الخميس، 2 مايو 2024

تأملات وتعليقات على قراءات أسبوع الآلام ─ اليوم الرابع

 أربعاء البصخة، ويسمى أيضًا بـ(أربعاء أيوب) بسبب قراءة ميمر أيوب يعني سيرة أيوب في هذا اليوم في السابق

██أولًا - القراءة

— المزامير ٤١/ ٩

٩ أيضًا رَجُلُ سلامَتي، الّذي وثِقتُ بهِ، آكِلُ خُبزي، رَفَعَ علَيَّ عَقِبَهُ!

— مرقس ١٤/ ١- ٩

التآمر لقتل يسوع

١ وكانَ الفِصحُ وأيّامُ الفَطيرِ بَعدَ يومَينِ. وكانَ رؤَساءُ الكهنةِ والكتبةُ يَطلُبونَ كيفَ يُمسِكونَهُ بمَكرٍ ويَقتُلونَهُ، ٢ ولكنهُمْ قالوا: «ليس في العيدِ، لئَلّا يكونَ شَغَبٌ في الشَّعبِ».

سكب الطيب على يسوع

٣ وفيما هو في بَيتِ عنيا في بَيتِ سِمعانَ الأبرَصِ، وهو مُتَّكِئٌ، جاءَتِ امرأةٌ معها قارورَةُ طيبِ نارِدينٍ خالِصٍ كثيرِ الثَّمَنِ. فكسَرَتِ القارورَةَ وسَكَبَتهُ علَى رأسِهِ. ٤ وكانَ قَوْمٌ مُغتاظينَ في أنفُسِهِمْ، فقالوا: «لماذا كانَ تلَفُ الطّيبِ هذا؟ ٥ لأنَّهُ كانَ يُمكِنُ أنْ يُباعَ هذا بأكثَرَ مِنْ ثَلاثِمِئَةِ دينارٍ ويُعطَى للفُقَراءِ». وكانوا يؤَنِّبونَها. ٦ أمّا يَسوعُ فقالَ: «اترُكوها! لماذا تُزعِجونَها؟ قد عَمِلَتْ بي عَمَلًا حَسَنًا! ٧ لأنَّ الفُقَراءَ معكُمْ في كُلِّ حينٍ، ومَتَى أرَدتُمْ تقدِرونَ أنْ تعمَلوا بهِمْ خَيرًا. وأمّا أنا فلَستُ معكُمْ في كُلِّ حينٍ. ٨ عَمِلَتْ ما عِندَها. قد سبَقَتْ ودَهَنَتْ بالطّيبِ جَسَدي للتَّكفينِ. ٩ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: حَيثُما يُكرَزْ بهذا الإنجيلِ في كُلِّ العالَمِ، يُخبَرْ أيضًا بما فعَلَتهُ هذِهِ، تذكارًا لها».

متى ٢٦/ ١٤- ١٦

خيانة يهوذا

١٤ حينَئذٍ ذَهَبَ واحِدٌ مِنَ الِاثنَيْ عشَرَ، الّذي يُدعَى يَهوذا الإسخَريوطيَّ، إلَى رؤَساءِ الكهنةِ ١٥ وقالَ: «ماذا تُريدونَ أنْ تُعطوني وأنا أُسَلِّمُهُ إلَيكُم؟». فجَعَلوا لهُ ثَلاثينَ مِنَ الفِضَّةِ. ١٦ ومِنْ ذلكَ الوقتِ كانَ يَطلُبُ فُرصَةً ليُسَلِّمَهُ.

_________________

██ثانيًا - التأمل والتعليق

• لعلنا في تأملاتنا وتعليقاتنا حول قراءات الأيام السابقة قد استقر لدينا السبب العدائي الواقعي الذي واجهه يسوع الإنجيلي طوال أيام خدمته، وأيضًا السبب التاريخي حول ذلك. إذ لم تظهر -بحسب تلك القراءات- المؤامرات للتخلص من يسوع الإنجيلي بلا داعي منطقي لظهورها، فقد ابتدأنا القراءات بدخول يسوع الإنجيلي إلى أورشليم وتقدمه إلى الهيكل بشكل فيه فعل عنف ظاهر ضد الخائضين في الدنيا بغفلة، ثم لعن شجرة كونها غير مثمرة في غير موسمها بلا داعي مقبول، بل لعلها تثير الحيرة والتساؤل والنقض، ثم أبرز أعلان وجوب القضاء والتنكيل بالمخالفين بمثال أقرب إلى التصريح، ثم اضطر لإعلان مهادنة بعض المخالفين ذوي السلطة وتأجيل القضاء عليهم عند الضرورة لكنه لا يُلغى.. فكانت كل تلك الأسباب في الواقع وبحسب هذه القراءات -التي تقدم صورة مصغرة من السيرة الكلية لفترة خدمة يسوع الإنجيلي- كانت تلك الأسباب هي التي مهدت لنشوء التآمر ضد يسوع الإنجيلي، فلا دخان بغير نار.

• أما عن الخلفية التاريخية للمصير الذي سيلقاه يسوع الإنجيلي في النهاية، والذي كان من تبعاته تلك المؤامرات، فقد دونها الكتاب المقدس سلفًا على لسان ناثان النبي تجاه داود الملك حين قال له: «وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي» صمويل الثاني ١٢/ ١٠ فوقع يسوع الإنجيلي تحت تحت ذلك الوعيد كونه من بيت داود. لذا فإننا نعلن بأن هذه القراءات ما وُفقت في تقديم صورة المظلومية المرجو مسيحيًا إبرازها في هذا الأسبوع بحسب مسماه (أسبوع الآلام) بل قدمت لوصف مضاد للمبتغى العقائدي المسيحي.

• كما إنه ليس المصلحين فقط هم الذين يرجى التخلص منهم في مجتمع الفساد، بل لعل الشر المناوئ أيضًا يرجى إخماده للتفرد بالمكاسب.. وتبقى طبيعة المُضطَهد إذا كانت صالحة أو طالحة متوقفة فقط على معيار أقواله وأفعاله ومدى مطابقتهما معًا..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• وفي واقعة سكب الطيب على يسوع الإنجيلي من امرأة أجنبية من منطلق الحب، فلم يكن ذلك الفعل بالأمر الطبيعي أبدًا في المجتمع اليهودي حينذاك ولا حتى عند يسوع الإنجيلي نفسه، فلقد كان كل المجتمع محافظًا بدرجة أقرب إلى الصرامة بحيث تجعل موقف مثل هذا لا يمر مرور الكرام دون عقوبة أو التوبيخ الشديد والقاسي على أقل تقدير، ولكن حينما نجد أن كل الاستنكار الصادر من الحضور حينها إنما كان حول خسارة ثمن الطيب، وليس لفعل تلك المرأة تجاه يسوع، فلا يجوز لمتفحص ومتأمل وباحث إلا أن يعتبر أن هذه المرأة إما زوجة ليسوع أو من إحدى محارمه حصرًا، كأمه أو خالته.. ولكن بمطابقة الشواهد الكتابية المتعلقة بالحدث يتبين أنها مريم المجدلية والتي أشيع عنها في أقوال أخرى مفرقة أن المسيح تزوجها وأنجب منها أيضًا..

• وبخصوص يهوذا الإسخريوطي فإن ردة أحد أو بعض الأتباع ليس بالأمر المستغرب في أحوال جماعات الأنبياء، ولكن إذا قبلنا جدلًا بالألوهية المزعومة ليسوع الإنجيلي، فإنه لا يستقيم أن يرتد شخص رافق الإله في جميع أحواله وأعماله الإعجازية الظاهرةِ والمُلجئة، يعني التي تُلجئ جميع المقربين حتمًا للإقرار بكونه إلهًا عن يقين دامغ.. أما بحدوث الردة لواحد أو للبعض فإن ذلك الزعم بالألوهية يبقى معلقًا وواه جدًا ودون أدنى إثبات، لأن أقرب الطرق لإقراره ثبت انعدامه وعدم جدواه، فكيف نترك الأقرب ونلجئ إلى الأبعد للإثبات؟!

• وبذلك نقول باطمئنان أن قراءة النبوءة في مزمور ٤١ في صدر قراءة اليوم إنما تعود على نبي يشكو بثه وحزنه لردة بعض أصحابه الموثوقين عليه ولا تصور أبدًا حالة إله البتة.

ليست هناك تعليقات: