† الاسم الرسمي
«جيش الرب للمقاومة [Lord Resistance Army [LRA»
في البداية لم يكن هذا الاسم «جيش الرب للمقاومة» هو الاسم الأول للتنظيم؛ بل اختار زعيمه الحالي جوزيف كوني لتنظيمه أسماء أخرى قبل هذا الاسم، كلها تتسم بالسمة الدينية ومنها «جيش الرب للخلاص»، ثم غيّره إلى «القوات الديمقراطية المسيحية الموحدة»، ثم استقر بعد ذلك على اسمه الحالي المتداول وهو «جيش الرب للمقاومة» ويعرف أيضًا بين أعضائه باسم «جيش الإنقاذ المقدس المتحد»، ومحليًا باسم «الجيش أو الحركة المسيحية الأوغندية». ويُلاحظ أنه في كل الأحوال لم يخلو الاسم من السمة الدينية المسيحية.
† نطاق الانتشار والعمليات
وينتشر
تنظيم جيش الرب في دول أوغندا، جنوب السودان، الكونغو، وأفريقيا الوسطى» وهناك
تخوف دائم من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أن يصل نطاق عمليات جيش الرب إلى
دولة جمهورية تشاد أيضًا لذا يتم إطلاق تحذيرات دائمة من إمكانية لجوء جيش الرب إليها[1]
† تاريخ النشأة والتأسيس
ظهر تنظيم جيش الرب في ثمانينيات القرن العشرين وتحديدًا في سنة 1987م ويعود تاريخ أول وجود له في السودان في سنة 1991 إذ تُعد من طليعة الدول التي وطئتها أقدام جيش الرب بعد أوغندا بولاية شرق الاستوائية السودانية (جنوب السودان حاليًا)، لكن التنظيم لم ينشئ قاعدة عمليات له هناك إلا في العام 1994، إذ بدأ الأهالي حينها يشعرون بوجوده، متذكرين أول حالات قتل المدنيين التي وقعت في السنة نفسها وكذلك أول حالات الاختطاف. يتذكر زعيم محلي بأن الناس في الأيام الأولى لم يربطوا بين المقاتلين المسلحين الذين بدأوا بالظهور والتنظيم الإرهابي[2]
إذن فمنذ سنة 1994 اتخذ زعيم التنظيم "كوني" من السودان قاعدة لانطلاق عملياته، وذلك بعد التضييق عليه من قِبل الحكومة الأوغندية.
† الزعامة الروحية والفعلية
† الزعامة الروحية (أليس أوما 1956 - 2007)
وهي الشهيرة بـ"لاكوينا" أي المتنبئة بلغة قبائل الأشولي، وهي كاهنة مسيحية أوغندية وزعيمة المتمردين في البلاد، هي المؤسس الروحي لتنظيم جيش الرب المسيحي للمقاومة، بدأت تحركها أولًا باسم «حركة الروح القدس» المنبثقة من جماعة "أتشولي" الإثنية[3] والتي ترى أن لها الحق الحصري في الحكم دون سواها من المجموعات القبلية أو العرقية الأخرى في المنطقة.
آمنت "لاكوينا" بأنها موكلة من الروح القدس، للإطاحة بالحكومة الأوغندية، فقالت إن الروح القدس خاطبها وأمرها أن تناضل هذا النظام الظالم. فبعد الإطاحة بالرئيس السابق لأوغندا الجنرال "تيتو أوكيلو" والمنتمي إلى مجموعة أشولي العرقية في شمال البلاد، قام الرئيس "يوري موسيفيني" المنتمي إلى مجموعة عرقية أخرى واسمها "بايانكولي" بمواجهة هذه الحركة المتمردة التي تتزعمها "لاكوينا" فتم القضاء على حركتها هذه «حركة الروح القدس» في تلك المواجهة مع النظام الحكومي القائم أثناء تقدمها نحو العاصمة كمبالا 1987، وفرت لاكوينا إلى كينيا كلاجئة على أمل تحيُن فرصة الإحياء مرة أخرى، والحق أن كثير من المسيحيين لديهم هذه النظرة والانتظار.
† القيادة الحالية (جوزيف كوني من مواليد قرية أوديك شمال أوغندا سنة 1961)
انضم معظم أتباع "لاكوينا" إلى جيش الرب للمقاومة المنبثق عن حركتها، وهو تحت قيادة جوزيف كوني حاليًا، والذي قيل إنه ابن أخيها أو ابن عمها في بعض الروايات وهو الذي خلفها الزعامة.
في عام 1987 أعلن كوني بأنه نبي من الرب لشعب الأشولي فقاد حركة الروح القدس، ومن ثم قام بإنشاء حركة جيش الرب المستمرة في عملياتها إلى الآن. وكان جوزيف كوني قد بدأ حياته العملية في شبابه في السلك الديني كشمّاس (يعني خادم) في الكنيسة الكاثوليكية، إلا أنه ترك ذلك التعليم الديني لاحقًا واشتغل في أعمال التداوي الشعبي.
† مسيحانية أهداف التنظيم
يسعى جيش الرب إلى هدف معلن وهو الإطاحة بنظام الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، من أجل هدف أساسي هو إقامة نظام حكم ديني يتأسس على الكتاب المقدس/ العهد الجديد والوصايا العشر. وهذا المنهج النصي الديني المرتكز على العهد الجديد يعطي تأكيدات حول أن الدعاوى عن سماحة ومحبة الإنجيل لا تنفصل بحال عن عنف العهد القديم ودمويته!
يقول زعيم تنظيم جيش الرب جوزيف كوني: "أنه على الرغم من أن العديد من أعضاء جيش الرب للمقاومة مسيحيون متدينون، إلا أنهم لا ينتوون أن يكونوا أصوليين مسيحيين"[4] في محاولة منه لدفع تهمة أن جيش الرب للمقاومة هو حركة إرهابية ذات دوافع دينية. وكأني هنا أرى أن زعيم هذا التنظيم يذم في فحوى الرسالة المسيحية، يريد بذلك القول للناس والإعلام أننا إذا تغلبنا لن نحكم بتعليم المسيح، بل نرهب ونخوف به فقط حتى نصل إلى غايتنا وهي الحكم ثم سنكون ودودين!
هذا وقد أفاد كوني بنفسه قائلًا: "لا يمكنني القول بأننا نخوض حرباً نظيفة أو أن موسيفيني يخوض حرباً قذرة، هذا يصعب قوله. لأن الحرب النظيفة يعلم بها الله وحده"![5]
أعلن كوني نفسه بأنه كليم الله والمتحدث الوحيد باسم الرب، والوسيط بين القوى الروحية والناس، والحق أن من يتصل به هي قوى الشيطان المُحرضة على سفك الدماء بلا وجه حق والمؤججة لأسباب النزاعات، انطلاقًا أيضًا من مبادئ الكتاب المقدس سعيًا لجني مكاسب مادية ودنيوية، كحال كافة الكيانات المسيحية منذ القدم، بدلًا من السعي للارتقاء بشعوب العالم بما يفيد ويبني. لقد كان مواطنو شمال أوغندا يؤمنون بقوى الأرواح والسحر، حيث تؤمن جماعة الأشولي في معتقداتها التقليدية بتداخل عالم الأرواح مع البشر، وهذا أيضًا ما استغله جوزيف كوني وربطه بقصص الكتاب المقدس كذلك.
قال فنسنت أوتي الرجل الثاني في تنظيم جيش الرب –الذي أشيع أنه قُتل- في مقابلة معه حينما سئل عن سبب اختيار اسم جيش الرب فجاء رده: «أطلقنا هذا الاسم على الحركة؛ لأننا نقاتل في سبيل الله، فالله هو الذي يساعدنا في الأدغال، وفى معاركنا.. نحن نقاتل من أجل الكتاب المقدس وتطبيق الوصايا العشر...» وذلك كما أسلفنا هو تعبير عن إيمان يقيني بعقيدة الإبادة العنصرية المُستقاة من نصوص الكتاب المقدس.
† بعض جرائم هذا التنظيم المُسجلة
وبخلاف ما ورد من تعاليم نصية مقدسة نادى بها زعماء وقادة هذا التنظيم في تأسيسه، فقد ارتُكبت جرائم وحشية يندى لها الجبين، فقط إذا سُمع خبرها، ناهيك عن الحال إذا رُئيت.. فعِداد قتلاهم على مدى السنين لا يحصره مقال[6]، وأعداد المخطوفين على أيديهم[7] لا يجيب عنه سؤال، هذا غير التهجير الجماعي والتشريد والتدريب على القتل الممنهج وممارسة العبودية والاستغلال الجنسي والتشويه[8] ناهيك أيضًا عن النهب والتخريب والاغتصاب والتجنيد القسري للأطفال والغارات المتزامنة على المدنيين العزل وفوق كل هذا إبراز وحشيتهم المتعمدة والبشعة باستخدام الفؤوس والسكاكين والمعاول والعصي والرماح في القتل[9]
وكمن يحتمى من الرمضاء بالنار فقد فرَّ أكثر من 15000 لاجئ من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جنوب السودان هربًا من هجمات جيش الرب الذي شن هجوما على شرق الكونغو[10]، لعلهم ينجون.. فأين يذهبون! فالجيش المقدس موجود في جنوب السودان كذلك.
مراجع وهوامش
[1] مكتب الأمم المتحدة الإقليمي لوسط أفريقيا" في بيان صادر في 2012 "إن الضغط الذي نمارسه الآن على جيش الرب يمكن أن يؤدي إلى توغله في بلدان أخرى
[2] جيش الرب للمقاومة في السودان تاريخ ولمحات "ماركيه شوميروس" المعهد العالي للدراسات الدولية، جنيف 2007 – الطبعة الأولى
[3] عِرق الأتشولي هم أولئك الذين يعتبرون أنفسهم امتدادًا لأول إنسان مُنتصب القامة (صاحب الحضارة الأشولية) ويرجع منشأ هذا الاسم "أشولي" إلى حي القديس أشول بمدينة أميان شمال فرنسا على ضفاف نهر سوم حيث عُثر للمرة الأولى على حفريات تعود إلى هذا العصر في سنة 1859
[4] بيان موقَّع عن جوزيف كوني صدر في 1999
[5] مقابلة أجرتها الباحثة "ماركيه شوميروس" مع جوزيف كوني، ري – كوانغبا، 12 يونيو 2006
[6] قام التنظيم بقتل أكثر من 100 ألف شخص في وسط إفريقيا خلال الأعوام الـ25 الأخيرة. هذا الإحصاء عن الأمم المتحدة في عام 2013
[7] قام أعضاء التنظيم بخطف ما بين 60 ألف و100 ألف طفل
[8] آن فينمان، المديرة التنفيذية لليونيسف، في تصريح لها بتاريخ 13 أغسطس 2009
[9] تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الخاص بالسودان 2009
[10] تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق