◘ [مدخل]
• لم يُطلق على تلك المجموعة من الأسفار مسمى "العهد
الجديد" إلا في أواخر القرن الثاني الميلادي.
• قبل الاستقرار على مجموعة 27 سفر ككتاب واحد كان المسيحيون يعدون
الكتاب المقدس الأوحد هو كتابات ما قد أصبح فيما بعد مسماه "العهد
القديم" وكان يُطلق عليه قبلًا "الشريعة والأنبياء" من قِبَل
المسيحيين كما عند اليهود.
■ [سبب إيجاد مجموعة أسفار العهد الجديد]
1. "العهد القديم" والذي كان يُسمى "الشريعة
والأنبياء".
2. التعليم الشفهي الذي ألقاه يسوع. وقد أجمعوا على تسمية هذا التعليم
باسم "الرب" (تعليم الرب).
• كان لهذين المرجعين قيمة القياس في أمور الدين، وكان العهد القديم
وحده يتألف من نصوص مكتوبة.
• استمر تداول التعليم الشفهي لمدة طويلة قاربت 150 عامًا لم يشعر
المسيحيون خلالها بأي حاجة لتدوينها إلا بعد وفاة آخر الرسل من منطلق الاهتمام
بحفظ أعمالهم وكتاباتهم أيضًا بجوار التعليم الشفهي الأصلي الذي ظل حائزًا على
مكانة أكبر من الوثائق المكتوبة حديثًا.
• بُدء في أول الأمر بجمع رسائل القديس بولس، ولم تكن الغاية المسيحية
أبدًا أن يؤَلف أي شيء مُلحق بالكتاب المقدس ─الشريعة والأنبياء─ آنذاك.
← كانت رسائل القديس بولس تتداول كنسيًا، إلا أن التقليد الإنجيلي
الشفهي كان أعلى وأفضل من كل ما هو مكتوب من دون الشريعة والأنبياء.
• ظل الأمر كذلك حتى أوصى القديس بولس بنفسه في رسائله بضرورة تلاوة
رسائله في الكنائس باستمرار.
■■ [بداية القرن الثاني]
• رغم انتشار رسائل القديس بولس انتشارًا واسعًا ─نظرًا لشهرة بولس
الواسعة─ إلا أن رسائله ─رغم ما كان لها من شأن─ فلم ترد تجاهها أي شهادة قبل
بداية القرن الثاني تُثبت أن هذه النصوص تُعد أسفار مُقدسة لها شأن الكتاب المقدس
─الشريعة والأنبياء─ والتعاليم الشفهية المندثرة سالفة الذكر.
• لم يكن طوال هذه المدة شان يُذكر للأناجيل المعروفة ─كما كان لرسائل
بولس─ فلم تكن هناك قبل سنة 140م أي دلائل تذكر معرفة الناس لأي نصوص إنجيلية
مكتوبة وأن لها صفة الإلزام.
▬ في النصف الثاني من القرن الثاني ظهرت شهادات تدريجية على مر الزمن
بأن هناك مجموعة أناجيل لها صفة الإلزام، جرى الاعتراف بها على نحو تدريجي.
■■■ [الحسم]
• ظهر أول ذكر على أن ما يتم تداوله من وثائق حديثًا بين الكنائس على
أنه له منزلة تضاهي منزلة "الكتاب المقدس" أي الشريعة والأنبياء، وذلك
في سنة 150م وكان ذلك على لسان الشهيد "يوستينوس" حيث ذكر أن المسيحيين
يقرأون الأناجيل في الاجتماعات وأنهم يعدونها مؤلفات لرسل! ─رغم أن الواقع أنها
منسوبة لأناس اتصلوا بالرسل فحسب─.
• كانت المنزلة الرفيعة التي نالتها الكتابات الحديثة التي أصبحت
تتداول في الكنائس بداية من سنة 150م كانت قد حصلت عليها لسبب كونها تروي خبر
الرب، وفقًا لما كان معهود منذ التعليم الشفهي. فلم يكن سبب قدسيتها أنها منسوبة
لرسل، أو أصحاب رسل..
• سرعان ما تم التشديد على أن تُنسب هذه المؤلفات إلى الرسل لحمايتها
من مؤلفات أخرى شبيهة في الظاهر.
• فيما بعد سنة 150م بفترة وجيزة ارتأت الكنيسة حاجة ماسة لاعتماد
نقطة انطلاق لكل ما يُمكن اعتماده فيما بعد على أنه مُلزم.
■ [طور التكوين الأول (النواة)]
• اتجهت الأنظار إلى مجموعة الأناجيل الأربعة المعروفة لِما قد حظيت
به من حب لسلاستها وِما رُئيَ من صحة شهادتها التي تؤديها للرب. وقد حظيت تلك
الأناجيل في سنة 170م مقام الأدب القانوني في الوعي المسيحي.
• أما رسائل بولس فقد دخلت إلى القانون الكنسي جملة واحدة حين رؤي أنه
لا بد من اعتماد قانون واحد للعهد الجديد. وقد حازت رسائل بولس بالصفة الرسولية
لهذا السبب ─أي لأنها كانت من ضمن ما قد اعتُمد كقاعدة أولى لتكوين العهد الجديد─.
• ورويدًا رويدًا أخذت هذه الرسائل صفة الإلزامية في كنائس القرن
الثاني. ولسبب أن أحد الهراطقة (مرقيون) الذين زعموا وجوب إعدام سلطة العهد القديم
على المسيحيين تمامًا نشأت الحاجة الماسة لترسيخ مبدأ القانون الجديد ليكون مؤلف
من قسمين؛ الإنجيل والرسل. مثل القانون القديم "الشريعة والأنبياء"،
وكان ذلك في أواخر القرن الثاني.
• بذلك بقيَ تحديد محتويات ذلك القانون المُستجد للمسيحيين، فلم يكن
هناك تحديد آني لمحتويات هذا القانون إلا على فترات كما أن الاعتراف بها أيضًا بعد
تحديدها تم بشكل تدريجي.
• كانت البداية كما ذكرنا في أن الأناجيل حظيت باتفاق ليس فيه خلاف،
ثم لحقها على نحو تدريجي في سنة 200م سفر أعمال الرسل وقد اعتُبر كمؤلف قانوني؛
وفي أواخر القرن الثاني عُدَّ كسفر مُقدس. وقد أخذ مكانته من علاقته الوسطى بين
الأناجيل والرسل وعلاقته بكل منهما. فهو علاقته واضحة بالإنجيل الثالث
"لوقا" ووثيقة بأغلب الرسل من بعده.
• أصبح بذلك الإنجيل يحتوي على ما يلي: «الأناجيل الأربعة، سفر أعمال
الرسل، رسائل بولس الثلاثة عشر. ثم لحقت بتلك الأسفار رسالة بطرس الأولى» وذلك مع
الكتاب المقدس ─الشريعة والأنبياء─ أي العهد القديم كشيء لا بد منه بالطبع. ثم حصل
شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى.
■■ [الإضافات المفيدة والتنقية (الإضافة والفرز في المؤلفات
الحائرة)]
• استبْقت الكنيسة لفترة بعض من الأسفار لا لشيء إلا للمطالعة المفيدة،
فقد مسها شيء من الحيرة وعدم الثبات في أمرها وهي مثل رسالة العبرانيين وبطرس
الثانية وكل من رسالتي يعقوب ويهوذا.
• في المقابل كانت هناك نصوص ضمن القانونونة منها (أي المعترف بها)
إلا أنها أُخرجت آخر الأمر منه وهي مثل رسالة الراعي والديداكي ورسالة أكليمندس
الأولى ورسالة برنابا ورؤيا بطرس التي أصبحت تسمى منحولة (يعني غير قانونية) ولم
يخلُ ذلك الاعتراف أو النبذ من صفة التحيز!.
■■■ [القرن الثالث]
• بدأ بشكل تدريجي يفقد كل مؤلف من المؤلفات حظوته إن لم تثبت نسبته
إلى رسول من الرسل، وقد كانت رسالة العبرانيين وسفر الرؤيا من الأسفار التي حازت
على النزاعات الكبرى في أمر نسبتها وثبوتها. وقد حازت على إنكار شديد لمدة طويلة.
• بشكل تدريجي بطيء قُبلت رسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالة بطرس
الثانية ثم رسالة يهوذا.
■■■■ [القرن الرابع]
• في هذا الوقت استقر الأمر على ما هو معروف بين أيدينا الآن باسم
"العهد الجديد" بأسفاره 27 إلا أنه بقي التردد في ترتيب تلك الأسفار كما
هو على نحوها التالي...
:.
▬ نقل مختصر عن المصدر←ترجمة الكتاب المقدس، الرهبانية اليسوعية، الأب صبحي حموي اليسوعي، الأب يوسفقوشاقجي، بالتعاون مع الأستاذ بطرس البستاني. دار المشرق ـ بيروت ـ لبنان ط3س1994.
→ غلاف المصدر