ونحن في شهر رجب، ذلك الشهر المعظم، نجد أنفسنا في مواجهة موضوعين
يتعلقان بنفس العلة، ففي السابع والعشرين من هذا الشهر الكريم يحتفل المسلمون
بمناسبة تحظى بكثير من الأهمية في الأوساط الإسلامية ألا وهي رحلة الإسراء
والمعراج، ففي شأن الإسراء قال الله تعالى:
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» [الإسراء] وفي شأن المعراج قال سبحانه: «وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى» [النجم] ويتبلور فكر المسلمين التقليديين عن هذه الرحلة المباركة أن الرسول محمد ﷺ قد انتقل فيها سواء إلى المسجد الأقصى أو إلى السماوات العلى بجسمه وروحه معًا، بأن ترك مكانه وانتقل إلي هاتين النقطتين! ولندع مؤقتًا شأن الإسراء ─في هذا الموضوع على الأقل لحين إفراد له موضوع مستقل─ ولنركز على حادث المعراج، ففيه نواجه معارضات قرآنية صريحة تقف أمام هذا التصور التقليدي الذي تبناه المسلمون اليوم! إذ يقول الله لرد هذا الزعم الخرافي في معرض رده على دعاوى المشركين حين قاموا بسرد طلبات تعجيزية من أجل أن يحققها الرسول محمد لتكون شاهدة على مصداقيته بالنسبة لهم فذكر الله من ضمن ما قالوا:
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» [الإسراء] وفي شأن المعراج قال سبحانه: «وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى» [النجم] ويتبلور فكر المسلمين التقليديين عن هذه الرحلة المباركة أن الرسول محمد ﷺ قد انتقل فيها سواء إلى المسجد الأقصى أو إلى السماوات العلى بجسمه وروحه معًا، بأن ترك مكانه وانتقل إلي هاتين النقطتين! ولندع مؤقتًا شأن الإسراء ─في هذا الموضوع على الأقل لحين إفراد له موضوع مستقل─ ولنركز على حادث المعراج، ففيه نواجه معارضات قرآنية صريحة تقف أمام هذا التصور التقليدي الذي تبناه المسلمون اليوم! إذ يقول الله لرد هذا الزعم الخرافي في معرض رده على دعاوى المشركين حين قاموا بسرد طلبات تعجيزية من أجل أن يحققها الرسول محمد لتكون شاهدة على مصداقيته بالنسبة لهم فذكر الله من ضمن ما قالوا:
لقد طلب معارضي محمد ﷺ منه أن يصعد إلى السماء ويبقى فيها فرد عليهم أن سبحان الله هل ترونني أكثر من بشر أرسلت إليكم؟ ومع هذه الآية نجد أنفسنا الآن أمام أربعة مواجهات عند قراءتنا لها، وهذه المواجهات هي كالتالي:▬
المواجهة
الأولى، إذا افترضنا أن حادث المعراج قد تم قبل هذا الطلب من المشركين، فلما لم يستشهد به الرسول ويقدمه كحجة
عليهم، لا سيما أنه أثبت رحلته الإسرائية ─على الأقل─ بإجابة جميع تساؤلاتهم
حولها، وإن كانوا لم يصدقوه أيضًا!.
المواجهة الثانية، إذا افترضنا أن حادث المعراج لم يكن قد حصل بعد، فهل يمكن أن نعتبر أن
وقوعه فيما بعد هذه الآية استجابة إلهية لطلب المشركين ليقيم عليهم الحجة؟ إذا
افترضنا ذلك جدلاً فلماذا قال الله في هذه الآية «قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا
رسولا» أي لماذا نبّه الله نبيه ليقول لهم أن ذلك ليس من مقتضى الحكمة ولا المنطق،
فلست أنا إلا بشر، وما تطلبونه مناف لقانون الله «سبحان ربي» الذي عينه للبشر «هل
كنت إلا بشرًا» وما الرسل إلا بشر وأنا بشر «رسولا».
المواجهة الثالثة، وهي صُلب موضوعنا، فإذا كان الله عز وجل قد أمر
رسوله بأن يقول لقومه الذين طلبوا منه الصعود إلى السماوات والبقاء فيها، بأن ذلك منافي لقوانين
الله في الطبيعة البشرية وذلك حين ذكر الأمر «قل سبحان ربي»، وبرر ذلك بعلّة «هل كنت إلا بشرًا
رسولًا» فلِكون الرسول بشر، فلا يمكنه ولا تُمَكِّنهُ طبيعته البشرية على الصعود بجسمه
المادي إلى السماوات العلا فضلا عن المكوث لأكثر من ألفي سنة! فهل يكون من العقل
والمنطق والمقبول أن يقول سبحانه الكلام ثم يخرقه في موضع آخر؟ بل والطامة الكبرى
أن يكون أجراه سبحانه في المسيح ─أي قبل محمد─ وأنكر مقبولية إجراءه في محمد؟! إن هذا لشيء عجاب.
المواجهة الرابعة، وهي مهمة الرسول، فحينما قال ﷺ «سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولا» ردًا على طلبهم أن يرقى في السماء أي أن يصعد إليها ويبقى فيها، قصد أن مهمة الرسول أن يبقى وسط من بُعث فيهم لا أن يتركهم ويبقى في السماء، ففضلًا عن كون طلبهم منافي للعقل والمنطق، فهو منافي للحق أيضًا وهو طلب خبيث رده الله، وكان رده عامًّا يقع على حال كل الرسل والبشر.
المواجهة الرابعة، وهي مهمة الرسول، فحينما قال ﷺ «سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولا» ردًا على طلبهم أن يرقى في السماء أي أن يصعد إليها ويبقى فيها، قصد أن مهمة الرسول أن يبقى وسط من بُعث فيهم لا أن يتركهم ويبقى في السماء، ففضلًا عن كون طلبهم منافي للعقل والمنطق، فهو منافي للحق أيضًا وهو طلب خبيث رده الله، وكان رده عامًّا يقع على حال كل الرسل والبشر.
ومن هذه المواجهات الأربعة يمكن أن نستنتج التالي:▬
1/ أن لا محمد ﷺ صعد إلى السماء، ولا المسيح عليه السلام أيضًا صعد، فضلاً عن انعدام بقاءه
فيها إلى الآن.
2/ أنه إذا قبلنا بصعود المسيح إلى السماء فقد عرّضنا الله سبحانه
للتناقض وقوله عز وجل في القرآن للإلغاء.
3/ أن هذا الرد المُلقن من الله لنبيه ﷺ يجبر كل قارئ للقرآن وكل معتقد في أمور خرافية أن يتدبر أكثر فيما
يقرأ ويعتقد.
4/ أن الدين الذي أساسه القرآن ليس فيه ما ينافي المعقول أو يخالف
المقبول أو يكسر القانون أو يخرق المنطق.
وعلى هذه ↑ الاستنتاجات المستخلصة من الآية موضوع حديثنا يجب أن نرسو
على مرسى موحد، وعلى من يعارض مرسانا هذا فليعلن عن مكمن معارضته فيه بكل صراحة. ولكن
قبل ذلك فليعلن هل يقبل بصعود وبقاء أنبياء أو أحد الانبياء إلى السماء ويجعل كلام
الله في مهب ريح الأعداء مُعرض للنقض؟ أم يكون السيد المسيح لم يصعد إلى السماء وهو باق حي مختبئ في مكان ما على هذه الأرض؟‼
قد يقول المعترض "إن مثل هذا الكلام يؤول"، فليأت
بتأويله إن كان من المؤولين! ومنهم من يقول "ولكن هناك من الأحاديث النبوية التي
تصرح بصعود الانبياء وبقاء بعضهم في السماء"، وهنا نقول نحن أيضًا أن تلك الأحاديث
تؤوَل في ضوء صريح القرآن العظيم وحكمة الله العليم. أما هم فنسألهم؛ على أي ضوء تؤولون القرآن الكريم
أنتم؟!
يقولون: "ولكن الأحاديث تقول ان عيسى ابن مريم "سينزل من
السماء" آخر الزمان، وهذا كلام واضح وصريح! كما أن هذا الكلام الجديد يلغي معجزة المعراج المُثبتة.."
وعن النزول من السماء فهذا الكلام فنده حضرة الإمام مرزا غلام أحمد المسيح الموعود والإمام
المهدي عليه السلام في عديد من المواضع نختار لكم منها الاقتباس التالي← من كتابه حمامة البشرى:
▬
أما عن الادعاء بأن هذا الكلام يلغي حدث المعراج المُثبت، فهذا كلام فارغ وليس قائم على دليل، وحقيقة الأمر سنفرد له موضوع مستقل به إذا شاء الله تعالى.
:.