♦ الشُبهة
في العهد الجديد عندما اقتبس يسوع المسيح
أو كتبة العهد الجديد من العهد القديم وثقوا الاقتباس بحيث نستطيع بسهولة أن نجد
النص الأصلي.
في القرآن يذكر إله القرآن نصين المفروض
أنهما من كتب أهل الكتاب ولكن يستحيل أن يجدهما أحد.
(1)
النص الأول يدعي أن يسوع المسيح قال إنه سيأتي بعده نبي
اسمه أحمد.
لماذا أحمد وليس محمد إذا كانت نبوة المسيح
عن محمد منزلة من ألله؟ هل يا ترى عني بذلك المسيح ميرزا غلام أحمد مؤسس الأحمدية
والذي ادعى أنه تجسد المسيح؟ لماذا لم يبين لنا إله القرآن أين تنبأ المسيح عن
محمد؟ أليس هو الذي أنزل الإنجيل على المسيح؟
(2)
الاقتباس الثاني هو ادعاء إله القرآن أن محمد موجود في
كتب أهل الكتاب وأنهم يعرفونه أكثر من أنفسهم. لكن إله القرآن لم يقل لنا أين ذكر
محمد في كتب أهل الكتاب على الرغم من أنه هو الذي أنزل هذه الكتب.
في الأدب أذا ذكر كاتب من مصدر بدون تحديد
يمكِّن القراء من ايجاد النص الأصلي فعليا فإن هذا الكاتب لا يؤخذ عل محمل الجد
ولا يوثق به. بناء على ذلك فإن إله القرآن
لا يؤخذ على محمل الجد ولا يوثق به.
♦♦ الجواب
(في رد هذا الاعتراض)
إنه سؤال
جدير بالاهتمام وسأجيب عليه في ثلاث تعليقات متتالية:
⁎ مبدئيًا نقول في نفي الإنجيل إمكانية قدوم
المسيح الناصري بنفسه في الزمن الأخير.
كيف يجب فهم بُشرى الإنجيل عن مجيء المسيح في الزمن الأخير؟!
إنه
بالتأمل في الكتاب المقدس «العهد الجديد» الإنجيل، نجد أن التصور المنطقي لمجيء
المسيح عيسى ابن مريم في الزمن الأخير يكون في شخص مثيل له، وليس هو "المسيح
الناصري" بذاته.
ولكن
قد يتساءل المسيحيون: كيف هذا؟! تعالوا لنرى: -
← إذا
كان الله قد تجسد (تجلى)* في
شخص يسوع المسيح، الذي قد مات في الجسد ولكنه حي بالروح، كما صرّح بذلك القديس
بطرس في رسالته الأولى حيث قال: «فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا،
البار من أجل الأثمةِ، لكي يقربنا إلى الله، مُماتًا في الجسد ولكن مُحيًى في
الروح»
فهذا يعني أن الله عز وجل حين يأتي في الزمن الأخير ليدين العالم سوف يختار
(يصطفي)* جسدًا آخر غير جسد السيد يسوع المسيح الذي قد مات سلفًا؛
لأنه ─بحسب
بولس في رسالته إلى العبرانيين─ كان على الناس أن يموتوا مرة واحدة فحسب!
حيث قال: «•وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة (يعني القيامة)*،
•هكذا المسيح أيضًا، بعدما قُدِّم لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانية "'يعني
في شخص آخر"' بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه» ■
⁑ الشق الثاني من الجواب
ذكرنا
في الجواب الأول كيف أنه سيأتي بعد المسيح شخص آخر، فكان هو الذي اسمه أحمد
المذكور في القرآن.
والآن
نذكر لماذا لم ينوه القرآن إلى مكان هذا الاقتباس كي يتم إيجاده بسهولة؟؟
والجواب
على ذلك بسيط جدا وهو ضياع النص الأصلي بين كم هائل من المتروكات والإضافات
والمحذوفات ثم الترجمات؛ والترجمة لوحدها كفيلة لضياع أعتى النصوص وأدقها. فلو قام
من اقتبس بالتنويه إلى مكان اقتباسه، ثم كان هذا المُقتبَس منه قد تغير شكله
وجوهره أصلا، لأصبح المُقتبِس في محل كاذب.
وتعال
نوثق كلامنا بخصوص كل كلمة من هذه الكلمات الرهيبة التي ادعيناها:
أولًا/ المتروكات
(1)
في مخطوط كامل للإنجيل (المجلد السينائي) بدير القديسة كاترينا
كان يحتوي على أسفار الإنجيل الحالي كاملة وكان من ضمنه الرسالة إلى برنابا
والراعي لهرماس، ويعود تاريخ هذه النسخة إلى ما بين القرن الثالث والقرن التاسع!
ولكن في الصيغة الأخيرة للإنجيل الحالية لا توجد هذه المتروكات، فأنى لمن اقتبس أن يذكر مكان اقتباسه والحال كهذه؟!
(2)
مع أن الإنجيل لم يفكر أحد في جمعه إلا بعد 150 عام من رحيل المسيح إلا أن حتى هذا
الجمع استمر بشكل تدريجي وبطيء جدا حتى استطال ليصل إلى نهاية القرن الرابع
الميلادي! ومع ذلك لم يتم الاعتراف أيضًا وقتها برسائل وأسفار هي من متن وصُلب
الكتاب الآن! وهي الرسالة إلى العبرانيين وسفر الرؤيا، بل ظلتا في محل شك حتى وقت
متأخر قبل الاعتراف بها أخيرًا.
(3)
هناك من الأسفار أيضًا ما تم إدخاله ثم تُرك، ومنها ما كان متروكا ثم أُخذ، وتسمى
(بالمؤلفات الحائرة) وهي رسائل العبرانيين، بطرس الثانية، يعقوب، يهوذا. وهذه هي
التي أخذت بعدما كانت متروكة، أما التي تركت بعدما كان مأخوذ بها فهي رسائل الراعي
لهرماس والديداكي وإقليمندس الأولى وبرنابا ورؤيا بطرس.
(4)
في المجلد الفاتيكاني الذي يحتوي على العهد الجديد كاملا ويعود إلى القرن الرابع
(أي بعد استقرار الصيغة النهاية للعهد الجديد) لا يرد فيه كل من رسائل العبرانيين
والأولى والثانية لتيموثاوس وطيطس وفيلمون وسفر الرؤيا!
فهل ترى عاقلا اقتبس شيئا من الإنجيل ثم يذكر مكان اقتباسه الذي هو
بنسبة 95% قد تُرك مع تلك المتروكات؟! بالتأكيد إن أول ما سيُقال له حينما يذكر
ذلك: أنت كاذب، فلا شيء مما تقول له وجود فيما هو بين أيدينا الآن. فهنا لا يكون
اللوم على من اقتبس عند المنصف العاقل.
ثانيًا// الإضافات
وسأكتفي
بذكر مثال واحد في العقيدة، تجنبًا للإطالة
-
عقيدة الثالوث، والتي ينكرها القرآن الكريم بوضوح، لا وجود لها في جميع الإنجيل لا
بالتصريح ولا حتى بالتلميح، بل إن مصطلح الثالوث، وثلاثة، هي مصطلحات دخيلة على
العقيدة المسيحية الحقة التي هي امتداد للوصايا الموسوية المقرة بالوحدانية
المُطلقة... فلم تظهر مثل هذه المصطلحات الدخيلة إلا في وقت متأخر جدا وبشكل شروحي
للنص، فلا توجد هي في أي نص مخطوطي. ولكن، أخذ بعض النساخ وضعها، إما في أحد النسخ
المتأخرة كشرح، أو أن أحد المترجمين ظن أن الشرح هو جزء من متن النص فترجم الكل
كنص أصلي: وهذا النص الدخيل هو الموجود في رسالة يوحنا الأولى الأصحاح الخامس حيث
تشذ ترجمة فانديك بإيراد هذه العبارة (فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي
السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ.
وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ) وهي بعد العدد 6 من الأصحاح. وتشير
الترجمة العربية المشتركة للكتاب المقدس إلى هذه الإضافة -التي أوردها فانديك في
ترجمته- في حاشية الإصحاح 5 من رسالة يوحنا الأولى بالقول: "هذه الإضافة وردت
في بعض المخطوطات اللاتينية القديمة" وهذا يعني أن الإضافة ما هي إلا شرح
للنص، فإن أكثر المخطوطات تخلو منها، فتكون إذن شرحًا مضافًا وليست نصًا أصليًا.
فهل يمكن أن يستريح الضمير (خاصة بعد أن تم التلاعب في العقيدة بقصد أو
بدون قصد) إلى أن يذكر محل اقتباس ما؟!!
ثالثًا/// المحذوفات
يشير
علم نقد الكتاب المقدس (بحسب ما أورده مرجع مسيحي أكاديمي)
إلى أن البحث الدقيق في وثائق ومخطوطات الكتاب المقدس تنقسم إلى عدد محدود من
الفئات الكبرى، منها استطاعوا تكوين أربع فصائل من الأصول ترجع كلها إلى مثال
واحد.
(وسأقدم
هنا الآن المثال الأوضح من هذه الأصول الأربعة ─التي
تشير إلى حالة الحذف─ تجنبًا للإطالة)
† أول
هذه الأصول نص يسمى بالنص الأنطاكي (أو السوري) يرجع إلى القرن الثالث، ولقد كان
شائعا جدا في العالم المسيحي لوقت طويل، لكن من عيوبه أنه كان يميل إلى التوفيق
بين الفقرات التي فيها الكثير أو القليل من التشابه، ويدمج الروايات المختلفة في
فقرة واحدة، فبذلك تكون قيمته النقدية ضعيفة جدا. (ومع ذلك فإن الطبعات الأولى
للعهد الجديد اعتمدت نسخًا متأخرة لهذا النص) وقد شاع هذا النص وحاله هذه مدة تزيد
على ثلاثة قرون وعُرف بالنص المتداول، أي النص الذي يتداوله جميع الناس.
← فإذا كان هذا هو حال أقدم النصوص المخطوطة التي تم اعتمادها رسميا في العالم
المسيحي، فيه التوفيق والدمج بحسب هوى أو فهم الناسخ (بمعنى آخر الحذف) فهل يمكن
والحال كذلك أن يُشار إلى مكان اقتباس أصبح غير موجود في النص المتداول؟!!
⁂الشق الثالث من الجواب
رابعًا//// الترجمات
قلنا
في بداية كلامنا أن الترجمة لوحدها كفيلة لضياع أعتى النصوص وأدقها..
وسأقدم
الآن مثال واحد حول اختلاف الترجمة الشاسع فيما بين الترجمات الحديثة، ثم أعلق على
أثر الترجمة في حد ذاتها على اختلاف النص الأصل وضياعه تماما. وسأجيب على سبب ذكر
العهد الجديد مكان اقتباسه من العهد القديم.
‡
هناك آية تعد من الأهمية بمكان في تكوين عقيدة المسيحيين المنحرفة في التجسد
الإلهي، نوردها ونورد وكيف تقدمها الترجمات المختلفة، وهي الآية 1تيم 3/ 16
ترجماتها
المختلفة:-
◄ترجمة(1)
«وبالاجماع عظيم هو سرّ التقوى الله ظهر في الجسد
تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الامم أومن به في العالم رفع في المجد»—وفيها
يجعل المترجم التجسد عائدا على الله يعني الله هو الذي تجسد!
◄ترجمة(2)
«ولا خلاف أن سر التقوى عظيم: (قد أظهر في الجسد
وأعلن بارا في الروح وتراءى للملائكة وبشر به عند الوثنيين وأومن به في العالم
ورفع في المجد)»—
وفيها يشير النص إلى أن الجسد المطهر ظهرت فيه تقوى الله.
◄ترجمة(3)
«ولا خلاف أن سر التقوى عظيم (الذي ظهر في الجسد
وتبرر في الروح، شاهدته الملائكة، كان بشارة للأمم، آمن به العالم ورفعه الله في
المجد)»—
وفيه كذلك مع اختلاف كلمات غير الأساسية، أن الإشارة تعود للتقوى جسد الشخص
المؤمن، فتلك هي العظمة التي يحبها الله ويمجدها بين الأمم.
◄ترجمة(4)
«ولا خلاف أن سر التقوى عظيم. "الذي ظهر في
الجسد وتبرر في الروح، شاهدته الملاكة، كان بشارة للأمم، آمن به العالم، ورفعه
الله في المجد"»—ولا
تختلف كذلك هذه الترجمة عن سابقتها، عدا الأولى المنحرفة والشاذة.
◄ترجمة(5)
«وإنه لعظيم، ولا مراء، سر التقوى، الذي تجلى في
الجسد، وشهد له الروح، وشاهدته الملائكة، وبشر به في الأمم، وآمن به العالم وارتفع
في مجد...»—
فلا وجود لتجسد إلهي في شخص، إنما هو تجلي صفة التقوى في الشخص المقرب عند الله.
◄ترجمة(6)
«وباعتراف الجميع، أن سر التقوى عظيم: الله ظهر في
الجسد، شهد الروح لبره، شاهدته الملائكة، بشر به بين الأمم، أومن به في العالم، ثم
رفع في المجد»— وهي
كما هو معلوم نسخة مبسطة عن ترجمة فانديك، فكانت كما رآه خلافا عن بقية ترجمات خلق
الله.
◄ترجمة(7)
«بلا شك، عظيم هو سر ديننا: ظهر المسيح في جسم بشر،
شهد له روح الله، شاهدته الملائكة، نادى به أتباعه بين الشعوب، آمن به الناس في
العالم، رفعه الله إليه بجلال»— وفيها
خبث واضح، وهو اعتبارها أن صفة المسيح هي في الأساس صفة إلوهية، وبناء عليه فقد
ظهر هذا المسيح في جسم بشر! ولكنها على الأقل لا تقول إن الله تجسد بشرًا.
◄ترجمة[8]«وباعتراف الجميع، عظيم هو السر المقدس لهذا التعبد لله
(أُظهر في الجسد، بُُرر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في
العالم، رُفع في مجد)»—
وكما هو واضح بدون أي شرح، قدّم النص المُترجم أن قداسة الشخص تكمن في التعبد لله،
وهذه القداسة ظهرت للعيان وما توارت.
◄ترجمة(9)
«هذه المناقب ذكر بها بجسامة سر الديانة المحسنة،
الإله ظهر ببشرة زكي بالروح، ظهر للملايكة، كرز به في الأمم، أومن به في العالم،
أرتقى بتمجيد»— وفيها
تلميح كبير لاعتبار أن الإله قد صار له بشرة من خلال جسد مطهر! فتقترب في المعنى
إلى ترجمة فانديك، وتختلف تماما وجوهريا في الشكل والكلمات.
◄ترجمة(10)
«ويقينًا سر تقوى عظيم، ذلك الذي ظهر بالجسد، وتبرر
بالروح، وترايا للملايكة، وبشرت به الأمم، وآمن به العالم، وصعد بمجد»— وهي
وإن لم تذكر اسم الله، إلا أن فيها تلميح إلى كون المتجسد هو الإله في القول:
"ذلك الذي ظهر بالجسد" ولكنها على الأقل لا تورد اسم الله في متنها!
فهذه
عينة من الترجمات المختلفة في جزء صغير من الإنجيل، جعلت منه ترجمات "عقيدة
إلهية"، وجعلت منه ترجمات أخرى "عظة روحية"!! فإذا كان لفظ
"الله" قد أضيف/
أو حذف بكل جرأة في بعضها في خضم ما تُرجم وهو غير موجود أصلًا (أو العكس) فكيف
بالله عليكم يُطلب ممن اقتبس أن يحدد مكان اقتباسه من نص مترجم عن مترجم عن مترجم
والذي سيكون بكل تأكيد قد ذاب ذوبانًا تمامًا؟!! فكيف تحكمون؟
ولدينا هنا نُكتة لطيفة، وهي أن الفرق بين الإضافة
والحذف أن عملية الإضافة تكون بناء على دراية مقصودة ونية مسبقة، إلا في حالة
التكرار للكلمات أو الجُمل فقد تندرج هذه تحت حالة السهو؛ أما الحذف فإن احتمال
تبييت النية فيه أقل من عملية الإضافة، وهو أقرب إلى السهو العام في مطابقة الكلام
أثناء النسخ. ما يعني أن الإضافة حين حصولها على النص الموحى به لهي أنكى على النص
من عملية الحذف، وإن الإضافة تكون متصدرة دومًا حتى في حال الحذف، لأنه بعد الحذف
يصبح وكأن هناك فراغًا وحلقة مفقودة تؤثر على سلاسة انسياب النص، فيلجأ القائم
بالحذف أو فيما بعد إلى تجميل ذلك البتر الحاصل من أجل ضبط توليفة النص القرائية.
فهل بعد هذا كله يمكن لعاقل أن يسأل لماذا لم يُشر القرآن إلى مكان
اقتباساته الإنبائية من كتب الأولين!؟
أما
لماذا أشار العهد الجديد لمكان اقتباساته من العهد القديم، فذلك لأن الترجمات لم
تكن موجودة، فالنص المتداول هو واحد منذ موسى وحتى المسيح وأضيف إليه أسفار الأنبياء
كلما جاء نبي فالنص القديم كله عبري أو آرامي، وكل كتبة العهد الجديد كانوا كذلك
يتكلمون تلك اللغات، ولم يكن العهد القديم قد تغير ذلك التغير الفج بعد، بناء على
أقوال المسيح، «لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ
النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ» ■