السبت، 27 أبريل 2024

مصادر التاريخ المصري القديم ─ ⑤ ثبت أبيدوس

5- قائمة ثبت أبيدوس[1] للملوك الشرعيين

تاريخه ووصفه

على أحد جدران معبد الملك ستي الأول[2] في أبيدوس حوالي عام ١٣٠٠ق.م نقش ابنه الملك رعمسيس الثاني (ربما وقت ولايته للعهد) قائمة خراطيش[3] لأسماء مجموعة من ملوك الأسرات قبله وعددهم ٧٦ ملك في صفين يتوسطهم صف بيحمل اسم ستي الأول مكرر بألقابه المختلفة. وجعل رعمسيس نفسه واقف قبالهم مع والده الملك ستي الأول وبيقدم لهم الأدعية والقرابين والبخور.

وبينتقي رعمسيس التاني في القائمة دي عدد ٨ ملوك من الأسرة الأولى، وسبع ملوك من الأسرة التانية، وخمسة من الأسرة التالتة، وستة من الأسرة الرابعة، وثمانية من الأسرة الخامسة، وبيذكر ملوك الأسرة السادسة كلهم، وكمان بيذكر أسماء ١٥ ملك من ملوك الأسرتين ٧ و٨ متذكروش قبل كده في أي أثر تاني، وبيسقط عمدًا ملوك إهناسيا[4] وبيذكر ملكين بس من الأسرة ١١، وكل ملوك الأسرة ١٢ ما عدا الملكة "سوبك نفر"[5]، وبيسقط كمان ملوك فترة الاضمحلال التاني[6] وبيستأنف ذكر الملوك بداية من الأسرة ١٨ وبيذكرهم كلهم عدا كل من تأثر منهم ببدعة "إخناتون"[7] وكمان استبعد الملكة "حتشبسوت"[8] واعتبرها -كونها امرأة- ملكة غير شرعية لخروجها على التقاليد المصرية بتقلدها للحكم وتفردها بيه. وفي الأسرة ١٩ ذكر الملكين اللي سبقوا والده ستي الأول، وبتنتهي القائمة بذكر ستي الأول نفسه.
 حالته الثبت ومكان تواجده

قائمة الثبت ده موجودة بحالة جيده في المكان اللي أقيمت فيه، على أحد جدران معبد ستي الأول الداخلية في أبيدوس (منطقة العرابة بمحافظة سوهاج حاليًا) وهو بحالة جيدة جدًا[9]

 أهميته التاريخية

بجانب المصادر التانية[10] للتاريخ المصري تعتبر قائمة ثبت أبيدوس مصدر تاريخي مهم لتوثيق ودراسة تاريخ مصر القديمة. وفوق كده فهو بيتميز عن غيره بذكره لأسماء ١٥ ملك من الأسرتين ٧ و٨ من الملوك غير المذكورة أسمائهم في أي أثر قبله في التاريخ المصري.

 نتيجة دراسة الثبت

بدراسة قائمة الملوك دي نقدر نلم بأكتر من نتيجة حوالين طبيعة المجتمع المصري من حيث الوطنية والسلطة والدين

فبنشوف ازاي بيتكرر للمرة التانية، بعد حجر الأجداد لتحوتمس التالت[11] استبعاد حكم الملوك الأجانب من قوائم الملوك الشرعيين، وده بيعبر عن الاعتزاز القومي عندهم ضد أي محتل. فبيتصرف المصري القديم حوالين الموضوع ده بإسقاطه للحكام الأجانب من قوايمه الشرفية الملكية كأنهم لم يحكموا أصلًا.

وكمان في نقطة من يرتقي لقمة السلطة من المصريين أنفسهم، فالمصريين في القائمة دي ممثلين في سيتي الأول ورعمسيس التاني ابنه لم يستسيغوا جلوس المرأة على قمة الهرم السلطوي بدون شريك رجل معها في الحكم، واعتبروا تفردها بالسلطة انقلابًا على التقاليد الاجتماعية الصارمة والنظم الملكية المُتبعة، فأسقطوها وغيرها من النساء الملكات من قوايم الملوك الشرعيين في زمانهم.

        وأخيرًا، بنفهم من دراسة الثبت الملكي ده ازاي المصري القديم زي ما هو كان متقيد بنظام ملكي ذكوري صارم لا يتقبل خرقه بالتفرد النسوي، فكذلك النظام الملكي ده كان مرتبط بالمعتقد الديني، فلا يقبل الانقلاب عليه بسهولة، وإذا حصل فلا يقبله إلا مرغمًا.. ولما بترجع الأوضاع لما كانت عليه قبل الانقلاب الديني بيشطب المصري القديم الحقبة الدينية دي بأصحابها من تاريخه الشريف باللعن والازدراء.

الهوامش والمصادر


[1]  أبيدوس، (العرابة حاليًا بمحافظة سوهاج مركز البلنيا) وهي منطقة تاريخية وأثرية عتيدة، حيث يصل عدد المعابد المصرية القديمة فيها إلى ١٠ معابد منذ الأسرة الأولى وحتى الأسرة ٢٦. [2]  الملك ستي الأول، من ملوك الأسرة ١٩ (حكم ١٢٩٠- ١٣٠٢ق.م) وهو ابن الملك رعمسيس الأول، ووالد الملك الشهير رعمسيس التاني. [3]  الخرطوشة الملكية [الشكل 𓍷] ويعني أن النص المرفق بداخلها هو اسم ملك، وكان الغرض المصري القديم من وضع اسم الملك داخل شكل الخرطوش هذا هو حمايتهم من الأرواح الشريرة. والاسم المصري القديم للخرطوش هو "شنو" بينما لفظ خرطوش فهو مستحدث مع القرن ١٨الميلادي. [4]  ملوك إهناسيا، (إهناسيا مدينة في محافظة بني سويف حاليا) ويقصد بملوك إهناسيا حقبة حكم الأسرتين التاسعة والعاشرة، وهي فترة عصر الاضمحلال الأول اللي في خلاله أصبحت الدلتا (شمال مصر، الوجه البحري) خارج نطاق وحكم النفوذ المصري الموجود في طيبة "الاقصر" وأصبحت خاضعة للآسيويين. والأسرتين دول حكموا مجتمعين لمدة ١٩٠ سنة، ١٣ ملك من الأسرة التاسعة في ١٠٩ سنة وخمس ملوك من الأسرة العاشرة في ٨١ سنة. لكنهم متمتعوش كملوك في الواقع بسلطان حقيقي خارج عاصمتهم إهناسيا؛ اللهم إلا مجرد نفوذ اسمي مش أكتر. واستطاع الملك المصري أمونحوتب الأول من شن حملة كبيرة قضت على ملوك إهناسيا وإنهاء حكمهم وبدأ بكده عصر الدولة الوسطى. [5]  الملكة سوبك نفر، آخر ملوك الأسرة ١٢ (حكمت ١٨٠٦-١٨٠٢ق.م) حكمت بعد وفاة أخوها امنمحات الرابع ولم يكن لأبيها إمنمحات الثالث وريث ذكر ليخلف الأخ المتوفي، فاعتلت هي العرش. ويقال أنها انقلبت على حكم أخيها إمنمحات الرابع بالمشاركة مع أبيها إمنمحات التالت.
[6]  فترة الاضمحلال التاني، بيشمل الأسرات ١٥ - ١٧ (حوالي ١٧١٠ - ١٥٦٠ق.م) وهو عهد حكم ملوك الهكسوس. [7]  بدعة إخناتون، أي محاولة -الملك أمونحوتب الرابع، الذي صار إخناتون فيما بعد- الانقلاب على ديانة أمون رع، الديانة الرسمية في مصر القديمة وقيامه بإلغاء كل آلهة مصر القديمة وإعلاء فقط لاسم معبود واحد هو أتون. [8]  الملكة حتشبسوت، خامس ملوك الأسرة ١٨ (حكمت ١٤٧٩-١٤٥٨ق.م) حكمت بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثاني كوصية على الملك الصغير تحتمس الثالث في البداية ثم كملكة وأضفت على نفسها لقب "ابنة الإله أمون" بعد نشرها قصة نقشتها في معبدها بالدير البحري بتقول فيها إنها كانت نتيجة لقاء حميم بين أمون وأمها الملكة أحمس. [9]  كان موجود في نفس المعبد بأبيدوس برضو ثبت آخر لقائمة ملوك مصر، وهو تقريبًا متوافق مع القائمة دي اللي بنتكلم عنها، لكنها محطمة شوية، وهي موجودة دلوقتي في المتحف البريطاني بلندن من سنة ١٨٧٣. ونقدر نسميها قائمة ملوك أبيدوس II [10]  مصادر التاريخ المصري القديم هي مجموعة الآثار النقشية الحجرية والجدارية والمكتوبة في البرديات وغيرها ويمكن حصرها في ٧ مصادر أولها حجر پالرمو ثم بردية تورين ثم تاريخ مانيتون وثبت الكرنك وثبت أبيدوس وثبت سقارة ونصوص الأنساب.

[11]  قائمة ثبت الكرنك "حجر الأجداد" https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=726347162865620&id=100064710281535&mibextid=Nif5oz

 

ليست هناك تعليقات: