قصة خرافية
كان القديس توما أحد التلاميذ الإثنى عشر للسيد المسيح في طريق عودته إلى أرض فلسطين (وكان مجال تبشيره في الهند) فرأى فوق أحد الجبال جماعة من الملائكة، قالوا له أسرع وقبِّل جسد والدة الإله، إذ كان يحمله الملائكة وبعد أن تبارك من الجسد الطاهر سقط الزنار (يعني الحزام والحلقة) الذي كان الجسد مربوطًا به، فأسرع والتقطه، وقبله ممجدًا لله..
اختراع معجزةولما وصل أورشليم بعد جولته التفقدية طلب أن يرى القبر الذي دُفنت فيه العذراء، ولكي يُظهر توما عِظم معجزة صعود الجسد الطاهر تظاهر بأنه لا يصدق أنها ماتت مثل سائر البشر وطلب أن يرى الجسد الطاهر. فلما رفعوا الحجر لم يجدوا شيئًا فخاف الكل. غير أن توما شرح لهم كيف أنه تبارك من العذراء (أثناء صعودها بيد الملائكة) وأراهم الزنار.
تكذيب توما
ولكن التلاميذ الرسل لم يصدقوا توما، وقرروا صيامًا متصلًا لمدة أسبوعين لينكشف لهم سر اختفاء الجسد من القبر وأين هو، حتى ظهر لهم يسوع ومعه العذراء مريم وأعلمهم أن جسد البتول الطاهرة في السماء.
ꕥ تحليل الحدث ꕥ
وبالطبع فالعقل الواعي لا يستسيغ مثل هذه القصص قبولًا دون أن يمررها على التحليل من أجل التفسير المنطقي..
فلقد اختفى ذكر العذراء مريم بعد رحيل السيد المسيح مباشرة، ولم يكن لها أي عمل يُذكر على الرغم من صغر سنها، ما يلقي بكثير من الظلال على مدى حقيقة وجودها في أورشليم بفلسطين طوال هذه الفترة.
والغريب هو اختفاء أي ذكر للعذراء بعد حدث الصليب مباشرة، وكأنها ليست أم ولا تهتم.. ولكن الحقيقة أنها وقت الدفن أيقنت مثل بقية المقربين ليسوع بأنه حي يرزق ولا بد من التكتم على ذلك إلى حين حتى يتمكن المسيح من القيام والرحيل بعيدًا.
الانطلاق من الجليل
ذهب جميع المقربين من المسيح بعد حادثة الصليب إلى الجليل، بحسب وصيته المُخططة سلفًا، ولم تكن السيدة مريم بمعزل عن ذلك، بل لعلها كانت في مقدمة الذاهبين، لاستقبال يسوع هناك، ولكي لا تكشف أمرهم، بطبيعة أمومتها بفرحتها الجارفة بقيامة ابنها من تلك المحنة بعدم موته، خاصة مع عدم وجودها مع المريمات الثلاثة فجر الأحد عند القبر، وهي الأولى بالتواجد، إذا كان بالفعل ميتًا ويُراد إعادة تغسيله وتكفينه كما يزعم الظانين بموته..
كما لم يذكر أنها حظيت بلقاء ابنها المسيح ضمن الظهورات المتقطعة له لكثير من المقربين، حتى أنه كان يضطر ليأكل خارجًا بعد أن يقرصه الجوع، وكأن ليس له أمٌ ولا بيت!..
إذن، فمن الجليل انطلق المسيح وأمه إلى مكان يأويهما من بطش الرومان وكفر اليهود المترصدين، وهذا الانطلاق الذي سُمي مجازًا بالصعود ما هو إلا ارتحال وهجرة إلى حظيرة أخرى من حظائر بيت إسرائيل كما أخبر يسوع المسيح من قبل.
وفاتها، وإخبار التلميذ توما
وكانت تلك الهجرة والارتحال بطبيعة الحال إلى ناحية الشرق، حيث خراف بيت إسرائيل الضالة، الذين بقوا بعد السبي هناك ولم يعودوا، وإليهم ذهب المسيح ليسمعوا صوته.. وهناك بقي هو وأمه، وكان معه التلميذ توما بشكل ثابت والذي عُرف فيما بعد بأنه شفيع الهند، وكان هو حلقة الوصل بين المسيح هناك وبين جماعة المؤمنين الأولى في أرض فلسطين، فلما توفيت السيدة مريم كان على توما إيصال ذلك الخبر إليهم، وأحضر معه جزء من ثيابها "الحزام" كتذكار لهم■
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق