يعتمد معظم الأخوة المسيحيون لإثبات أي خبر ورد عن السيد
يسوع المسيح في الإنجيل على القول بأنه قد وصلنا مُثبتًا عن شهود عيان. وفي حالتنا
هذه فقد قدم كثير من المحاورين نصوص الصعود إلى السماء اعتمادًا منهم على مجرد
ورودها في الكتاب المُقدس ودون إعمال العقل فيها.. ولما طولبوا بدعم الحدث
عقلانيًا من الكتاب قدّموا شهادة الشهود الذين وصفوهم بالشهود العيان وهم تلاميذ
يسوع المسيح.
ومن هنا نشرع في عرض
[الدليل الثالث]
في هذا الدليل أود مبدئيًا أن أُعلم أعزائي بأنه ليس
هناك نص مكتوب عن شاهد عيان واحد عاين حدث الصعود بنفسه، فالحاضرين وقتها كانوا
التلاميذ الأحد عشر حصرًا وهم: بطرس، أندراوس، يعقوب زبدي، يوحنا زبدي، فيلبُّس،
برثولماوس، توما، متَّى، يعقوب حلفي، لبَّاوس المُلقب بتداوس وسمعان القانوي [متى: 10/ 2]
أما الذين ذكروا حدث الصعود في كتاباتهم التي اعتُبرت
مُعتمدة فيما بعد فهما اثنين، وليسا من التلاميذ الأحد عشر، ولم يعاينوا الحدث
أصلًا.. وهما مرقس ولوقا! فهذا إذن يدحض أسس ادعاء وجود شهود عيان مباشرين على الحدث.
كما أننا نجد تدوين مرقس لإنجيله يرجع إلى سنة 65-70م أي
بعد حوالي 40 سنة من رحيل المسيح، أما إنجيل لوقا ورسالته التي سماها "أعمال
الرسل" فيرجع تاريخ تدوينهما إلى سنة 80م أي بعد حوالي نصف قرن من رحيل
المسيح. وهنا أيضًا تنهار أسس التواتر المُثبت الأول والأهم للمصداقية من عدمها.
وعلى الرغم من أن القديسَيّن متى ويوحنا وهما أصحاب
أناجيل معتمدة وهما من التلاميذ الشهود على الحدث أيضًا إلا أنهما لم يروياه أصلًا
لكي يتسنى لنا القول أن كل من مرقس ولوقا نقلاه عنهما.
فلا يسع عاقل بعد ذلك إلا استلام رواية كل من مرقس ولوقا
─الذَيّن لم يكونا شهود عيان أصلًا ولا من التلاميذ ولا من الناقلين منهم─ لنفهمها إلا
بأسلوب أدبي مجازي ويعطي ذلك الأولوية الحتمية إذا كان لا يريد أن يرفضها ■
:.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق