الثلاثاء، 7 مايو 2024

تأملات وتعليقات على قراءات أسبوع الآلام ─ اليوم الخامس

 اليوم الخامس، خميس العهد

██أولًا - القراءة

— لوقا ٢٢/ ٧- ١٣

الإعداد للفصح

٧ وجاءَ يومُ الفَطيرِ الّذي كانَ يَنبَغي أنْ يُذبَحَ فيهِ الفِصحُ. ٨ فأرسَلَ بُطرُسَ ويوحَنا قائلًا: «اذهَبا وأعِدّا لنا الفِصحَ لنأكُلَ». ٩ فقالا لهُ: «أين تُريدُ أنْ نُعِدَّ؟». ١٠ فقالَ لهُما: «إذا دَخَلتُما المدينةَ يَستَقبِلُكُما إنسانٌ حامِلٌ جَرَّةَ ماءٍ. اِتبَعاهُ إلَى البَيتِ حَيثُ يَدخُلُ، ١١ وقولا لرَبِّ البَيتِ: يقولُ لكَ المُعَلِّمُ: أين المَنزِلُ حَيثُ آكُلُ الفِصحَ مع تلاميذي؟ ١٢ فذاكَ يُريكُما عِلّيَّةً كبيرَةً مَفروشَةً. هناكَ أعِدّا». ١٣ فانطَلَقا ووجَدا كما قالَ لهُما، فأعَدّا الفِصحَ.

— متى ٢٦/ ٢٠- ٢٥

٢٠ ولَمّا كانَ المساءُ اتَّكأ مع الِاثنَيْ عشَرَ. ٢١ وفيما هُم يأكُلونَ قالَ: «الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ واحِدًا مِنكُمْ يُسَلِّمُني». ٢٢ فحَزِنوا جِدًّا، وابتَدأ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمْ يقولُ لهُ: «هل أنا هو يا رَبُّ؟». ٢٣ فأجابَ وقالَ: «الّذي يَغمِسُ يَدَهُ مَعي في الصَّحفَةِ هو يُسَلِّمُني! ٢٤ إنَّ ابنَ الإنسانِ ماضٍ كما هو مَكتوبٌ عنهُ، ولكن ويلٌ لذلكَ الرَّجُلِ الّذي بهِ يُسَلَّمُ ابنُ الإنسانِ. كانَ خَيرًا لذلكَ الرَّجُلِ لو لم يولَدْ!». ٢٥ فأجابَ يَهوذا مُسَلِّمُهُ وقالَ: «هل أنا هو يا سيِّدي؟». قالَ لهُ: «أنتَ قُلتَ».

— يوحنا ١٣/ ٢٧- ٢٩

٢٧ فبَعدَ اللُّقمَةِ دَخَلهُ الشَّيطانُ. فقالَ لهُ يَسوعُ: «ما أنتَ تعمَلُهُ فاعمَلهُ بأكثَرِ سُرعَةٍ». ٢٨ وأمّا هذا فلم يَفهَمْ أحَدٌ مِنَ المُتَّكِئينَ لماذا كلَّمَهُ بهِ، ٢٩ لأنَّ قَوْمًا، إذ كانَ الصُّندوقُ مع يَهوذا، ظَنّوا أنَّ يَسوعَ قالَ لهُ: اشتَرِ ما نَحتاجُ إليهِ للعيدِ، أو أنْ يُعطيَ شَيئًا للفُقَراءِ.

— متى ٢٦/ ٢٦- ٢٩

عشاء الرب

٢٦ وفيما هُم يأكُلونَ أخَذَ يَسوعُ الخُبزَ، وبارَكَ وكسَّرَ وأعطَى التلاميذَ وقالَ: «خُذوا كُلوا. هذا هو جَسَدي». ٢٧ وأخَذَ الكأسَ وشَكَرَ وأعطاهُمْ قائلًا: «اشرَبوا مِنها كُلُّكُمْ، ٢٨ لأنَّ هذا هو دَمي الّذي للعَهدِ الجديدِ الّذي يُسفَكُ مِنْ أجلِ كثيرينَ لمَغفِرَةِ الخطايا. ٢٩ وأقولُ لكُمْ: إنّي مِنَ الآنَ لا أشرَبُ مِنْ نِتاجِ الكَرمَةِ هذا إلَى ذلكَ اليومِ حينَما أشرَبُهُ معكُمْ جديدًا في ملكوتِ أبي».

— يوحنا ١٣/ ١- ١٧

غسل أرجل التلاميذ

١ أمّا يَسوعُ قَبلَ عيدِ الفِصحِ، وهو عالِمٌ أنَّ ساعَتَهُ قد جاءَتْ ليَنتَقِلَ مِنْ هذا العالَمِ إلَى الآبِ، إذ كانَ قد أحَبَّ خاصَّتَهُ الّذينَ في العالَمِ، أحَبَّهُمْ إلَى المُنتَهَى. ٢ فحينَ كانَ العَشاءُ، وقَدْ ألقَى الشَّيطانُ في قَلبِ يَهوذا سِمعانَ الإسخَريوطيِّ أنْ يُسَلِّمَهُ، ٣ يَسوعُ وهو عالِمٌ أنَّ الآبَ قد دَفَعَ كُلَّ شَيءٍ إلَى يَدَيهِ، وأنَّهُ مِنْ عِندِ اللهِ خرجَ، وإلَى اللهِ يَمضي، ٤ قامَ عن العَشاءِ، وخَلَعَ ثيابَهُ، وأخَذَ مِنشَفَةً واتَّزَرَ بها، ٥ ثُمَّ صَبَّ ماءً في مِغسَلٍ، وابتَدأ يَغسِلُ أرجُلَ التلاميذِ ويَمسَحُها بالمِنشَفَةِ الّتي كانَ مُتَّزِرًا بها. ٦ فجاءَ إلَى سِمعانَ بُطرُسَ. فقالَ لهُ ذاكَ: «يا سيِّدُ، أنتَ تغسِلُ رِجلَيَّ!». ٧ أجابَ يَسوعُ وقالَ لهُ: «لَستَ تعلَمُ أنتَ الآنَ ما أنا أصنَعُ، ولكنكَ ستَفهَمُ فيما بَعدُ». ٨ قالَ لهُ بُطرُسُ: «لن تغسِلَ رِجلَيَّ أبدًا!». أجابَهُ يَسوعُ: «إنْ كُنتُ لا أغسِلُكَ فليس لكَ مَعي نَصيبٌ». ٩ قالَ لهُ سِمعانُ بُطرُسُ: «يا سيِّدُ، ليس رِجلَيَّ فقط بل أيضًا يَدَيَّ ورأسي». ١٠ قالَ لهُ يَسوعُ: «الّذي قد اغتَسَلَ ليس لهُ حاجَةٌ إلّا إلَى غَسلِ رِجلَيهِ، بل هو طاهِرٌ كُلُّهُ. وأنتُمْ طاهِرونَ ولكن ليس كُلُّكُمْ». ١١ لأنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ، لذلكَ قالَ: «لَستُمْ كُلُّكُمْ طاهِرينَ». ١٢ فلَمّا كانَ قد غَسَلَ أرجُلهُمْ وأخَذَ ثيابَهُ واتَّكأ أيضًا، قالَ لهُمْ: «أتَفهَمونَ ما قد صَنَعتُ بكُم؟ ١٣ أنتُمْ تدعونَني مُعَلِّمًا وسَيِّدًا، وحَسَنًا تقولونَ، لأنّي أنا كذلكَ. ١٤ فإنْ كُنتُ وأنا السَّيِّدُ والمُعَلِّمُ قد غَسَلتُ أرجُلكُمْ، فأنتُمْ يَجِبُ علَيكُمْ أنْ يَغسِلَ بَعضُكُمْ أرجُلَ بَعضٍ، ١٥ لأنّي أعطَيتُكُمْ مِثالًا، حتَّى كما صَنَعتُ أنا بكُمْ تصنَعونَ أنتُمْ أيضًا. ١٦ الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ ليس عَبدٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ، ولا رَسولٌ أعظَمَ مِنْ مُرسِلِهِ. ١٧ إنْ عَلِمتُمْ هذا فطوباكُمْ إنْ عَمِلتُموهُ.

— متى ٢٦/ ٣٠- ٣٥

٣٠ ثُمَّ سبَّحوا وخرجوا إلَى جَبَلِ الزَّيتونِ.

يسوع ينبئ بإنكار بطرس له

٣١ حينَئذٍ قالَ لهُمْ يَسوعُ: «كُلُّكُمْ تشُكّونَ فيَّ في هذِهِ اللَّيلَةِ، لأنَّهُ مَكتوبٌ: أنّي أضرِبُ الرّاعيَ فتتَبَدَّدُ خِرافُ الرَّعيَّةِ. ٣٢ ولكن بَعدَ قيامي أسبِقُكُمْ إلَى الجَليلِ». ٣٣ فأجابَ بُطرُسُ وقالَ لهُ: «وإنْ شَكَّ فيكَ الجميعُ فأنا لا أشُكُّ أبدًا». ٣٤ قالَ لهُ يَسوعُ: «الحَقَّ أقولُ لكَ: إنَّكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ قَبلَ أنْ يَصيحَ ديكٌ تُنكِرُني ثَلاثَ مَرّاتٍ». ٣٥ قالَ لهُ بُطرُسُ: «ولَوِ اضطُرِرتُ أنْ أموتَ معكَ لا أُنكِرُكَ!». هكذا قالَ أيضًا جميعُ التلاميذِ.

— متى ٢٦/ ٣٦- ٤٦

في جثسيماني

٣٦ حينَئذٍ جاءَ معهُمْ يَسوعُ إلَى ضَيعَةٍ يُقالُ لها جَثسَيماني، فقالَ للتلاميذِ: «اجلِسوا ههنا حتَّى أمضيَ وأُصَلّيَ هناكَ». ٣٧ ثُمَّ أخَذَ معهُ بُطرُسَ وابنَيْ زَبدي، وابتَدأ يَحزَنُ ويَكتَئبُ. ٣٨ فقالَ لهُمْ: «نَفسي حَزينَةٌ جِدًّا حتَّى الموتِ. اُمكُثوا ههنا واسهَروا مَعي». ٣٩ ثُمَّ تقَدَّمَ قَليلًا وخَرَّ علَى وجهِهِ، وكانَ يُصَلّي قائلًا: «يا أبَتاهُ، إنْ أمكَنَ فلتَعبُرْ عَنّي هذِهِ الكأسُ، ولكن ليس كما أُريدُ أنا بل كما تُريدُ أنتَ». ٤٠ ثُمَّ جاءَ إلَى التلاميذِ فوَجَدَهُمْ نيامًا، فقالَ لبُطرُسَ: «أهكذا ما قَدَرتُمْ أنْ تسهَروا مَعي ساعَةً واحِدَةً؟ ٤١ اِسهَروا وصَلّوا لئَلّا تدخُلوا في تجرِبَةٍ. أمّا الرّوحُ فنَشيطٌ وأمّا الجَسَدُ فضَعيفٌ». ٤٢ فمَضَى أيضًا ثانيَةً وصَلَّى قائلًا: «يا أبَتاهُ، إنْ لم يُمكِنْ أنْ تعبُرَ عَنّي هذِهِ الكأسُ إلّا أنْ أشرَبَها، فلتَكُنْ مَشيئَتُكَ». ٤٣ ثُمَّ جاءَ فوَجَدَهُمْ أيضًا نيامًا، إذ كانتْ أعيُنُهُمْ ثَقيلَةً. ٤٤ فترَكَهُمْ ومَضَى أيضًا وصَلَّى ثالِثَةً قائلًا ذلكَ الكلامَ بعَينِهِ. ٤٥ ثُمَّ جاءَ إلَى تلاميذِهِ وقالَ لهُمْ: «ناموا الآنَ واستَريحوا! هوذا السّاعَةُ قد اقتَرَبَتْ، وابنُ الإنسانِ يُسَلَّمُ إلَى أيدي الخُطاةِ. ٤٦ قوموا نَنطَلِقْ! هوذا الّذي يُسَلِّمُني قد اقتَرَبَ!».

— يوحنا ١٨/ ٢- ٩

٢ وكانَ يَهوذا مُسَلِّمُهُ يَعرِفُ المَوْضِعَ، لأنَّ يَسوعَ اجتَمَعَ هناكَ كثيرًا مع تلاميذِهِ. ٣ فأخَذَ يَهوذا الجُندَ وخُدّامًا مِنْ عِندِ رؤَساءِ الكهنةِ والفَرّيسيّينَ، وجاءَ إلَى هناكَ بمَشاعِلَ ومَصابيحَ وسِلاحٍ. ٤ فخرجَ يَسوعُ وهو عالِمٌ بكُلِّ ما يأتي علَيهِ، وقالَ لهُمْ: «مَنْ تطلُبونَ؟». ٥ أجابوهُ: «يَسوعَ النّاصِريَّ». قالَ لهُمْ يَسوعُ: «أنا هو». وكانَ يَهوذا مُسَلِّمُهُ أيضًا واقِفًا معهُمْ. ٦ فلَمّا قالَ لهُمْ: «إنّي أنا هو»، رَجَعوا إلَى الوَراءِ وسَقَطوا علَى الأرضِ. ٧ فسألهُمْ أيضًا: «مَنْ تطلُبونَ؟». فقالوا: «يَسوعَ النّاصِريَّ». ٨ أجابَ يَسوع: «قد قُلتُ لكُمْ: إنّي أنا هو. فإنْ كنتُم تطلُبونَني فدَعوا هؤُلاءِ يَذهَبونَ». ٩ ليَتِمَّ القَوْلُ الّذي قالهُ: «إنَّ الّذينَ أعطَيتَني لم أُهلِكْ مِنهُمْ أحَدًا».

— متى ٢٦ : ٤٧- ٥

القبض على يسوع

٤٧ وفيما هو يتَكلَّمُ، إذا يَهوذا أحَدُ الِاثنَيْ عشَرَ قد جاءَ ومَعَهُ جَمعٌ كثيرٌ بسُيوفٍ وعِصيٍّ مِنْ عِندِ رؤَساءِ الكهنةِ وشُيوخِ الشَّعبِ. ٤٨ والّذي أسلَمَهُ أعطاهُمْ عَلامَةً قائلًا: «الّذي أُقَبِّلُهُ هو هو. أمسِكوهُ». ٤٩ فللوقتِ تقَدَّمَ إلَى يَسوعَ وقالَ: «السَّلامُ يا سيِّدي!» وقَبَّلهُ. ٥٠ فقالَ لهُ يَسوعُ: «يا صاحِبُ، لماذا جِئتَ؟». حينَئذٍ تقَدَّموا وألقَوْا الأياديَ علَى يَسوعَ وأمسَكوهُ. ٥١ وإذا واحِدٌ مِنَ الّذينَ مع يَسوعَ مَدَّ يَدَهُ واستَلَّ سيفَهُ وضَرَبَ عَبدَ رَئيسِ الكهنةِ، فقَطَعَ أُذنَهُ. ٥٢ فقالَ لهُ يَسوعُ: «رُدَّ سيفَكَ إلَى مَكانِهِ. لأنَّ كُلَّ الّذينَ يأخُذونَ السَّيفَ بالسَّيفِ يَهلِكونَ! ٥٣ أتَظُنُّ أنّي لا أستَطيعُ الآنَ أنْ أطلُبَ إلَى أبي فيُقَدِّمَ لي أكثَرَ مِنِ اثنَيْ عشَرَ جَيشًا مِنَ المَلائكَةِ؟ ٥٤ فكيفَ تُكَمَّلُ الكُتُبُ: أنَّهُ هكذا يَنبَغي أنْ يكونَ؟».

— متى ٢٦/ ٥٥، ٥٦

٥٥ في تِلكَ السّاعَةِ قالَ يَسوعُ للجُموعِ: «كأنَّهُ علَى لصٍّ خرجتُمْ بسُيوفٍ وعِصيٍّ لتأخُذوني! كُلَّ يومٍ كُنتُ أجلِسُ معكُمْ أُعَلِّمُ في الهَيكلِ ولَمْ تُمسِكوني. ٥٦ وأمّا هذا كُلُّهُ فقد كانَ لكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأنبياءِ». حينَئذٍ ترَكَهُ التلاميذُ كُلُّهُمْ وهَرَبوا.

— يوحنا ١٨/ ١٢- ١٤

أمام حنان

١٢ ثُمَّ إنَّ الجُندَ والقائدَ وخُدّامَ اليَهودِ قَبَضوا علَى يَسوعَ وأوثَقوهُ، ١٣ ومَضَوْا بهِ إلَى حَنّانَ أوَّلًا، لأنَّهُ كانَ حَما قَيافا الّذي كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ. ١٤ وكانَ قَيافا هو الّذي أشارَ علَى اليَهودِ أنَّهُ خَيرٌ أنْ يَموتَ إنسانٌ واحِدٌ عن الشَّعبِ.

— مرقس ١٤/ ٥٣

أمام مجمع اليهود

٥٣ فمَضَوْا بيَسوعَ إلَى رَئيسِ الكهنةِ، فاجتَمَعَ معهُ جميعُ رؤَساءِ الكهنةِ والشُّيوخُ والكتبةُ.

— يوحنا ١٨/ ١٥، ١٦

إنكار بطرس الأول

١٥ وكانَ سِمعانُ بُطرُسُ والتِّلميذُ الآخَرُ يتبَعانِ يَسوعَ، وكانَ ذلكَ التِّلميذُ مَعروفًا عِندَ رَئيسِ الكهنةِ، فدَخَلَ مع يَسوعَ إلَى دارِ رَئيسِ الكهنةِ. ١٦ وأمّا بُطرُسُ فكانَ واقِفًا عِندَ البابِ خارِجًا. فخرجَ التِّلميذُ الآخَرُ الّذي كانَ مَعروفًا عِندَ رَئيسِ الكهنةِ، وكلَّمَ البَوّابَةَ فأدخَلَ بُطرُسَ.

— مرقس ١٤/ ٥٤- ٥٩

٥٤ وكانَ بُطرُسُ قد تبِعَهُ مِنْ بَعيدٍ إلَى داخِلِ دارِ رَئيسِ الكهنةِ، وكانَ جالِسًا بَينَ الخُدّامِ يَستَدفِئُ عِندَ النّارِ. ٥٥ وكانَ رؤَساءُ الكهنةِ والمَجمَعُ كُلُّهُ يَطلُبونَ شَهادَةً علَى يَسوعَ ليَقتُلوهُ، فلم يَجِدوا. ٥٦ لأنَّ كثيرينَ شَهِدوا علَيهِ زورًا، ولَمْ تتَّفِقْ شَهاداتُهُمْ. ٥٧ ثُمَّ قامَ قَوْمٌ وشَهِدوا علَيهِ زورًا قائلينَ: ٥٨ «نَحنُ سمِعناهُ يقولُ: إنّي أنقُضُ هذا الهَيكلَ المَصنوعَ بالأيادي، وفي ثَلاثَةِ أيّامٍ أبني آخَرَ غَيرَ مَصنوعٍ بأيادٍ». ٥٩ ولا بهذا كانتْ شَهادَتُهُمْ تتَّفِقُ.

— يوحنا ١٨/ ١٩- ٢٣

أمام رئيس الكهنة

— ١٩ فسألَ رَئيسُ الكهنةِ يَسوعَ عن تلاميذِهِ وعَنْ تعليمِهِ. ٢٠ أجابَهُ يَسوعُ: «أنا كلَّمتُ العالَمَ عَلانيَةً. أنا عَلَّمتُ كُلَّ حينٍ في المَجمَعِ وفي الهَيكلِ حَيثُ يَجتَمِعُ اليَهودُ دائمًا. وفي الخَفاءِ لم أتَكلَّمْ بشَيءٍ. ٢١ لماذا تسألُني أنا؟ اِسألِ الّذينَ قد سمِعوا ماذا كلَّمتُهُمْ. هوذا هؤُلاءِ يَعرِفونَ ماذا قُلتُ أنا». ٢٢ ولَمّا قالَ هذا لَطَمَ يَسوعَ واحِدٌ مِنَ الخُدّامِ كانَ واقِفًا، قائلًا: «أهكذا تُجاوِبُ رَئيسَ الكهنةِ؟». ٢٣ أجابَهُ يَسوعُ: «إنْ كُنتُ قد تكلَّمتُ رَديًّا فاشهَدْ علَى الرَّديِّ، وإنْ حَسَنًا فلماذا تضرِبُني؟».

— متى ٢٦/ ٦٢- ٦٨

٦٢ فقامَ رَئيسُ الكهنةِ وقالَ لهُ: «أما تُجيبُ بشَيءٍ؟ ماذا يَشهَدُ بهِ هذانِ علَيكَ؟». ٦٣ وأمّا يَسوعُ فكانَ ساكِتًا. فأجابَ رَئيسُ الكهنةِ وقالَ لهُ: «أستَحلِفُكَ باللهِ الحَيِّ أنْ تقولَ لنا: هل أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ؟». ٦٤ قالَ لهُ يَسوعُ: «أنتَ قُلتَ! وأيضًا أقولُ لكُمْ: مِنَ الآنَ تُبصِرونَ ابنَ الإنسانِ جالِسًا عن يَمينِ القوَّةِ، وآتيًا علَى سحابِ السماءِ». ٦٥ فمَزَّقَ رَئيسُ الكهنةِ حينَئذٍ ثيابَهُ قائلًا: «قد جَدَّفَ! ما حاجَتُنا بَعدُ إلَى شُهودٍ؟ ها قد سمِعتُمْ تجديفَهُ! ٦٦ ماذا ترَوْنَ؟». فأجابوا وقالوا: «إنَّهُ مُستَوْجِبُ الموتِ». ٦٧ حينَئذٍ بَصَقوا في وجهِهِ ولكَموهُ، وآخَرونَ لَطَموهُ ٦٨ قائلينَ: «تنَبّأْ لنا أيُّها المَسيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟».

— متى ٢٦ : ٦٩- ٧٥

إنكار بطرس

٦٩ أمّا بُطرُسُ فكانَ جالِسًا خارِجًا في الدّارِ، فجاءَتْ إليهِ جاريَةٌ قائلَةً: «وأنتَ كُنتَ مع يَسوعَ الجَليليِّ!». ٧٠ فأنكَرَ قُدّامَ الجميعِ قائلًا: «لَستُ أدري ما تقولينَ!». ٧١ ثُمَّ إذ خرجَ إلَى الدِّهليزِ رأتهُ أُخرَى، فقالَتْ للّذينَ هناكَ: «وهذا كانَ مع يَسوعَ النّاصِريِّ!». ٧٢ فأنكَرَ أيضًا بقَسَمٍ: «إنّي لَستُ أعرِفُ الرَّجُلَ!». ٧٣ وبَعدَ قَليلٍ جاءَ القيامُ وقالوا لبُطرُسَ: «حَقًّا أنتَ أيضًا مِنهُمْ، فإنَّ لُغَتَكَ تُظهِرُكَ!». ٧٤ فابتَدأ حينَئذٍ يَلعَنُ ويَحلِفُ: «إنّي لا أعرِفُ الرَّجُلَ!». ولِلوقتِ صاحَ الدّيكُ. ٧٥ فتذَكَّرَ بُطرُسُ كلامَ يَسوعَ الّذي قالَ لهُ: «إنَّكَ قَبلَ أنْ يَصيحَ الدّيكُ تُنكِرُني ثَلاثَ مَرّاتٍ». فخرجَ إلَى خارِجٍ وبَكَى بُكاءً مُرًّا.

_________________

██ثانيًا - التأمل والتعليق

• إن تأويل غسل الأرجل لهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمر الانتقال من حال إلى حال، ومن وضع إلى وضع، أي من أمة إلى أمة كما أشار وأنبأ ونبه المسيح كثيرًا.. ويظهر ذلك بوضوح سواء في طوال سيرة أيام خدمته أو في تلك القراءات المختصرة الخاصة بأسبوع الآلام. ففي هذه القراءات فقط نستطيع أن نسلط الضوء على التالي من أقواله:-

- «يأتيَ علَيكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكيٍّ سُفِكَ علَى الأرضِ، مِنْ دَمِ هابيلَ الصِّدّيقِ إلَى دَمِ زَكَريّا بنِ بَرَخيّا الّذي قَتَلتُموهُ بَينَ الهَيكلِ والمَذبَحِ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ هذا كُلَّهُ يأتي علَى هذا الجيلِ!» (متى ٢٣/ ٣٥، ٣٦)

- «يا أورُشَليمُ، يا أورُشَليمُ! يا قاتِلَةَ الأنبياءِ وراجِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كمْ مَرَّةٍ أرَدتُ أنْ أجمَعَ أولادَكِ كما تجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تحتَ جَناحَيها، ولَمْ تُريدوا! هوذا بَيتُكُمْ يُترَكُ لكُمْ خَرابًا» (متى ٢٣/ ٣٧، ٣٨)

- «لذلكَ أقولُ لكُمْ: إنَّ ملكوتَ اللهِ يُنزَعُ مِنكُمْ ويُعطَى لأُمَّةٍ تعمَلُ أثمارَهُ» (متى ٢١/ ٤٣)

فإن معنى غسل الأرجل في الكتاب المقدس يتردد صداه حول الانتقال أو الارتقاء من مكان إلى آخر أفضل أو من حال إلى آخر أرقى، أو في التبرء من أمر، كتعبير نفض الأرجل أو غسل الأيدي.. ولكنه هذه المرة كان عملًا بيد الداعي نفسه لأتباعه وليس بدعوتهم لفعله لتصير ذكراه علامة.

فهذا العمل هو كالعهد بين يسوع وبين تلاميذه على عدم البقاء على هذه الأمة بحالها المحتوم هذا، حين يبزغ نجم الأمة الجديدة، بالطبع لن يكونوا بأنفسهم بل بمن وعي هذا السر وورثه من خلفهم.

ولعل عدم توضيح يسوع هذا الفعل في وقته وتأجيله ليُكشف في المستقبل لهو دليل على ذلك، حيث قال: «لَستَ تعلَمُ أنتَ الآنَ ما أنا أصنَعُ، ولكنكَ ستَفهَمُ فيما بَعدُ»، إذن فليس الأمر مجرد بث لخلق التواضع الشخصي هو الذي كان غاية المقصود من ذلك الفعل، بل لعله غرسًا لقيمة التواضع العام لكل أقدار الله والانصياع لها مهما كان فيها من إنهاء لعصر أمتهم الحالية التي هم إليها ينتسبون.

لقد عمل لهم المسيح ذلك، وأوصاهم بتذكره دومًا بواسطة ممارسته مع بعضهم البعض وقال قولًا غاية في الأهمية تتويجًا لذلك إذ ذكر كلامًا يبدو بديهيًا «الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ ليس عَبدٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ، ولا رَسولٌ أعظَمَ مِنْ مُرسِلِهِ. إنْ عَلِمتُمْ هذا فطوباكُمْ إنْ عَمِلتُموهُ» والمعنى للمتدبرين هو إنكم الآن صرتم كالمبلغين والمنبئين والمُعدين لذلك الأمر القادم فلا تتعالوا عليه حين يأتي، بل اتّبعوه وانصهروا فيه.. فإن وعيتم هذا فالخير كل الخير إن طبقتموه عملًا.

• ولكن للأسف، لقد أشارت الأحداث اللاحقة بعد هذا الكلام إن التلاميذ لن يكون جميعًا على قدر استيعاب ذلك العهد الذي بثه المسيح فيهم.. فأحدهم ارتد بالكلية، ومن بعد ذلك جميعهم ناموا وقت سهره وصلاته وتضرعاته، وقد ترجاهم ليكونوا معه فما استطاعوا وتغلبت أجسادهم على أرواحهم، أما أعلاهم قربة وقدرًا فقد اضطر لإنكار المسيح ثلاث مرات قبل أن يعود ويندم.. فكل هذه إشارات بأن أمر العهد الجديد الحقيقي سيتعرض الوصول إليه إلى عقبات على ثلاثة أصناف، منها الإخلاف التام، ومنها الغفلة العامة، ومنها إنكار الحق الساطع المتمثل في الشمس البازغة حين تبزغ.

ليست هناك تعليقات: