هو من أحد الأعياد المسيحية "الصُغرى" التي تحتفل
بها الكنيسة داخليًا، ففيه أن السيد يسوع المسيح أجرى فيه أولى "مُعجزاته"
وآمن بسبب هذه المُعجزة كثيرين!
موضوع المُعجزة: قام السيد يسوع المسيح فيه بتحويل الماء
إلى خمر!
التعليق:
نقول دائمًأ أن أغلب العقائد المسيحية ─إن لم تكن كلها─ إنما هي قائمة
على ظنيات محضة، وننبه دومًا على أن الظنيات ليس المقصود بها الغيبيات، فالظن هو: الاعتقاد
الراجح مع احتمال النقيض وهو أحد طرفي الشك والطرف الآخر هو التردد. أما الغيب فهو:
عدم الإدراك بالحواس ولكن يُقاس عليه، وبالقياس يُفهم.
وفي مناسبة عُرس قانا الجليل قدّم يسوع المسيح ما قد أسماه
المسيحيون فيما بعد "مُعجزة"! مع أنه كيف تكون المُعجزة كذلك إن لم يُعاينها
المُدركين الواعين؟! فالمعلوم أن الخمر الكثيرة المُجهزة للعرس كانت قد فرغت، إذ قيل:
«ولما فرغت الخمر» يو 2/ 3، ما يعني بديهيًا أن الجميع كانوا قد سكروا وغابوا عن الوعي
غيبًا تامًا لزوال العقل الواعي عنهم بسبب تأثير كل هذا الخمر الذي شربوه، ستة أجران
خمر يو 2/ 6
فكيف يميز السكران الغائب عن الوعي بين ما يمكن اعتباره معجزة
أو وهمًا؟ فمشوش الذهن ليس غريبًا أن يرى ويسمع خيالات غير موجودة، وهلاوس سمعية وبصرية
غير معهودة أيضًا... وقد يتراوح ما ينطق به السكران ما بين الخرافة والخيال والصدق
أيضًا، فهو يخبط خبط عشواء بلا وعي محدد فيصيب مرة ويخيب مرات.
حتى أن يسوع نفسه يُذكَر أنه قد سَكِر وتلفظ بما لا يليق
تجاه أمه يو 2/ 4، حتى أن المسكينة تجنبًا لمزيد من الإهانة أوصت بأن يفعلوا كل ما
يقول لهم في هذه الحال يو 2/ 5.
تقوم هذه (المُعجزة) عند المسيحيين على أساس تغيير في جوهر
الشيء، وبالتالي فهم يبنون على ذلك ادعاء الألوهية للمسيح! ولو أن هذا الادعاء منقوض
سلفًا بناء على ما بيناه أعلاه.
وبناء عليه كذلك فلا يكون ادعاء تغيير جوهر الشيء مؤكدًا
أيضًا والحال هذه، فالسكران كما الجاهل "لا يُفرق بين الألِف وكوز الذرة"*
بل هو أضل، فكيف يقوم كلام وادعاء سُكارى وغائبين عن الواقع مقام الدليل؟!! هذا غير
منطقي، وظنٌ مائلٌ إلى الشك حتى لأبعد الحدود.
لقد قال رئيس المُتكأ الذي يتوقع أن يكون قد اضمحل عقله جراء
سكره البيّن وقتها (إذ لا يُعقل كونه شخصًا بهذا المقام أن لا يكون أول من شربوا وتلذذوا)
قال مادحًا يسوع على صنيعه: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ
أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ
الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!» يو 2/ 10. إن حتى شهادة رئيس المُتكأ ─على جودة الخمر
الجديدة─ شهادة لا تكفي
كي تقوم مقام دليل على كون الخمر الأخيرة أفضل من الأولى! فالذي غاب عقله لا يفرق في
الواقع بين الجيد والرديء في أي مجال بأي حال، إنما هو يمجد فقط فيمن يُعطيه ليتلذذ
ولو بالوهم..
يا لا الهول، سُكارى يتكلمون ثم يُخرج آخرين مُتأخرين من
هذا الموضوع باختراع معجزة! ويبنون عليها إيمان كثيرين!!
▬ أقول إن حتى أعدى
أعداءك ربما وقت غياب وعيه يكون من من أفضل مصاحبيك، فلا يُبنى على غياب الوعي توجه
يا سادة.
تناقض يسوعي (أو) مسيحي
يقول المسيحيون: «بأن السيد المسيح رغم أنه قام بتحويل الماء
إلى خمر في عرس قانا الجليل─حسب عادة اليهود─ إلا أنه يُحذرنا من السُكر بقوله أنه يُعاقب من يأكل ويشرب
مع السُكارى مت 24/ 49» ويقدمون في كل محفل آيات النهي عن مجالة السكارى ومخالطتهم
أف 5/ 18، 1كو 5/ 11، أم 23/ 29-31.
ولا أدري كيف أفهم هذا القول مع ما قد حدث أصلًا! إذ أن يسوع
لم يحول الماء خمرا بمنئى عن العرس الذي كان مليئ بالسكارى، بل حضر مجلس السُكر، وشرب،
وقدّم الشراب، ثم لما نفذ الموجود وسكر الجميع، طلبوا المزيد أيضًا فقام بفعلته التي
فعل!! فمن نصدق إذن هنا؟! هل نصدق نص مت 24/ 49
وغيره التي تنهى عن الجلوس مع السكارى وعاقبتهم، أم نلغها ونصدق حكاية عرس قانا
الجليل لتمرير وهم المعجزة؟! أم أن هناك سبيل للتوفيق المنطقي بينهما فأخبرونا إن كنتم
فاعلين. ■
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق