الخلق، أي ببعث الأنبياء الهداة المعصومين الذين لا يتفوهون إلا بما أمر الله به ولا يفعلون إلا ما يرضاه عز وجل وعلى أيديهم يكون الإصلاح.
وفي حالة المسيح الموعود بإتيانه في الزمن الأخير وكونه شخصًا آخر غير المسيح الناصري، فهو مسيح أيضًا لأن الله مسحه أي أعطاه الإذن واختاره وأقامه لتنفيذ مقاصده من شعبه(5) (5).(دائرة المعارف الكتابية ص130 مجلد7 تحت كلمة مسيح) أي قومه، ولأن الله وعد بعودة المسيح فلا بد في الآتي أن يكون مسيحًا بنفس الموصفات التكليفية والمهام الإصلاحية التي كان يتحلى بها المبعوث الأول أي المسيح الناصري عليه السلام الذي أتى عليه الموت، ذلك إيفاءًا للوعد الإلهي بما لا يجعل للخرافة محل.
عودة ألوهية جلالية الشكل!
وفي مواجهة هذه التصاريح الكتابية من أناس مقدسين عند إخوتنا المسيحيين فلا يُنتظر من معظمهم بدايةً قبولهم إياها والخضوع لها مباشرة رغم صحتها ووضوحها، فإن طبيعة النفس البشرية (عمومًا) تميل إلى الاعتراض.. لذا فدائما ما يُهرع المسيحيون في مثل هذه الحال إلى سفر الرؤيا (رؤيا يوحنا اللاهوتي، آخر أسفار العهد الجديد ـ الكتاب المقدس) للخروج من مثل هذا المأزق المذكور في متن العهد الجديد بتصريح من أكابر التلاميذ، أي القديس بطرس؛ وأهم شخصية في التاريخ المسيحي فيما بعد وأعلاهم درجة عند المسيحيين الآن أي بولس. فنراهم يتصورون المجيء الآخر للمسيح بأنه سيكون في شكله الجلالي الألوهي المخيف بحسب ما صوره سفر الرؤيا حيث يقول الرائي: «كنت في الروح في يوم الرب وسمعت ورائي صوتًا عظيمًا كصوت بوق قائلًا: "أنا هو الألف والياء. الأول والآخر...". فالتفتُّ لأنظر الصوت الذي تكلم معي. ولما التفتُّ رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان، متسربلًا بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون. وصوته كصوت مياه كثيرة. ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه، ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها. فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى عليَّ قائلًا لي: "لاتخف، أنا هو الأول والآخر، والحي. وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! آمين»(6) (6).(رؤيا يوحنا اللاهوتي 1/ 10ـ18) وهذا كما هو واضح كلام راءٍ في رؤيا منامية، ونحن لا نُكذّبه بالطبع إلا أنه لا يؤخذ كذلك بحرفيته بل يؤول، أي يُفسر، ففي المسيحية الرؤيا ضرب من ضروب الأحلام تُفسر بما يقبله العقل الواعي في الواقع، بعيدًا عن التصور الخرافي ─الذي قد تُرى به─ في تحققها. 
والحلم والرؤيا في المسيحية هما وسيلة لتبليغ رسالة من الله وإعلان كلمته ومشيئته لعبيده (دائرة المعارف الكتابية، تحت كلمة حلم ج3، ص155 وتحت كلمة رؤية ج4، ص19، 20) فمهما كانت صورة الرؤيا، سواء كانت صور متحركة كما حدث في رؤية يعقوب في السلم المنصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء وملائكة الله صاعدة ونازلة عليها (تك 28: 18)، أو في صورة ساكنة كرؤية عاموس لسلة القطاف (عاموس 8: 1) فإنها في جميع الحالات كانت لتبليغ رسالة من الله (المرجع السابق ص20) ولدينا كذلك رؤيا يوسف التي رأى فيها كواكبًا وشمسًا وقمر فأوّلها يعقوب أبيه بما يناسب الفهم الطبيعي للبشر ولم يشطط.

الله لا يره أحدٌ قط
ثم إنه وفوق ذلك كله، أي وجوب تأويل ما يُرى من الأحلام والرؤى بما لا يناقض المنطق والتصورات المقبولة، فعلى المسيحيين أن لا يغفلوا أيضًا عن قاعدة كتابية هامة تفيد استحالة رؤية البشر لله تمامًا كما قيل: «الله لم يره أحدٌ قط» (يوحنا 1/ 18) و«الله لم ينظره أحدُ قط» (يوحنا الأولى 4/ 12). فلو لُجئ للقول بأن هذا كان قبل قيامة يسوع المسيح وتمام الفداء وقد تم فيما بعد إعطاء التلاميذ القدرة على ذلك، فصاروا قادرين بسبب المواهب التي نالوها بامتلاءهم من الروح القدس؛ لواجهنا ما قرره بولس أيضًا في رسائله حين أكد قائلًا عن الله دائمًا: «ساكنًا في نور لا يُدنى منه، الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه»(9) (9).(رسالة بولس إلى تيموثاوس 6/ 16)
وبذلك نكون أمام متلازمة وجوب مجيء المسيح في شخص مثيل للذي مات سلفًا وبأمر من الله الذي لا يُرى أبدًا.، فصار لزامًا علينا البحث، خاصة مع تحقق الظروف وحلول المواعيد والعلامات المؤذنه بمجيء المسيح، إذ قد حدث كل ما أخبر عنه وأنذر، وقد أورقت أغصان التينة وحل فصل الصيف وأحرق المسكونة كما سنرى، أفلا من مُخلّص؟!
مواعيد زمنية وعلامات جغرافية
لم يترك السيد المسيح الناصري خاصته واتباعه هكذا دون أن يُحدد لهم علامة زمن المجيء الثاني ومكانه عبر نبوءات أصبحت جلية الآن بعد وقوعها وتحققها. فقد ذكر عليه السلام فيما ذكر من علامات حول ذلك أمرعظيم الشأن إذ قال: «ها أنا أنذركم. فإن قالوا لكم: ها هو في البرية! فلا تخرجوا إلى هناك، أو ها هو في داخل البيوت! فلا تصدقوا، لأن مجيء ابن الإنسان يكون مثل البرق الذي يلمع من المشرق ويضيء في المغرب. وحيث تكون الجيفة تجتمع النسور» (إنجيل متى24/ 25-28 الترجمة العربية المشتركة "الأخبار السارة") فياله من تحديد جغرافي وزمني ممتاز للمتفحصين.
لقد بين السيد المسيح الناصري أن مجيء مسيح آخر الزمان "الموعود" سيكون كبروز ليس له نظير في وقته، يلمع كالبرق، ويظهر في أرض الشرق، ويمتد أثر نوره حتى أقاصي الأرض من الجهة الأخرى منها أي الغرب، فإذا كان قائل هذا الكلام هو المسيح الناصري في وطنه فلسطين بما فيها من مدن وبلدات كأورشليم القدس أو الجليل أو الناصرة.. وغيرها.. فلا بُد أن يُفهم قوله: "من المشرق ويضيء في المغرب" أنه سيظهر بارزًا لامعًا كالبرق في الناحية الشرقية من خريطة العالم، ويُسمع ويرى أثره في الغرب منها. فها قد حدد السيد المسيح الناصري النطاق الجغرافي العام لمجيئ المسيح الموعود، ثم نجد أنه من أجل تضييق هذا النطاق وتعيينه أكثر ذكر علامة فيها ما يلبي ذلك الغرض فقال: "وحيث تكون الجيفة تجتمع النسور" وهي علامة عظيمة الشأن تجمع بين تحديد الزمان وتأكيد المكان أيضًا.

حركة (الكشوف الجغرافية) وشركات الهند الشرقية الأوربية
لقد عرف التاريخ الحديث أول شكل من أشكال الاستغلال الرسمي المُنظم منذ أن بدأ ما يُسمى بحركة الكشوف الجغرافية والتي على إثرها نشطت الدول الأوربية تتسابق استعماريًا في استغلال الأراضي وما عليها من بشر وموارد في الجنوب والشرق من العالم ثم التحول غربًا، وقد بدأ هذا الاستغلال في شكله التجاري أولًا بما عُرف بالشركات العابرة للقارات فصارت سمة العصر؛ فهي باكورة ونتاج الكشوف الجغرافية المذكورة، فبرزت النسور التجارية المتحينة لكل فرصة للانقضاض على أي فريسة لا حول لها ولا قوة.. أو جيفة هزيلة ملقاة لقنصها ونهشها (كتاب الشركة التي غيرت العالم، تأليف نك روبينز، ترجمة كمال المصري) وكانت هذه النسور التجارية ممثلة في شركات الهند الشرقية متعددة الجنسيات فمنها الهولندية والدنماركية والبرتغالية والفرنسية والسويدية وأبرزها البريطانية التي تفوقت وهيمنت على الكل. ولا يغيب أن الهند على ذلك هي أقدم المستعمرات وأهمها إطلاقًا بعد أن كانت إمبراطورية عظيمة لها حضارة مجيدة؛ فكانت جراء التمزق الذي حاق بها والصراعات التي خيضت من أجلها والشركات التي أقيمت حولها مصداقًا للنبوءة "حيثما تكون الجثة تجتمع النسور".

مجيء الموعود وتحقق الوعود
حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عليه السلام
فلما كان ذلك التوافق الزماني والمكاني بناء على النبوءة، فقد أصبح لزامًا على المهتمين أن يبحثوا، وعلى المتلهفين أن يشخصوا، وينصتوا لصوتٍ برز لامعًا في عين ذلك المكان، وفي خواتيم هذا الزمان وأخذ يقول ويصدح حتى سُمع مقاله في الغرب أقصى الأرض. فقد أخبر عمن أرسله «سأذيع اسمك إلى أطراف الأرضين بعزة، وأرفع ذكرك، وألقي محبتك في القلوب. "جعلناك المسيح ابن مريم"» (إلهام تلقاه حضرة مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عام 1891 وسجّله في كتاب إزالة الأوهام) وقد وضح حضرة مرزا غلام أحمد علة تطابق هذا المسمى بينه وبين المسيح الناصري فقال: «وكل هذه المفاسد ستنتشر في الدنيا في الجزء الأخير من الزمن الأخير بواسطة الديانة المسيحية. عندها تهيج روحانية المسيح بشدة متناهية وتقتضي نزولها بالجلال. فتنزل بصورة المثيل الجلالي وينتهي ذلك الزمن» (مرآة كمالات الإسلام الطبعة الحديثة ص220،221) كما أُخبر بإلهام عمن أرسله في هذه الحلة أيضًا «وما كان الله ليتركك حتى يميز الخبيث من الطيب. كُنتُ كنزًا مخفيًا فأردتُ أن أُعرف. أنت الواسطة بيني وبين الخلق، نفخت فيك روحي. نُصرت، ولات حين مناص. بالحق نزلت وتحققت بك أنباء الأنبياء» (إلهام تلقاه حضرة مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عام 1897) فلو تأملنا في هذا الإلهام الأخير لوجدناه مفسرًا منطقيًا للكلام الوارد في رؤيا يوحنا اللاهوتي القائل: «لاتخف، أنا هو الأول والآخر، والحي. وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! آمين» فهذا هو المسيح الموعود الذي بَشّر بقدومه المسيح الناصري وحدد للمنتظرين مواعيده والعلامات ─التي قدمنا بعضها─ ولقد تطابقت في شخصه الآيات والنبوءات.. وقد قال: «لقد سُميتُ ابن مريم لأني أُعطيتُ نورًا للأمة المسيحية» (مطلع أبيات فارسية من نظلم مرزا غلام أحمد "المسيح الموعود" أوردها في كتاب مرآة كمالات الإسلام) فمن لديه أذنان للسمع فليسمع، وليخضع.
 ↑↓