إن من أهم الآيات التي تلتبس على الناس ─لقلة
وعيهم باللغة وبعدهم عنها والبحث فيها─ تلك الآية التي بين أيدينا الآن، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
إذ
يعتبرون كون كلمة «إن أراد» أنها إخبار بما
سيكون غير أنه لم يقع بعد، فبنوا على ذلك الفهم المغلوط أن المسيح عيسى ─عليه
السلام─ لم يمت بعد، وأن الله مُبقي عليه لزمان ما! وهذا خطأ، والصواب هو أن كلمة
[أراد] هي فعل ماض، وتعني قدّرَ وفعل. ومضارعه [يريد] والمصدر [إرادة].
سيقول قائل أن جملة: «إن أراد أن يُهلك» تعبر عن أن الإرادة الإلهية واقعة لا محالة ولهذا استعمل «أراد» وهي فعل ماض، ولكن ولأن الفعل لم يقع في الدنيا بعد فقد استُعمل المضارع «يُهلك». وهذا اعتراض معقول في الظاهر إلا أنه في الواقع خطأ!
ورده في ثلاثة نقاط وهي:▬
أولًا/ أن كلمة (هلك) تدل على كسر وسقوط ومنه الهلاك أي السقوط [مقاييس اللغة]. والمعنى يكون أنه بما أن الذين ألّهوا المسيح وأمه قد اعتبروا ذلك هو الاعتقاد الحق، فإن الله قادر على كسر هذا الاعتقاد وإسقاط هذا الادعاء. ققال تعالى «يُهلك» بصيغة المضارع لأنه سبحانه لا يجبر أحد على اعتقاد معين، بل على كل الناس أن يختاروا الحق مختارين، لا مجبرين ولا مرغمين، غير أن الحق هو الغالب حتمًا في النهاية، وهذا سبب استعمال كلمة «أراد» بصيغة الماضي مع كلمة «يُهلك» المضارِعة، فالإرادة الإلهية واقعة حتمًا، غير أنها ليست جبرًا ولا قسرًا على أي من البشر، إنما الهداية تكون لمن يشاءها، وعمومًا فالحق هو المنتصر حتمًا.
أولًا/ أن كلمة (هلك) تدل على كسر وسقوط ومنه الهلاك أي السقوط [مقاييس اللغة]. والمعنى يكون أنه بما أن الذين ألّهوا المسيح وأمه قد اعتبروا ذلك هو الاعتقاد الحق، فإن الله قادر على كسر هذا الاعتقاد وإسقاط هذا الادعاء. ققال تعالى «يُهلك» بصيغة المضارع لأنه سبحانه لا يجبر أحد على اعتقاد معين، بل على كل الناس أن يختاروا الحق مختارين، لا مجبرين ولا مرغمين، غير أن الحق هو الغالب حتمًا في النهاية، وهذا سبب استعمال كلمة «أراد» بصيغة الماضي مع كلمة «يُهلك» المضارِعة، فالإرادة الإلهية واقعة حتمًا، غير أنها ليست جبرًا ولا قسرًا على أي من البشر، إنما الهداية تكون لمن يشاءها، وعمومًا فالحق هو المنتصر حتمًا.
ثانيًا/ لا يغيب عنا أن ذكر أم المسيح معه في نفس
الآية يرمي بظلاله على الفهم المغلوط عند عامة المسلمين. فهل ستعود أم المسيح
الناصري معه في آخر الزمان ثم تموت، وهل هي لم تمت أصلًا؟ بالطبع ماتت ولن تعود. لذا، فهذا يؤكد ما أشرنا إليه سلفًا
بأن المراد بقوله تعالى: «يُهلك» بصيغة المضارع أي
يكسر هذه العقيدة الفاسدة ويسقطها (يسقط عقيدة ألوهية المسيح أمه) من كل اعتبارات الحق.
ثالثًا/ يجب أن ننتبه كذلك لزمن تحقق هذه الآية عند
المدعين برجوع المسيح الناصري بشخصه. فإذا كان المسيح الناصري بنفسه هو العائد
ليموت هو وأمه في آخر الزمان، فهل لمّا يموتا في النهاية ستظل هذه الآية كما هي بصيغتها
المضارعة في قوله «يُهلك» أم ستنتهي فعاليتها
بالموت النهائي المزعوم لعيسى ابن مريم؟ حاشا لله أن تُلغى آية، إنما هي كما أشرنا
قبلًا، هي فعالة حتى نهاية الدنيا، لأن الشر باق حتى يوم القيامة وأن العقائد
الباطلة ستجد من المعاندين من يعتنقونها وإن صارت أواصرهم مشتتة.
فالحق أن هذه الآية صالحة لكل زمان كما جميع
آي القرآن، غير أن الفهم القاصر لمعناها جعل للأغيار علينا سبيلًا من خلاله، وأن
الحق فيها أن الله يقول من يملك منكم من الله شيئًا إذ قد قدّر سلفًا كسر عقيدة
ألوهية المسيح وأمه، فقد مات المسيح وأمه ككل البشر، وحصل ذلك سلفًا كما يجري ذلك
عليكم أيضًا أجمعين، فلا أي صحة لاعتقاد تأليههما. وهو تعالى كما أمات وأحيا وخلق.. لهو قادر على ما هو أهون من
ذلك، أي محو كل ادعاءٍ كاذب وكسر أي اعتقاد باطل وإسقاط فكرهِ، غير أن ذلك يجب أن يكون
بالحكمة. فالفكرة بالفكرة تُزال ويتم ذلك بواسطة عباد الله المؤمنين.
ويجدر بنا أن نذكر من الأدلة ما يقضي على من
يعتقد أن قوله تعالى «فمن يملك من الله شيئًا إن أراد
أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه» يُقصد به حصرًا هو إماتتهم فيما بعد.. إذ لا
يغيب عن البال في هذا المقام أن الديانة المسيحية مبنية أساسًا على عقيدة الفداء
والكفارة التي تقول بتضحية الله سبحانه بابنه في سبيل خلاص البشر! فقول الله: «فمن يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه»
إذا أُخذ بمعنى الإماتة المستقبلية في آخر الزمان صار تسليمًا بعقيدة الفداء
والكفارة، فعنده تفهم هذه الآية هكذا: (فمَن مِن الناس يملك أو له الحق الاعتراض في أن يميت الله ابنه؟ إنّ الله على كل شيء قدير فلا دخل لكم)!
فمن أراد أن يعتقد بهذا الاعتقاد فعليه
التمسك بالتفسير التقليدي الخاطئ والقائل بحياة المسيح ابن مريم وأنه سيموت فيما
بعد بأمر الله.
فلِمَ لا يقول أولئك الناس مثلا أن المسيح مات كما يموت البشر وأن
الله سيبعثه في الزمان الأخير مرة أخرى ثم يميته؟ لماذا يصرون على حياته العجيبة،
ويدخلون انفسهم في نطاقات القيل والقال؟‼
لذا فالصواب فيها هو كسر هذه العقيدة الباطلة وإسقاط
بنيانها كما أسلفنا. وهذا الكسر يقتضي موت المسيح عيسى ابن مريم موتًا طبيعياً في
زمانه كما يموت كافة البشر إذا انقضت أعمارهم، كما يقتضي إماتة العقيدة الكفرية
الناجمة عن فكرة بقاءه ─عليه السلام─ حيًا لفترة خرقت كل التصورات المنطقية، وهذه
الإماتة تكون بواسطة عقيدة نقية مضادة تُطهر ما قد لحق به الدنس.
الخلاصة: قول الله تعالى: «فمن يملك من الله شيئًا إن أراد
أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه» يحمل معنى مزدوجًا ومتداخلًا، فهو أولًا يعني كسر تلك العقيدة الكفرية المؤلهة للمسيح وأمه، من خلال إثبات موتهما الفعلي بعد انقضاء عمرهما. وهو ثانيًا يعني استمرار إفشال وإسقاط هذا الادعاء الكفري من خلال بث العقيدة النقية الطاهرة والمُطَهِرة.
*
أي أن الذين قالوا بألوهية المسيح ابن مريم إنما هم في ضلال، فمن منكم له المقدرة على مناوءة قدرة الله في كسر هذا الاعتقاد بألوهية المسيح وأمه ─فمبدئيًا لقد مات كليهما منذ زمن─ كما يموت من في الأرض جميعًا؛ وهناك دلالة أخرى واضحة في كلام الله سبحانه إذ يقول: «ومن في الأرض جميعًا» فلم يقل سبحانه(ومن في السماوات والأرض)وفي ذلك دلالة واضحة على كون عيسى وأمه في الأرض لا في السماء كما يعتقد النصارى وكما يعتقد عامة المسلمين*. ثم يقول وأن الله هو الملك والكل سواه مخلوق وعبد، وهو قادر تهيئة كافة الظروف من أجل إسقاط كل ما لا يرضيه بأمره وبحكمته.
▬▬▬
* هذه إضافة من الصديق أسامة محمد
:.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق