الثلاثاء، 23 أبريل 2024

مصادر التاريخ المصري القديم ─ ④ ثبت الكرنك

 4- قائمة ثبت[1] الكرنك[2] "حجر الأجداد"

تاريخه ووصفه

على جدران ”معبد الإله أمون[3] رع[4] الكبير[5] “ بالكرنك، في محافظة الأقصر جنوب مصر، وبجانب بهو الأعياد والاحتفالات بالمعبد أقام الملك تحوتمس الثالث[6]١٤٢٥ق.م غرفة صغيرة سجل على جدرانها أسماء ٦١ ملك لمجموعة مختارة من أسلافه الملوك. فذكر أسماء ملوك من الأسرة الرابعة، وذكر الأسرتين الخامسة والسادسة، واسقط ملوك عصر الفترة الأولى[7] وملوك الهكسوس[8]، ورجع يذكر الاسرات الـ١١ و١٢ و١٣ و١٤ وبعدين الأسرة ١٧ ورسم نفسه وهو بيقدم القرابين والأدعية لهؤلاء الملوك بوصفه ابن المعبود رع (خبر رع).

حالته ومكان تواجده

تم اكتشاف الحجر عام ١٨٤٣م بحالة جيدة، لكن فيه الاسم الأول من قايمة الملوك المذكورين محطم،والاسم التالي هو اسم الملك سنفرو[9]. وهو موجود ومحفوظ الآن في متحف اللوڤر بپاريس - فرنسا. نقله الأثري الفرنسي پريس دافن سنة ١٨٤٤م.

أهميته التاريخية

يعتبر حجر تحوتمس التالت ده المعروف "بقائمة الكرنك" والمسمى بـ"حجر الأجداد" مصدر تاريخي مهم لتاريخ مصر القديمة بجانب المصادر المكتشفة غيره[10] وبيتميز بذكره لأسماء ١٢ ملك من الأسرتين ١٣ و١٤ من الملوك غير المشهورة أسمائهم في التاريخ.

نتيجة دراسة الحجر

بدراسة قائمة "حجر الأجداد" لتحوتمس التالت نقدر نخرج بأكتر من احتمال ونتيجة..

إنه اقتصر على ذكر ٦١ اسم ملك مع مقدرته التامة على ذكر الجميع فده معناه إنه ذكرهم بهدف ولسبب محدد وليس بغرض التأريخ.

من أهم الأسباب اللي تخلي تحوتمس التالت يكتفي على ذكر العدد المحدد ده من الملوك في رحاب المعبد الأعظم "أمون رع" هو وجود صلة مباشرة له معهم.

بيرجح العلماء وجود صلة نسب بين الملوك المذكورين على الحجر وتحوتمس التالت، وعلشان كده أطلقوا على الحجر اسم "حجر الأجداد"، لكني، ومع عدم رفضي للترجيح ده، شايف إن السبب الأرجح لذكرهم هو سبب عقائدي في مواجهة عقيدة أتون[11] المضادة للمعبود أمون في التاريخ المصري القديم، فكان ذكرهم تشريفي لتمجيدهم المميز للمعبود أمون، وكأنه كان بيسرد من خلاله تاريخ المعبود أمون نفسه

بتظهر الصبغة الوطنية في الثبت ده من عدم ذكر أي من ملوك الهكسوس في عهدهم لأنهم كانوا في نظر المصريين القدماء ملوك غير شرعيين ومغتصبين للبلاد

 

الهوامش والمصادر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  الثبت هو الشيء القوي الراسخ والمتمكن في أمره، والقوة والرصانة للشيء، وهو الشيء العدل الضابط لأمور أخرى والذي يُحتج بروايته... فهو لا شك فيه.

[2]  الكرنك، هو مجمع معابد مختلفة في منطقة الأقصر. يُقال إن أصل الكلمة عربي وهي من "خورنق" أي الحصن أو القرية المحصنة. وأرى أنها من "خرنق" أي المياه المصنعة، وذلك لوجود بحيرة صناعية خلّفها المصريين القدماء بجوار معبد الكرنك تسمى بالبحيرة المقدسة عمرها ٣٠٠٠ سنة والمياه فيها ثابتة لا تجف طوال العام بمنسوب لا يتغير لا بالزيادة ولا النقصان رغم عوامل النحت والفقد والتسرب والبخر. أما الاسم الأصل لمجمع الكرنك فهو معبد آمون رع، وله أسماء أخرى أقدم مثل (بت-سوت) البقعة المختارة، و(نيسوت-توا) عرش الدولتين، و(إبيت-إيسيت) المكان الأروع. ويحتوي مجمع معابد الكرنك على المعابد الرئيسية التالية: معبد خونسو، معبد أمون رع، معبد رعمسيس الثالث، معبد المعبودة موت، معبد بتاح وحتحور، معبد مونتو.

[3]  أمون، كان في البداية معبود محلي مغمور في قرية صغيرة بالصعيد، واتذكر للمرة الأولى على أثر بيرجع للأسرة السادسة، وموطنه الأصلي مدينة الأشمونيين. وصل إلى طيبة من الأسرة ١١ وأخذت شهرته تنتشر حتى طغى على جميع الآلهة المصرية وتبوء مكانة ممتازة في الدولة لما تمكن أمنمحات الأول من تأسيس الأسرة ١٢ وجعل أمون المعبود الرسمي للدولة بدمجه مع الإله رع تحت اسم "أمون رع" بداية من الأسرة ١٢ بهدف اكتساب صفات رع ونفوذه بين الناس، وعلشان يمكن عبادته وقبول طبيعته كرع. لأن طبيعة اسم أمون لوحدها كانت غامضة عند المصري القديم. فأصبح بعد الامتزاج برع اللي هو قرص الشمس يدي معنى انه إله الهواء فبقى أمون رع هو إله الهواء والشمس. وبيمنح المعبود ده علامة الحياة "عنخ" إلى أنف الفرعون، والسعادة "واس" والثبات "جد"..

[4]  رع هو إله الشمس عند المصريين القدماء، وكان معبود رئيسي في الدين المصري القديم، ظهر في عصر الأسرة الخامسة خلال القرنين ٢٤ و٢٥ق.م ، وكان يرمز له بقرص الشمس وقت الظهر.

[5]  معبد أمون رع الكبير "سجم نحت" بالمصري القديم يعني (الذي يستجيب الدعاء أو الذي يسمع الصلوات)، أقيم لعبادة ثالوث طيبة المقدس «آمون-موت-خنسو»، بدأ تحوتمس الثالث في إنشاءه، ثم بعد ذلك حاز المعبد على إضافات وتوسعات في عهود الملوك تحتمس الرابع، ثم حور محب، ورعمسيس التاني، وهو الملك الذي أقام جزء كبير من المعبد علشان كده عادة بيعرف باسمه، ثم طهارقا من الأسرة الـ ٢٥، وبسماتيك الأول، ثم نختنبو الأول من الأسرة الـ٣٠، وفي العصور البطلمية بطليموس السابع، وبطليموس التامن، ثم الإمبراطور الروماني دوميتيان.

[6]  تحتمس الثالث (١٤٨١-١٤٢٥ق.م) هو سادس ملوك الأسرة ١٨، ومؤسس الإمبراطورية المصرية الحديثة في الوقت ده، واللي بقيت قائمة حتى سنة ١٠٧٠ق.م

[7]  يعني فترة الاضمحلال الأول، وفترات الاضمحلال في التاريخ المصري القديم (عصر الأسرات) هي فترات ضعف مرت فيها مصر بحكم ملوك أثروا على قوة وهيبة الدولة سياسيًا واجتماعيًا فسادت الفوضى عمومًا. ومرت مصر طوال عهد الأسرات بتلات فترات اضمحلال رئيسية، الأول شمل الأسرة من ٧ - ١٠ (حوالي ٢١٨٠ - ٢٠٦٠ق.م)، والتاني بيشمل الأسرات ١٥ - ١٧ (حوالي ١٧١٠ - ١٥٦٠ق.م) وهو عهد حكم ملوك الهكسوس، والتالت هو في نهاية الأسرة ٢٠ (حوالي ١٠٨٥ - ٣٣٢ق. م)

[8]  الهكسوس، شعوب رعاة دخلوا مصر من جهة سيناء في فترة ضعف وقت نهاية حكم الدولة الوسطى (نهاية حكم الأسرة ١٤). ومفيش اتفاق نهائي على أصلهم بالضبط. لكن الارجح الواضح انهم من أصول آسيوية مختلفة. استمر حكمهم لمصر حوالي ١٠٠ سنة، وكانت مدينة (أواريس) عاصمة لهم (تانيس، صان الحجر حاليًا بمحافطة الشرقية). ورغم مساوئ وجود عنصر الهكسوس سياسيا على مصر إلا إن الدولة ازدهرت صناعيا وثقافيًا في عهدهم بسبب إدخالهم لصناعات وأدوات وآلات لم يكن المصري القديم يعهدها. وخرج الهكسوس من مصر على يد الملك «أحمس» أول ملوك الأسرة ١٨ من عصر الدولة الحديثة.

[9]  الملك سنفرو (وفاة ٢٥٨٩ق.م)، هو مؤسس الأسرة الرابعة المصرية، له ٣ أهرامات شهيرة هي الهرم الأحمر والهرم المائل في دهشور بالجيزة، وهرم ميدوم في محافظة بني سويف.

[10]  مصادر التاريخ المصري القديم هي مجموعة الآثار النقشية الحجرية والجدارية والمكتوبة في البرديات وغيرها ويمكن حصرها في ٧ أقسام أولها حجر پالرمو ثم بردية تورين ثم تاريخ مانيتون وثبت الكرنك وثبت أبيدوس وثبت سقارة ونصوص الأنساب.

[11]  أتون، هو اسم أطلقه المصريين القدماء على قرص الشمس لكن "كجرم سماوي". وجاء أمنحوتب الرابع (إخناتون) ورفع من قدره وحاول يُجبر كهنة آمون على الاعتراف بيه كواحد من المعبودات الرئيسية والإله الخاص بالأسرة المالكة، فقبل الكهنة الأوامر دي على مضض وسمحوا بإقامة معبد له، لكن بعد كده أظهر (إخناتون) صفات المعبود الجديد "أتون" بأنه الحرارة المنبثقة من قرص الشمس وأنه رب الأفقين ووالد لرع، فظهرت نيته المبيته بانقلابه على كل المعبودات الموجودة والإعلاء لاسم أتون فقط.

وجدير بالذكر إن فكرة أتون كانت موجودة من قبل إعلان أمونحتب الرابع (إخناتون) لها وفرضها، لكنها كانت فكرة مضادة للعقيدة السائدة وكانت دائما بتلقى مواجهات علنية سافرة أو بإجراءات سياسية وأمنية غير معلنة.

 

ليست هناك تعليقات: