الاثنين، 29 أبريل 2024

تأملات وتعليقات على قراءات أسبوع الآلام ─ اليوم الأول

 ─أحد السعف، ويعرف أيضًا بأحد الشعانين ومعناها (رب خلصنا)─

██أولًا - القراءة

    زكريا ٩/ ٩

مجيء ملك صهيون

«٩ اِبتَهِجي جِدًّا يا ابنَةَ صِهيَوْنَ، اهتِفي يا بنتَ أورُشَليمَ. هوذا مَلِكُكِ يأتي إلَيكِ. هو عادِلٌ ومَنصورٌ وديعٌ، وراكِبٌ علَى حِمارٍ وعلَى جَحشٍ ابنِ أتانٍ»

    المزامير ٨/ ٢

«٢ مِنْ أفواهِ الأطفالِ والرُّضَّعِ أسَّستَ حَمدًا بسَبَبِ أضدادِكَ، لتَسكيتِ عَدوٍّ ومُنتَقِم»

    المزامير ٦٩/ ٩

«٩ لأنَّ غَيرَةَ بَيتِكَ أكلَتني، وتَعييراتِ مُعَيِّريكَ وقَعَتْ علَيَّ»

    متى ٢١/ ١- ١٧

الدخول إلى أورشليم

«١ ولَمّا قَرُبوا مِنْ أورُشَليمَ وجاءوا إلَى بَيتِ فاجي عِندَ جَبَلِ الزَّيتونِ، حينَئذٍ أرسَلَ يَسوعُ تِلميذَينِ ٢ قائلًا لهُما: «اِذهَبا إلَى القريةِ الّتي أمامَكُما، فللوقتِ تجِدانِ أتانًا مَربوطَةً وجَحشًا معها، فحُلّاهُما وأتياني بهِما. ٣ وإنْ قالَ لكُما أحَدٌ شَيئًا، فقولا: الرَّبُّ مُحتاجٌ إليهِما. فللوقتِ يُرسِلُهُما». ٤ فكانَ هذا كُلُّهُ لكَيْ يتِمَّ ما قيلَ بالنَّبيِّ القائلِ: ٥ «قولوا لابنَةِ صِهيَوْنَ: هوذا مَلِكُكِ يأتيكِ وديعًا، راكِبًا علَى أتانٍ وجَحشٍ ابنِ أتانٍ». ٦ فذَهَبَ التِّلميذانِ وفَعَلا كما أمَرَهُما يَسوعُ، ٧ وأتَيا بالأتانِ والجَحشِ، ووضَعا علَيهِما ثيابَهُما فجَلَسَ علَيهِما. ٨ والجَمعُ الأكثَرُ فرَشوا ثيابَهُمْ في الطريقِ. وآخَرونَ قَطَعوا أغصانًا مِنَ الشَّجَرِ وفَرَشوها في الطريقِ. ٩ والجُموعُ الّذينَ تقَدَّموا والّذينَ تبِعوا كانوا يَصرُخونَ قائلينَ: «أوصَنّا لابنِ داوُدَ! مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبِّ! أوصَنّا في الأعالي!». ١٠ ولَمّا دَخَلَ أورُشَليمَ ارتَجَّتِ المدينةُ كُلُّها قائلَةً: «مَنْ هذا؟». ١١ فقالَتِ الجُموعُ: «هذا يَسوعُ النَّبيُّ الّذي مِنْ ناصِرَةِ الجَليلِ»

تطهير الهيكل

١٢ ودَخَلَ يَسوعُ إلَى هَيكلِ اللهِ وأخرَجَ جميعَ الّذينَ كانوا يَبيعونَ ويَشتَرونَ في الهَيكلِ، وقَلَبَ مَوائدَ الصَّيارِفَةِ وكراسيَّ باعَةِ الحَمامِ ١٣ وقالَ لهُمْ: «مَكتوبٌ: بَيتي بَيتَ الصَّلاةِ يُدعَى. وأنتُمْ جَعَلتُموهُ مَغارَةَ لُصوصٍ!». ١٤ وتَقَدَّمَ إليهِ عُميٌ وعُرجٌ في الهَيكلِ فشَفاهُمْ. ١٥ فلَمّا رأى رؤَساءُ الكهنةِ والكتبةِ العَجائبَ الّتي صَنَعَ، والأولادَ يَصرُخونَ في الهَيكلِ ويقولونَ: «أوصَنّا لابنِ داوُدَ!». غَضِبوا ١٦ وقالوا لهُ: «أتَسمَعُ ما يقولُ هؤُلاءِ؟». فقالَ لهُمْ يَسوعُ: «نَعَمْ! أما قَرأتُمْ قَطُّ: مِنْ أفواهِ الأطفالِ والرُّضَّعِ هَيّأتَ تسبيحًا؟». ١٧ ثُمَّ ترَكَهُمْ وخرجَ خارِجَ المدينةِ إلَى بَيتِ عنيا وباتَ هناكَ«

_________________

██ثانيًا - التأمل والتعليق

علمنا أن مملكة المسيح إنما تكون في السماء وليست في هذه الدنيا.. ولكن ألا يلاحظ فجاجة الأسلوب الدعوي ليسوع الإنجيلي لا سيما في بدء خدمته الخلاصية عندما طرد الباعة من باحة الهيكل وقلب أعمالهم؟

وناهيك عن بدء الخدمة لشخص، فهل يصح دعوة العصاة إلى ملكوت السماء بهذا الأسلوب التنفيري والعدواني بغض النظر عن موعده سواء أكان في مبتدأ الخدمة أو في منتصفها أو آخرها؟

أليس يحق للمتأملين، والوضع كذلك، أن يفكروا بأن يسوع الإنجيلي هو الذي بادر بالاعتداء أولًا، وعليه تأسس بسبب فعله الممجوج هذا الرفض المستقبلي لجميع أمره؟! إنه في المزمور المقروء منه في هذه القراءة يقول: «أكثَرُ مِنْ شَعرِ رأسي الّذينَ يُبغِضونَني بلا سبَبٍ» المزامير ٦٩/ ٤ فهل كان البغض ليسوع الإنجيلي بلا سبب حقًا، أم قد وضع هو بنفسه دعائم البغض والكراهية بذلك الفعل؟

ويلاحظ أن هذا المزمور الذي قيل فيه هذا الكلام هو لداود والذي قال فيه إله الكتاب المقدس على لسان ناثان النبي: «وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي» صمويل الثاني ١٢/ ١٠ وعند المسيحيين فداود هو جد يسوع، فكيف ننتظر من يسوع الإنجيلي عملًا دعويًا يليق بملكوت السماوات وقد كان جده سلفًا محتقرًا لرب السماوات حتى حكم عليه وعلى جميع خلفه بالقتل بجريرة ذلك.

لكن قد يقول قائل بأن الغيرة على الدين هي التي دفعته لفعل ذلك؛ أو بغض النظر عن الغيرة فإنما فعل ذلك لتحقيق كلمات نبوءة الكتاب..

والرد على هذا هو قد أنه نسب إلى يسوع نفسه فيما بعد القول: «سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ. وَسَيَفْعَلُونَ هَذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي» يو ١٦/ ٢-٣ وهذا كما هو واضح قول مناقض لفعل يسوع الإنجيلي في أول أيام خدمة، فهل كان يعرف الله حقًا بهذا الفعل؟! الجواب بشهادة قوله كلا.

بالإضافة إلى إنه بفعله هذا قد خالف كلمات أول فقرة تقرأ في هذا اليوم (زكريا ٩/ ٩) حيث وصِف بكونه «مَنصورٌ ووديعٌ» ففضلًا عن أنه لم يكن منصورًا أبد في سيرته المدونة بالكتاب، فهو أيضًا لم يُظهر أي وداعة تُذكر في بدء أيام دعواه.

وكان أمامه لتحقيق كلمات الكتاب الإنبائية أن يقدم من العظات الدينية ما يلهب بها المشاعر ويوقظ بها الضمائر ويحيي بها الأرواح الميتة الساكنة بجوار الهيكل المقدس لكنها لم تقدره حق قدره. وكان له أن يقول فيها نفس كلمات النبوءة، فالنبوءة لم يشار فيها ابدًا بضرب العصاة والغافلين بالكرابيج وطردهم بل لم يكن منتظرًا منه كمسيح إلا مثل ذلك المنهج الإلهي النقي: «ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ» النحل ١٢٦ ولكنه كشخصية كتابية آثر إلا انتهاج منهج العنف منذ أول يوم في خدمته ولم يكن ذلك مستغربًا بحسب تاريخ الكتاب كله، غير أننا أخذنا على عاتقنا إظهاره لما انتشر عن العهد الجديد أنه عهد المحبة والسلام وذلك غير صحيح جملة وتفصيلًا.

ليست هناك تعليقات: