إن الفترة الطويلة التي تُستشف من نصوص العهد الجديد حول "مشاهدة"[1] موت السيد يسوع المسيح على الصليب وطعنه، تُثبت يقينًا بأنه عليه السلام لم يمت على الصليب. فتعالوا نستخلص من واقع الأحداث الكتابية المذكورة حول تلك الفترة، والتي اعتقد الحاضرين لحدث الصليب أن المسيح قضاها عليه ميتًا حيث قالوا أنه: «أسلم الروح»[2]:
♦ تحليل المدة
• يذكر حضرة القديس متّى أربعة أحداث طبيعية حصلت (ولكن يمكننا أن نفهم حدوثها أنها حصلت بالتزامن مع بعضها البعض) وهي (1) انشقاق حجاب الهيكل (2) حدوث زلزال (3) تشقق صخور (4) انفتاح قبور[3].. فهي كما رأينا، أحداث طبيعية قد تكون حدثت متزامنة معًا، فلا يمكننا استخلاص فترة وقدرها منها، بل يمكن اعتبارها ─عمليًا─ حدثًا واحدًا.
• وربما على أساس ذلك قد قدّم حضرة القديس مرقس حدث انشقاق حجاب الهيكل[4] فقط، متضمنًا تبعاته دون ذكرها.
• في حين أن حضرة القديس لوقا لم ينوه عن حدوث أي أحداث، لا طبيعية ولا بشرية!
• ولكن حضرة القديس يوحنا قدّم لنا في شهادته أربعة أحداث بشرية هامة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحدث هذه الأحداث إلا على التوالي، وفي فترة كبيرة نسبيًا قد تصل إلى الساعتين أو الساعة والنصف على أقل تقدير. وهذه الأحداث التي حصلت بعد كلمة «وأسلم الروح» التي ذكرها الراوي هي:
(1). ذهاب اليهود لبيلاطس، وسؤاله أن تُكسر سيقان المُعلقين الثلاثة، ليتم إنزالهم لأجل حلول السبت[5]
(2). قدوم العسكر، وتكسيرهم لسيقان اثنين أولًا[6]
(3). أتى العسكر ونظروا للمسيح فرأوه قد مات فقرروا أن لا يكسروا ساقه[7](4). ولكن قرر واحد من العساكر بعد ذلك أن يطعنه بحربه في جنبه[8]
♦ نتيجة تحليل المدة
•• بعد أن أقدم أحد العساكر بطعن المسيح بحربة في جنبه[9] وهنا كانت المفاجأة!! فللوقت بعد طعنه ─بعد مرور كل هذا المدة الزمنية─ خرج دم وماء!!
•• ولا يغيبن عن القارئ أن يستخلص أيضًا من هذه الأحداث الرئيسية أحداثًا أخرى فرعية ناتجة عنها. [مثال] أن بيلاطس حينما يسمح لمشايخ اليهود بالدخول عليه ويسمع لطلبهم سيأمر رجاله ويوجههم، ثم ليحددوا بدورهم الجنود، ويأمرونهم ويوجهونهم، ثم يذهبوا... إلخ.. وكل هذا يتطلب مزيدًا من الوقت...
•• والآن يأتي دور العلم، حيث يقول علم الهيماثولجي[10] أن: "ما يحدث للجسد بعد الموت مباشرة، أولًا يتوقف الدم المتدفق ويبقى مكانه أينما كان في الجسد ثم يتجمد.."[11] ولكن (وبحسب العلم أيضًا) أين يذهب الدم بعد الموت مباشرة؟!
ويُجيب العلم قائلًا بأنه: "عند الموت يتوقف القلب عن ضخ الدم في جسم الإنسان فيثبُت الدم في مكانه بدون حركة ثم يبدأ في الترسب بأي مكان متدلي أو منخفض بجسم الإنسان ثم يبدأ في الجفاف مع مرور الوقت"[12]
هذا ما يحدث في الثوان الأولى بعد خروج الروح. ولكننا نرى في حالة المسيح مرور حوالي الساعتين أو الساعة والنصف على أقل تقدير جدًا، ما بين كلمة «وأسلم الروح» وحدث طعنه بالحربة، الذي نتج عنه خروج دم وماء متدفقًا!! فثبت بذلك استمرار دبيب الروح في الجسد المعلق، وأنها لم تخرج منه بعد.
لذلك فنحن وبناء على نصوص الكتاب المقدس، العهد الجديد، وبشهادة الشهود الحاضرين للحدث، وبناء على العلم، نستطيع أن نؤكد يقينًا لا شك فيه بأن حضرة السيد المسيح عليه السلام لم يمُت على الصليب، بل ونزل وانفصل عنه وهو حي[13] وبتضافر كل تلك الإشارات الكتابية، والدلائل العلمية، لا يسعنا إلا أن نجزم بأنه حضرة السيد يسوع المسيح عليه السلام قد نزل من على الصليب وهو حيٌ يُرزق بما فيه من روح تدب.
وبهذا نقول بأن المسيح قام، حقًا قام، لأنه لم يمت على الصليب أصلًا ■
الهوامش والمراجع
[1] المشاهدة هي رؤية العين، وهي حين تعتبر شهادة (لأن الشهادة لا بد أن تكون أمام مجلس القضاء "الحاكم") ومع ذلك فهي فلا تعد حجة قاطعة، لأن ما يثبت من خلالها يقبل النفي بشهادة أخرى.
[2] (مت 27/ 50) (مر 15/ 37) (لو 23/ 46) (يو 19/ 30)
[3] (مت 27/ 51-53)
[4] (مر 15/ 38)
[5] (يو 19/ 31)
[6] (يو 19/ 32)
[7] (يو 19/ 33)
[8] (يو 19/ 34)
[9] قد يعطي هذا التصرف الغريب (طعن الميت) انطباع بإحساس ذلك الجندي ومن أرسله بأن هذا الشخص المُعلق لم يمت بعد؛ أو ربما أراد التأكيد على قتله بأي وسيلة كانت بسبب عدم المقدرة على معاينة انفصال الروح عن الجسد معاينة مباشرة وتبليغ من حرضوه.
[10] الهيماثولجي هو علم الدم.
[11] مقال: "ماذا يحدث للجسم بعد الموت؟ سبعة أشياء غريبة تحدث للجسم بعد الموت" بتاريخ 23 ديسمبر 2014 المنشور في موقع "أنا أصدق العلم" إعداد: يوسف مجدي وتحرير : إيناس الحاج علي، وهو ترجمة عن الأصل What A Forensic Scientist Doesn’t Tell You: 7 Postmortem Responses Of A Dead Body بقلم Susan Scutti في موقع Medical Daily.
[12] المرجع السابق
[13] وهذا ما أكدته التحقيقات المنطقية لسير الأحداث فيما قبل وبعد اعتقال المسيح وتعليقه على الصليب ونزوله عنه، والذي وضحناه بالتفصيل في موضوع "لماذا عُلِّق على الصليب ولم يُرجم خلافًا للشريعةاليهودية؟"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق