السبت، 12 يوليو 2025

الأرض بتتكلم عربي، والأصول العربية للغة المصرية القديمة، كلمة [عنخ - ☥] نموذجًا

 لما كتب الشاعر المصري فؤاد حداد "الأرض بتتكلم عربي" واللي غناها الفنان العظيم سيد مكاوي، أعتقد مكنش يقصد إلا إن اللغة العربية هي أم اللغات واللهجات كمان.. ففي سنة ٢٠٢٢ أصدر مجمع اللغة العربية في القاهرة نشرة باعتماد مجموعة من الألفاظ (الدارجة) على إنها عربية فصيحة كان منها كلمة "عبيط"، وعليه اندلعت هيصة في السوشيلمديا بدعوى إن اللغة المصرية القديمة هي الأساس اللغوي اللي انبثقت عنها اللهجة الحالية، وهي أساس لغوي بتفيض على لغات كتير منها اللغة العربية بجلالة قدرها.. وبناء عليه تكون اللغة العربية دخيلة، وإنها بتسرق الألفاظ وتنسبها لنفسها... وده كلام غلط تمامًا.

فبناء على وعي يقيني، وبحث مستمر، أقدر أقول بكل ثقة وجزم بأن اللغة العربية هي أم اللغات وإن جميع "اللهجات" الدارجة في البلدان العربية لها علاقة أصيلة وحية وكبيرة باللغة العربية، الأم، فاللغة العربية هي أُم اللغات كلها مش بس اللهجات العربية المختلفة. والحقيقة مفيش للهجات دي علاقة كبيرة بحضاراتها الغابرة في مختلف البلاد.

دور مجمع اللغة العربية

وعايز أقول كمان هنا إن مجمع اللغة العربية وإن كان صرح كبير وهام بيحافظ على قوام اللغة العربية في البلاد، إلا إنه مبيحيطش بيها ولا بجميع دقائقها أو خفاياها، فما هو إلا حارس لها وليس ملِكًا عليها. فالإمام السيوطي بيقول في كتاب الإتقان: "لغة العرب متسعة جدًا ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الأجلة‏". وكمان الإمام الشافعي في كتاب الرسالة بيقول إن اللغة العربية لا يحيط بها إلا نبي. يعني إن مصدرها سماوي إلهي، فاللي اصطفاه الله فقط هو اللي بيكشف له حقايقها ودقائقها.

تأخر مجمع اللغة في اعتماد كلمة "عبيط"

في سنة ١٨٩٤م يعني أكتر من ١٢٠ سنة فاتت وقبل وجود مجمع اللغة العربية في مصر بـ٣٠ سنة، كتب رجل هندي مُلهم من الله قصيدة دفاع عن النبي ﷺ باللغة العربية الفصيحة وقال فيها:

«غولٌ يسبُ نبينا خير الورى ,’، لُكعٌ وليس بعالمٍ متبحرِ

يا غول بادية الضلالة والهوى ,’، تهذي هوًى من غير عينِ تبصُّرِ

قطَّعت قلب المسلمين جميعهم ,’، كم صارمٍ لك يا عبيطُ وخنجرٍ»

وهنا بقى نقدر نقول إن مجمع اللغة العربية بطييء جدًا في استكشاف خفايا اللغة اللي أصبح بعضها ظاهر بالفعل، وبيعتمد على معرفته الشخصية المحدودة في التحقيق، لكنه مبيلتفتش لمعرفة العارفين.

اللغة العربية هي الأم

التطبيق على كلمة "عنخ"

أما بخصوص اللهجة المصرية، قديمها وحديثها، فهي بكل تأكيد واخدة معظم مصطلحاتها -إن مكانتش كلها- حتى الخاصة جدًا منها من اللغة العربية الفصيحة تمامًا، مع بعض التحويرات اللسانية طبعًا. وتعالوا نشوف مثال عشوائي على كده إثباتًا للكلام ده.

توت عنخ أمون
كنت من فترة كتبت بوست على صفحتي عن اسم الملك توت عنخ آمون، وذكرت معلومة إن كلمة "عنخ" بتعني الحياة المجيدة، وبيتم ترميزها في الكتابة الهيروغليفية بالرمز ده اللي احنا بنسميه "مفتاح الحياة".

ودلوقتي، تعالوا بقى نسأل الأسئلة المهمة: معناه إيه لفظ "عنخ" ده؟! بمعنى، جه منين اللفظ ده ومصدره إيه علشان يكون معناه المعروف عندنا دلوقتي هو الحياة أو الحياة المجيدة؟!

عايز أقولكم إن بدون اللجوء للغة العربية الفصيحة مش هنعرف السبب في اعتبار كلمة "عنخ" معناه الحياة المجيدة، وهنعتبرها لفظة لسانية كده وخلاص، كلمة اتقالت بالصدفة ف الحياة المصرية القديمة (طق حنك) واتحفظت وخلاص.. فلو الموضوع كده، تبقى دي ضحالة معرفية في الفهم للأسف، لأنها مبتتحراش أسباب نشوء المصطلحات، وبتكتفي بالمظهرية المريحة وبتفرح بيها؛ وده مبيوافقش الوعي الفائق للمصري القديم وعلمه وتحضره..

قاعدة في الأصل والتأصيل

وقبل ما أكشف لكم عن مصدر كلمة [عنخ] خليني أخترع قاعدة دلوقتي مش هيختلف عليها اتنين واقول:

<إن ما ليس له أصل فهو ليس بأصيل، وما كان له أصل -ولو بعيد- فهو لهذا البعيد موصول>.

يعني، إن الأولى بمِلكية الشيء هو صاحب مصدره، والأولى بملكية اللفظ هو صاحب [مصدرية] معناه. وزي ما بنقول في كلامنا العامي (ناس كتير سكنوا في البيت ده وبيدّعوا ملكيته، لكن المالك الحقيقي بس هو اللي معاه الحُجة بتاعة البيت) وحُجة البيت دي بقى يا سيدي هي اللي أقصد بيها مصدرية المعنى. وعلى رأي المثل، اللي ملوش كبير يشتري له كبير أو بيدور له على كبير.

أصل كلمة "عنخ"

بترجع كلمة "عنخ" المستعملة كتير في مصر القديمة بمعني الحياة المجيدة، واللي بنلاقيها أكتر ما بنلاقيها موجودة مقترنة بأسماء الملوك مع أسماء الآلهة، بترجع في أصلها المباشر للمصدر اللغوي العربي [ع ن ك] والعرب بتقول: "عَنَكَ الشيء" يعني تعقد وارتفع. وطبعًا كلنا نعرف إن حياة المجد مبتتحققش إلا بعد معاناة وألم..

وفي المعنى ده بيقول الشاعر العربي رؤبة بن العجاج:

«أَوْدَيْتَ إن لم تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك»

ومعناه: هلكت إن لم تحمل حمالتي بجهد.

نيجي بقى على مفتاح الحياة ورمزيته.

بيظهر مفتاح الحياة في نقوش المقابر المصرية، وغالبًا ما بنشوفه في حالة تصوير البعث بعد الموت للمتوفي صاحب المقبرة.

ومجموعة كبيرة من العلماء بيعتبروه رمز للحياة والولادة بسبب اقتراب شكله مع الرحم الأنثوي، فالمعروف إن الولادة بتتم بعد مشقة كبيرة ومعاناة.. وزي ما الطفل بينتقل من حياة محدودة داخل رحم الأم، بعد مشقة الولادة إلى حياة مفتوحة في الدنيا، بيتعرض كمان مرة وهو في مرحلة الكهولة والشيخوخة إنه ينتقل بمشقة للخروج من


رحم الحياة الدنيوية إلى عالم الحياة الآبدية "الآخرة" لكن الحياة الأبدية دي مش هتكون سعيدة ومجيدة إلا بعد اختبار "العنك" بالعربي، أو (العنخ) بالمصري القديم، وهو المشقة من أجل حياة أبدية سعيدة وممجدة، وزي ما الشعوب بتمر بمرحلة عنق الزجاجة وبعدين بعدها تنفتح على الحياة المزدهرة، فبالضبط هو ده العنْكْ أو بالمصري القديم العنخ.

اعتراضات واردة

طبعًا أي شخص ميعجبهوش الكلام ده ويعترض عليه، فله كل الحق، ف احنا ناس ديمقراطيين وبنقبل المعارضة، لكن اللي يحب يعترض مينساش يجيب معاه، وهو جاي يعترض، أصول ومصادر الكلمات اللي تعجبه.


ونصيحة برضو قبل تسجيل أي اعتراض من أي معترض إنه يشوف عينة الموضوعات اللي هشير إليها أسفل الموضوع ده عن أصول كلمات كلنا كنا بنتصورها مصرية صميمة، لكن اتضح إن أصلها عربي صرف. علشان ميتصورش المعترض إن كلامنا في مصطلح (عنخ) جاي صدفة أو ضربة حظ. 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1. جملة (كان رايح يبلفه قام التاني مكروته، الكرودية)

https://www.facebook.com/MOHAMED07th/posts/pfbid02Xjo2ckct1DKtrDuxPAHNWsQsbnUosJwE69xZiTr4CyUEjE8xGk8QsFDGRCE35EUml

2. كلمات: عشم، طناش، مُحن

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=4809787975761456&id=193371347403165

3. كلمة "مِيت" اللاحقة بأسماء قرى مثل ميت رهينة، ميت غمر، ميت أبو الكوم... إلخ