السبت، 4 يونيو 2016

دلائل وفاة المسيح الناصري من القرآن الكريم [8─10] (وقف دعوته على قومه، وبشارته بآتٍ وتحققها)



على الرغم من أن الله سبحانه وهب لنا العقل والعلم وأخبرنا مع ذلك أن قدرته تعالى لا يمكن أن تناقض حكمته سبحانه، إلا أن ذلك لم يمنع الكثيرين من اختلاق مسألة حياة عيسى الإعجازية والخارقة لحكمة الله، تحت مسمى حق يراد به باطل وهو أن الله قادر على كل شيء!
لذلك فنحن نأخذ على عاتقنا واجب تنبيه الغافلين ─وقد كنا منهم─ بأن ما المسيح عيسى ابن مريم إلا بشرًا رسولًا خلا كما خلت الرسل من قبله ومن بعده وجاء عليه الموت فقضى نحبه بعد أن استنفذ أجله بسلام عليه السلام.

والآن ندخل في إطار آية موضوع حلقتنا الجديدة في الإثباتات القرآنية حول موته عليه السلام.

يقول الله:

 وفي هذه الآية كثير من العلامات والدلالات المثبتة لموته عليه السلام
 
أولا/ قول الله تعالى على لسان نبيه المسيح عيسى ابن مريم: «يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم» فهو عليه السلام في هذا القول يخاطب بني إسرائيل، قومه، المبعوث فيهم خاصة، ويتضح ذلك في قوله «يا بني إسرائيل... إني... إليكم» وليس خفيًا على المعترضين على  أمر موت عيسى ابن مريم أنه من ضمن قولهم بحياته القديمة أنه حين ينزل سيكون للعالمين كافة‼ وبالتالي سيُقضى على مثل هذه الآية، فلن يكون عيسى (الناصري) لبني إسرائيل فحسب حينئذ، وإلا فشل انتظارهم وذهب هباء! بل الأهون عندهم أن يكون هو بنفسه ويُقضى على آية قرآنية بكل بساطة‼

وثانيًا/ قوله: «ومصدقًا لما بين يدي من التوراة» وهو قول لو تعلمون عظيم، فإذا كان المُصرّين على عودة المسيح الناصري بشحمه ولحمه في آخر الزمان على ذلك، فإنهم بذلك لا يفتحون فقط باب القضاء على آية قرآنية واحدة ─هي التي بين أيدينا الآن─ بل إن هذه الجزئية من هذه الآية فقط، في حال إصرارهم على اعتقادهم بحياة وعودة المسيح الناصري، لهي قاضية على القرآن العظيم ككل، وعلى شريعة محمد المصطفى الخاتمة لكل الشرائع والمهيمنة عليها، فلو كان قيل (ومصدقًا لما بين يدي من الكتب) كإشارة لما يأت من كتب بعد التوراة ومن ضمنها القرآن، لكان الوضع أهون، ولكن بتصديقه على التوراة فحسب فهو ينسخ بذلك كل ما بعدها من كتب وشرائع، فهو حتى في ظل هذه الآية لا ينظر إلى القرآن بطرف عين. لذا فقوله تعالى هذا الكلام لهو وقف على التوراة فقط بواسطة الإنجيل ولا يتعدى لأبعد من ذلك بشيء. فبذلك تكون العودة ملغية، وبالتالي تكون الحياة القديمة منفية لانتفاء سببها.

ثالثًا/ والآن نأتِ على المحور الأبرز لهذه الآية، وبالنسبة لمن لم يقنع بما سبق، رغم أن ما سنقوله الآن ما كان ليكون لولا ما سبق. فقوله تعالى: «ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد» لهو بالغ حد الكفاية وواصل لمدى النهاية فيما نريد قوله في موضوعنا هذا.
لقد ذكر حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام حول هذا الجزء من الآية ما يلي:


ففي هذه الجزئية من هذه الآية وحدها عدد من النكات اللطيفة والعميقة والتي بينها لنا حضرة المسيح الموعود مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام، فالقول «ومبشرًا... من بعدي» لوحدها لدليل كاف على موته عليه السلام، وكأنه يقول لقومه لا تقلقوا من بعدي، فلسوف يأتي لكم من يهديكم سبيل الرشاد، المهيمن على الكافة والخاتم على الكل. فلو كان المسيح عليه السلام ليبق حيًا لما قال: «من بعدي» ولكان تجاوز عن مثل هذه الكلمة مكتفيًا بالقول: (ومبشرًا برسول يأتي اسمه أحمد)! وهنا يصبح اجتماع الرسولين جائز نصًا، ولكن لقد أقر الله وأنهى المسألة. ولكم في آية البقرة دليل، إذ قال الله على لسان يعقوب وبنوه: «أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» [البقرة] ولو كان المسيح عليه السلام ليبق حيًا لما استُلزم أصلًا بعثة النبي محمد إلى هذا العالم، ولأصبحت بعثته ─صلى الله عليه وسلم─ عبثًا إلهيًا تعالى الله عن ذلك.

ثم، لمَ ميز الله الاتي باسم أحمد؟!
في ذلك يدلنا أيضًا حضرة المسيح الموعود سيدنا أحمد عليه السلام على الجواب فيقول:



بمعنى أن بشارة المسيح الناصري بأن الآتي من بعده سيكون اسمه أحمد وهو اسم جمالي لمحمد المصطفى خاتم النبيين كما هو معلوم لأنه صلى الله عليه وسلم جامع لصفات الجلال والجمال معًا وأن اسم أحمد يخص صفات الجمال فقط، ففي ذلك مشابهة بصفات المسيح ابن مريم بتعاليمه الجميلة ويخص ظلية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الجانب الجمالي. وقبل كل ذلك هي بشارة بمجيئ محمد بنفسه صلى الله عليه وسلم.
فهذه البشارة بقدوم رسول تعني حتمًا زوال لكل رسول قد أتى، لا سيما أن الرسول المُبشر به ليس مجرد رسول كالرسل، لكنه خاتم النبيين. فمن يقول بحياة عيسى في السماء على الرغم من وجود محمد على الأرض فهو يرتكب بذلك أكثر من تجاوز للمقدسات الإسلامية فأولًا هو يضرب عرض الحائط بقيمة النبي محمد وفرادته، ويحيله إلى مرتبة ثانوية بينما صاحب المرتبة الرئيسية قابع ومتربع في السماء في انتظار النزول!
ثم يضرب أيضًا في معنى آية البعدية والبشارة ويُحتم باعتقاده هذا ان محمد لم يُبعث بعد لأن البعدية لم تتحقق بعد!
وأهم من ذلك كله، يعرض كلام الله سبحانه للنقض، فالله الذي يقول أن المسيح الناصري مبعوث لقومه ومصدقًا بكتابه، ياتي أخرق ليقول أن المسيح الناصري سيعود ليحكم على القرآن ليكون خاتم النبيين‼

رابعًا/ أما قوله تعالى: «فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين» فلا أدري على من تعود في الحقيقة، على المسيح الناصري المُبشر، أم على محمد رسول الله المُبشر به؟
إلا أني أميل إلى أنها تعود إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهي كذلك دليل قوي على مبعث ظل محمد أيضًا، أي محمد صلى الله عليه وسلم وخادمه عليه السلام معه، وذلك هو سر ذكر البشارة باسم احمد لا باسم محمد، فإن الله سبحانه أراد ان يُجمل أكثر من نبوءة عظيمة في كلمة واحدة هي اسم "أحمد" فهي قصدت محمد صلى الله عليه وسلم بذاته وكذلك قصدته بصفته فكان المتحلي بصفته هو خادمه المتبع لحضرته، غلام أحمد القادياني. وفي ذلك نجد أن كُلاً من السيد خاتم النبيين وخادمه المخلص الأمين تعرضا مع تقديمهما للبينات والآيات لمعارضات رهيبة شُنت عليهما ووصفت ما يعملون بالسحر المبين لأنهما جاءَا بعمل وأثرٍ هدّم أحلامهم وأوهامهم بروحانية لا يعهدونها، فعزوا ما يجهلون إلى السحر كالجاهلين.

:.

ليست هناك تعليقات: