الخميس، 21 أكتوبر 2021

سقوط أكذوبة الفداء والكفارة بقراءة الإنجيل في عهد النعمة

يقول بولس في رسالة رومية: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» (رومية 5/ 12)

وليعلم كل مسيحي اليوم أن بهذه الفقرة الإنجيلية تنهدم فكرة وعقيدة الفداء والكفارة كما يرويها المعاصرون اليوم.

النص الإنجيلي

قراءة النعمة

«بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ¹ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» من رسالة رومية 5/ 12

      ¹ آدم (الإنسان المخلوق)

(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ² دَخَلَتِ النِّعْمَةِ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالنِّعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَهكَذَا اجْتَازَت الْحَيَاةِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ تَطَلَّعَ الْجَمِيعُ)

    ² يسوع المسيح (ابن الله)

فإذا كان بإنسان مخلوق ضعيف واحد (وبغير قصد) دخلت الخطية إلى العالم، وشاعت وتمكنت وتوغلت في جميع الناس، شاء من شاء وأبى من أبى، بحيث صارت أصلية في تكوينهم، وطبيعة فيهم رغم أنوفهم، ورغم كونهم لم يرتكبوا شيئًا منها مباشرة، ورغم كون أبويهم آدم وحواء لم يرتكبوها بقصد مسبق، إنما بمكرٍ وحيلة وتغرير وقعوا فيها..

أفلا يكون بالأولى أن بإنسان قوي إلوهي واحد (وبخطة مُسبقة) أن تدخل النعمة إلى العالم، وتشيع وتتمكن وتتوغل وتتأصل، في جميع الناس كذلك، شاء من شاء وأبى من أبى، بحيث تطهره كما كان قبل أن يسقط، ويعود طبيعيًا كما جبلته يد الإله أولًا؟!

أم أن أثر الخطية الآدمية غير المقصودة هو أكبر وأقوى وأشد وأعم من النعمة الإلهية المُخطط لها والمُرتبة سلفًا، بحيث تجتاز بالموت على جميع الناس، وتتفوق على عمل الإله وخطته؟!! في حين لا ترى النعمة الإلهية سوى البعض، عاجزة عن مضاهاة حجم الخطية الآدمية وأثرها! بل وعاجزة في قوتها على أن تصل وتشمل جميع الناس، وبلا أثر لصيق فيهم كما للخطية!... فياله من قصور ونقص..

֍ تُرى من الذي فاز وتفوق! خطية آدم المخلوق أم فداء يسوع الألوهي!؟

فمِن السابق ذكره، نجد أن المسيحيين لسان حالهم يقول: إن خطية آدم هي التي لا تزال مستمرة، بأثرها الشائع والمتمكن والمتوغل والمُتأصل، في حين لا يُرى أثرًا يُذكر لكفارة يسوع المزعومة وفدائه المُدعى!

أليس الفهم المبسط لهذه الآية:

«بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ (أي آدم) دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» ذلك الشرح الذي يقره منطق العدل الإلهي يجب أن يكون بحسب الخطة الإلهية هكذا: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ (أي يسوع) دَخَلَتِ النِّعْمَةِ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالنِّعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَهكَذَا اجْتَازَت الْحَيَاةِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ تَطَلَّعَ الْجَمِيعُ)

أم أن هناك رأي آخر عند هذا الإله المازوخي السادي، الذي رأى أن يعمم الموت جزافًا، ثم رأى أن يضن بالحياة ويجعلها مشروطة؟؟ إنه بحق إله الموات، فارض الموت على الجميع إرغامًا، وبائع الحياة للبعض بمقابل!

֎ وإنها لوجبة مجانية دسمة للملحدين ليقضوا بها على المسيحية من أصولها المخترعة.

لذا، فإن خلاصة عملية الفداء والكفارة إن لم تنتهي إلى هذا الوضع الذي بيناه في القول: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ النِّعْمَةِ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالنِّعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَهكَذَا اجْتَازَت الْحَيَاةِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ تَطَلَّعَ الْجَمِيعُ) فلا فداء تم، ولا كفارة حصلت كما نرى ونعاين الآن.

هذا وإما أن يكون فهم المسيحيين للموضوع برمته خطأ، فلا مازوخية إلهية تفرض موتًا على الجميع بلا جرم ارتكبوه، ولا سادية تسلطية في وهب الحياة للبعض.. بل إنه لأله رحمن رحيم، غفور عفو كريم، عدلٌ لا يظلم، ولا يُظلم، بل هو أعلى وأرقى وأنقى من أن يؤثر فيه خطأ مخلوق ضعيف، إنه يوجه خلقه ويرشدهم بمحبة ولطف، ليصحح لهم إذا أخطأوا، فلا يترصد لهم الأخطاء غير المقصودة ليُشعر نفسه بألوهيته ووجوده.. حقًا أقول لكم، إنه لإله ناقص ذلك الذي ينهج مثل هذا المنهج المتدني في إدارة الخلق.

فالخلاصة للمسيحيين نقول: أنتم أمام أمرين،

أولهما هو نص (رومية 5/ 12):

«بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ»

والثاني هو فَهمٌ له بهذا الشكل:

(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ النِّعْمَةِ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالنِّعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَهكَذَا اجْتَازَت الْحَيَاةِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ تَطَلَّعَ الْجَمِيعُ)

فإذا فهمتم ذلك النص بغير هذا الفهم، فقد أبطلتم بأنفسكم أثر الفداء، لأن الذبيحة فيه لم تشمل الجميع كالخطية، فلم تُكفِّر، فهي ناقصة.

وإذا اعتمدتم ذلك الفهم لهذا النص، فقد أصبح كل واحد في العالم مُطهرًا من الخطية اللصيقة به، بغض النظر عن الاعتقاد بعقائدكم، وصار كل إنسان بآثامه الشخصية أمام ربه، إما عاقب وإما غفر

ليست هناك تعليقات: